ووري التراب أول أمس الزميل شوقي مدني في جو جنائزي مهيب حضره سكان شلالة العذاورةوالمدية وسط جمهور من الصحفيين ومدراء النشر. كما شيّع الراحل إلى مثواه الأخير نواب من الغرفتين البرلمانيتين، وسياسيون ومسؤولون محليون ومركزيون بينهم موفدو أحزاب وممثل الوزير المنتدب مكلف بالاتصال، وكل من عرف الفقيد من قريب أو من بعيد. حضور ترجم جليا مكانة الزميل عند عموم الناس والخاصة. وكان الصحفي شوقي مدني غنيا عن التعريف، كان يحظى بشهرة وتقدير كبيرين في الوسط الإعلامي والسياسي وحتى المؤسساتي، حيث تعامل مع جميع الفئات في جمع ونشر الأخبار المتصلة بالسياسة ولاقتصاد والمجتمع. بدأ مشواره المهني انطلاقا من قسم الرياضة عام 1985بأسبوعية ''المنتخب'' الرياضية التابعة ليومية ''الشعب'' الحكومية قبل أن ينتقل إلى أسبوعية ''الصباح'' كرئيس تحرير مع مطلع الانفتاح السياسي والإعلامي ليلتحق في 1998بطاقم جريدة ''الخبر'' ويعمل بقسمها السياسي لمدة عشرية كاملة فرض خلالها قلمه بتميز وانفراد كتاباته الخبرية والتحليلية للأحداث الوطنية بأسلوب لافت، وذلك في ظل ظروف اجتماعية جد صعبة وأمنية قاهرة وهو يتنقل بين مقر السكن العائلي في قصر البخاري ومقر عمله بالعاصمة. عشرية قاوم صعابها بالصبر والبشاشة والابتسامة وسعة الصدر. رحل بعد ربع قرن من العطاء متنقلا بين عدة عناوين بعدما غادر ''الخبر'' ليرتحل بعد ذلك بين قاعات تحريرها ويدخل في فترة لااستقرار أثرت على مردوده وحالته النفسية، عمل خلالها بيوميات مثل االجزائر نيوزا وبوقت الجزائرب، على فترات متقطعة تخللها انقطاع بسبب سوء حالته الصحية. انقطاع انصرف خلاله شوقي رغبة في نقاهة لم تكتمل ولتحضير كتاب قال عنه اسياسي جداب لم يكتب له أن يرى النور. كان تواقا إلى أن يكلل به مسيرة طويلة وثرية إعلاميا وسياسيا، لكن فارقنا الزميل إلى غير رجعة وبقي الكتاب مشروعا مبعثرا. أعطى شوقي في مساره من تجربته توجيهات ونصائح لقوافل المبتدئين والناشئة في الحقل الإعلامي. هذا وكان رحمه الله يقطن، على غرار زملاء المهنة، بإحدى غرف فندق ''المنار'' شرق العاصمة تحت عنوان المساكن الأمنية. غرفة أخذت من عمره عمر المأساة الوطنية وحرمته من رعاية ابنيه لكون الفاصل بينهم مسافة تمتد على اجغرافية الموتا بين المدية والعاصمة التي كان يخاف أن تحصده بغتة، ووافته المنية في الغرفة نفسها وهو طريح الفراش. ففي صباح الأربعاء الماضي قضى المرحوم نحبه بعدما أصبح على آلام صدرية حادة ومباغتة لدرجة دفعته للصراخ طلبا للنجدة، إلا أنه فارق الحياة متأثرا في طريق إسعافه بالمستشفى رافعا سبابته إلى السماء مرددا الشهادتين وهو ينظر للمحيطين به من زملاء ونزلاء االمنارب مودعا الوداع الأخير دون أن يستسمح الحاضرين أو يسلم على الغائبين. رحل الزميل شوقي مدني في عز عطائه عن عمر ناهز 53عاما مخلفا ابنه نزيه وعمره 19سنة الذي حاز شهادة البكالوريا في جوان الماضي، وريم عمرها 41سنة. عاش المرحوم بسيطا، كريما وعاملا ومات غريبا في وطنه ليس له عنوان. مات في صورة مأساوية بفندق االمنارب تلخص مأساة آلاف الصحفيين والصحفيات في الظل والصمت. الوداع يا صديقي ورحمك الله ومن سبقوك وأثابك خير الثواب على صبرك وحلمك وألهم ذويك الصبر والسلوان.