شوقي مدني: العودة الأخيرة إلى ماجينو يوم الأربعاء 14 أكتوبر ,2009 رحل شوقي مدني الذي كان واحدا من أبرز الصحفيين الجزائريين، عندما تدهورت صحته بشكل مفاجئ ولم يتمكن الأطباء من إنقاذه، وقد نقل فورا من مكان إقامته بفندق المنار بسيدي فرج إلى مستشفى زرالدة حيث لفظ آخر أنفاسه، لينقل بعد ذلك إلى منطقة شلالة العذاورة المعروفة باسم ماجينو بولاية المدية مسقط رأسه ليدفن هناك· وقد أجبرته الظروف الصحية في الأشهر الأخيرة من حياته على الانقطاع بشكل كان يراه مؤقتا عن العمل الصحفي اليومي، وكان يعمل نائبا لرئيس التحرير بيومية وقت الجزائرالجديدة التي ذهب إليها قادما من الجزائر نيوز التي عمل فيها قبل ذلك، حيث ساهم فيها بكتاباته وتحليلاته المميزة·· والفقيد الذي تجاوز الخمسين من العمر ظل إلى آخر حياته يمارس العمل الصحفي الميداني، وتربطه صداقات واسعة مع الكثير من الصحفيين من مختلف الأجيال، وظل رغم سنه المتقدم نسبيا يجدد أسلوبه في الكتابة، وهي ميزة نادرة في الصحفيين الذين كثيرا ما تأخذهم المسؤولية عن ممارسة الإعلام بمفهومه المباشر· ورغم التجربة الإعلامية الطويلة، بقي الزميل الراحل شوقي مدني بلا سكن ولا سيارة، مجبرا على التنقل إلى قصر البخاري في كل مرة من أجل الالتقاء بزوجته وولديه نزيه الطالب الجامعي وريم ذات ال 14 سنة من عمرها لحظة وفاته· محمد عصامي: رحيل ''مناري'' آخر توفي في النصف الثاني من شهر أفريل الماضي الكاتب الصحفي محمد روابحي الذي عرفه قراؤه باسم محمد عصامي، وهو في الخمسينيات من عمره· ولم يكن الراحل عصامي أول ولا آخر الراحلين من الصحفيين الذين أجبرتهم الظروف الأمنية ثم الاجتماعية القاسية على الإقامة في فندق المنار بسيدي فرج، فقد مات هناك وحيدا ولم يكشف أمره إلا بعد مدة على رحيله عندما اضطر أعوان الدرك إلى تكسير باب غرفته ووجدوه ميتا· وعصامي الذي ترك ثلاثة أبناء عرف صحفيا في جريدة ألجي ربيبليكان قبل انتقاله إلى الوطن ولوماتان لتكون لوسوار دالجيري آخر محطاته· وكان واحدا من أشهر الكتّاب الصحفيين المتخصصين في الجماعات المسلحة، حيث صدرت له عدة كتب في هذا الشأن التي مازالت تشكل مرجعية حقيقية في فهم الجماعات المسلحة، ومن أشهر كتبه في هذا الشأن الفيس والإرهاب الذي رصد فيه تحولات المشهد الجزائري الذي انزلق إلى العمل المسلح في بداية تسعينيات القرن الماضي· ولدى رصده لتحولات ونشأة الجماعات المسلحة في الجزائر رجع إلى ظاهرة الأفغان العرب وما سمي ب الجهاد الأفغاني الذي شكل منعرجا حاسما في بروز ظاهرة الإسلام السياسي المسلح، والذي برز بشكل دموي في الجزائر عقب إلغاء المسار الانتخابي في جانفي .1992 باية قاسمي:أنا باية التي ودعتم في الرابع والعشرين من شهر أفريل الماضي، رحلت عن عالمنا الكاتبة الصحفية البارزة باية قاسمي في فرنسا إثر معاناتها الشديدة مع المرض العضال، وهي في العقد السادس من عمرها· وكانت آخر جريدة تديرها هي ليبوك الأسبوعية الساخرة الناطقة بالفرنسية والتي ناضلت كثيرا في سبيل تكريسها في الساحة الإعلامية الجزائرية قبل أن يتوقف الحلم نتيجة لظروف قاهرة، وقبل ذلك وبعده كانت باية من أبرز وأشجع الصحافيين الجزائريين، وهي خريجة جامعة السوربون بدبلوم في العلوم السياسية· وكانت باية قاسمي من أشهر الصحفيين الذين واكبوا تحولات الصحافة في الجزائر عقبل أحداث أكتوبر 1988 حيث ساهمت بفاعلية في إنجاح الصحافة الخاصة، واشتهرت بكتاباتها في مجلة ليكسبراس الفرنسية ومراسلتها لعدة وكالات منها وكالة رويترز للأنباء والتلفزيون الألماني، ومن أشهر كتبها الصحفية أنا نادية زوجة أمير الجيا الذي صدر عن دار لوساي الفرنسية وترجم إلى العربية وصدر بعنوان اعترافات زوجة إرهابي عن منشورات الخبر وحقق نجاحا كبيرا وشكّل مرجعا مهما لفهم ظاهرة الجامعات الإسلامية المسلحة من الداخل· وكانت الراحلة باية قاسمي تنوي مواصلة مشوارها الإعلامي المتميز بكثير من الإصرار والعناد الذي عرفت به، لكن مرض العضال اضطرها للبقاء في عزلتها العلاجية طيلة أشهر ليتوقف قلبها عن الحياة في نهاية الشهر الماضي· احميدة غزالي: صورة ليست أخيرة في ألبوم الراحلين في نهاية سبتمبر الماضي، فقدت الساحة الإعلامية واحد من أبرز الصحفيين المصورين الجزائريين، حيث عرف بروبورتاجاته المصورة التي أرخت للمشهد الدموي التسعيني في الجزائر، والتي نشرها بعضها في يومية الخبر التي كان يعمل بها آنذاك وعرض الكثير منها في معارض أقيمت في حياته وبعد وفاته· ورغم خبرته الصحفية الطويلة التي تمتد إلى سبعينيات القرن الماضي، فقد بقي احميدة غزالي مثالا للاحترافية والتواضع ومساعدة المصورين الصحفيين الناشئين ولم يترك الكاميرا إلا عندما باغته الموت بشكل مفاجئ وهو في السابعة والخمسين من عمره· وقبل تسعينيات القرن الماضي كان الراحل احميدة غزالي واحدا من أبرز المصورين الرياضيين، حيث ساهم في إنجاح مشروع أسبوعية المنتخب وهي أول جريدة رياضية متخصصة ناطقة بالعربية في تاريخ الجزائر المعاصر، حيث شكلت في وقتها ظاهرة إعلامية جديرة بالتقدير، وكان واحدا من أبرز صانعي نجاحها وأعطت مفهوما جديدا للصحافة المعربة في الجزائر التي تجاوزت لغة الخشب واعتنقت هموم الفئات الواسعة من الناس دون السقوط في الشعبوية· وكانت آخر محطة إعلامية للراحل احميدة غزالي بعد خروجه من يومية الخبر التي قضى سنين طويلة فيها هي جريدة الشروق اليومي حيث حافظ من خلالها على حيويته وصناعته للصورة الصحفية الحية إلى آخر يوم من حياته·