الحب في زمن الإفلونزا كل مساء أجلس كحارس مقبرة متقاعد أفتت خبزا يابساً على حافة النافذة ولا أنتظر شيئا عدا زيارة غير متوقعة لابنة الجيران لتكسر رتابة القصيدة ، بقدميها الحافيتين وتطيرُ بخصلات شعرها الملقاة على عاتق الهواء أحقادٌ بحجم طيور القطا في سماء مغبرة· كل مساء تتسع الأحلام كبحر تتكسَّر الأصوات من حولي كأمواج هدَّها التعب ولا تأتي الفتاة بعشرين ربيعا تزيِّن فستانها القصير لتوشوش في أذني أشياء عن الحب في زمن الإفلونزا· كل مساء تغادرني الحياة في هدوء الموتى وأكتب عن عصافير صغيرة لا تحترم وحدتي في كثرتها وفتاة لعينيها في المساء إحالة على تقاعد مسبق· فوتوغرافيا كان يعرف أنها تمتلئ بالحب جسدها بفستانه الملون أشبه بمنطاد يزاحم الغيوم التي تؤثث سماءه الصغيرة تهزه الرغبة فيتحرك الكرسي المحاذي للنافذة تطير الأكليشيهات في الهواء تطير معها الصور المكدسة فوق المكتب لعابرة تضع عطرا غريبا وتفتش في شَعره الرمادي عن لحظة حنان كأن يدها تمتد إلى جراحِه القديمة واللقاء يبدأ بتجاوز نسبة السكَّر في دمها الحد الطبيعي لأن كلامه محفوف بالدفء والندى كهمس الورود في اللوحات القديمة· في كتفه المسنود إلى كرسي متحرك وشمٌ لوردتين حوله تحلق فراشات هربت من فستان صديقته وعلى مرمى جسده المقعد قصيدة بالأبيض والأسود· صديقي يحب المايونيز وأنا أمضي إلى وسط المدينة تمكنتُ من أخذ قيلولة قصيرة لم تتجاوز حدود اللياقة العامة حيث نحتشد في مركبة زرقاء بلا ستائر ولا مكيف هواء الصيف والمدينة لا يدخلان في رُزنامة الشاعر ، ربما لهذا أعانق الأشجار وظلالها بالتمني· صديقي يحب المايونيز والحسناوات وهما المبدءان اللذان قامت عليهما حياتي منذ أيام حضرتُ كمية كبيرة من المايونيز يدويا ، وقد كنت بارعا في ذلك ، حركتُ ذراعي بشكل سريع وانسيابي وجعلتُ الأمر يبدو كأنه انتقام من صديقتي التي تقضي عطلة الصيف في حضن البحر· أدمنتُ أكل المايونيز في مدة قصيرة جدا وخنت كم حسناء بترك جسدها عاريا في السرير والتسلل إلى الثلاجة ليلا·· يحدث أحيانا أن أتأمل الحياة من نافذة مفتوحة لحافلة لكنني غالبا ما أغفو ، وأشعر أن ذبابةً لو تقمصت لغتي لراقصتها لأن الحديث عن رغبات صديق غائب ليس بريئاً ولا يترك مسافة الأمان بين القصيدة والكلام المصاب بضربة شمس·