يعود سيد أحمد قارة إلى عالم شكسبير من جديد، وهذه المرة من خلال عمل مسرحي جديد سيقدم على ركح المسرح الوطني يوم الأحد على الساعة السابعة مساء·· عندما حضرت إلى بعض البروفات الأولية في قاعة الحاج عمر بالمسرح الوطني لمست جهدا من حيث تصميم الرؤية الإخراجية والمقاربة الحرة لمسرحية ''الملك لير'' ومن خلال هذه المقاربة يسعى المخرج سيد أحمد قارة إلى التركيز على بنات لير، ومن هنا، كان عنوان المسرحية ''بنات لير''·· ماذا يريد أن يقول لنا سيد أحمد قارة من خلال عمله الجديد، إن مأساة الملك لير يمكن النظر إليها من زاوية مختلفة ومغايرة، وتتمثل هذه الزاوية في أن مشكلة الحكم قد تنبع من أمور عائلية بحيث يفتح الطمع في خلافة الملك الذي حرم من الأبناء ''كل أبواب الشر'' وهنا يصبح الشر هو الذي يقود ويسوس ويرسم الحاضر والمستقبل·· تصبح بنات لير مصدر الفتنة، هنا يلتقي الحب المزيف لدى ادموند بالشجع الظاهر عند بنات لير، والدرس الذي تريد قراءة سيد أحمد قارة أن تطرحه من خلال هذا العمل الفني الذي قام بتصميم كوريغرافيته الفنان الموهوب سليمان حابس وأشرف على العمل الموسيقي زامي، أن الحكم عندما يصبح في لحظة الإنحطاط والعقم والتنافس الشرير هو الغاية قد يؤدي بالمملكة أو النظام إلى التفكك والإنهيار··· المسرحية سأعود إليها بعد غد في عرضها الأول بقراءة مفصلة، لكن ما أتمناه أن يحظى هذا العمل الواعد بجمهور من المتتبعين والنقاد·· فحظ سعيد للمسرح الوطني بعمله الجديد لهذه السنة·· - 2 - أجدني هذه الأحيان غارقا في ورشة فتحتها منذ فترة، وتتمثل في الاشتغال الأدبي والمسرحي، وهذا على صعيد التأليف على لحظات وأسماء مهمة في تاريخنا الثقافي، مثل محي الدين بن عربي، وإخوان الصفا وحسين الصباح· بالرغم أنه كانت هناك تجارب في المسرح من حيث مقاربة شخصيات مثل أبي الحيان التوحيدي عن المخرج المسرحي المغربي الطيب الصديقي، والجاحظ عن المسرحي العراقي الراحل محمد قاسم في عمله الجميل بغداد الأزل بين الجد والهزل، وشخصية الحلاج إلا أن المقاربة كانت مرتبطة بنزعة معينة في المسرح العربي كانت طاغية على جانب منها النظرة الإسقاطية والإحتفالية، لكن كيف لشخصية مثل بن عربي لم تستأثر باهتمام مخرجنا في السينما والمسرح والأدب··؟! - 3 - عن مكتبة ألف ورقة (ميلفاي) للصديق المكتبي سيد علي صخري، صدر كتاب تحت عنوان·· ''اليسار العربي·· رؤيا النهوض الكبير، نقد وتوقعات'' للمناضل الفلسطيني نايف حواتمة، وهو زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين·· وقد أعادني هذا الكتاب إلى لحظة تشكل وعيي الفكري يوم كنت طالبا في الجامعة في فترة بداية الثمانينيات، وكنت حينها، طبعا ولا زلت من مناصري القضية الفلسطينية، وبرغم التحولات العميقة التي حدثت في مسار النضال الفلسطيني·· إلا أن الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين لا تزال الوجه المشرق في مسار النضال الفلسطيني، وهذا انطلاقا من وفائها لمبادئها ورؤيتها في زمن السقوط العربي وفي زمن أزمة حركة التحرر العربية·· الكتاب الذي تمت إعادة طبعه في الجزائر سبق وأن صدر بدمشق وفي غزة وفي عمان وفي رام الله، وهو يتألف من خمسة فصول كبرى، وهي اليسار العربي، رؤيا النهوض الكبير، وفي الرؤيا والممارسة واليسار العربي الجديد واليسار الفلسطيني ونموذج الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ووثائق في مسار النضال، وصور وأحداث··· ويقول المناضل نايف حواتمة في هذا الكتاب، ملخصا نظرة اليسار الفلسطيني بأن·· أسوار الحالة العربية بأمراضها المزمنة، والزمن العربي الدائري تهتزان في الميدان أمام التحولات اليسارية الديمقراطية والتقدمية الجارية في العالم نحو تحرير العقل، الإصلاح والإنفتاح، العدالة الإجتماعية·· الشعارات العامة لا تقدم حلولا للأزمات العربية والفلسطينية المتراكمة، والأفق في يومنا يستدعي المراجعة النقدية والبرامج الملموسة، التحدي الكبير للسير مع قاطرة التاريخ··