بوعيه المعرفي المتقد، كان الدكتور نصر حامد أبو زيد أحد أبرز حراس جماليات الفكر التأويلي المبدع وأحد أهم الداعين للنقدية العقلانية الحديثة، ضداً من وباء الظلاميين· ولقد حاز بدأبه العصامي أعلى الدرجات الأكاديمية، كما استحق أن يكون الفقيه التنويري المختلف والشارح الأكاديمي الناضج، وصاحب المنتج الثقافي الفذ عوضاً عن أنه انتزع احترام رؤيته الفكرية جراء مبدأيته ودأبه العلمي الرفيع، رافضاً الرضوخ ومقاوماً للخراب بالرغم من معاناته المشهودة من قبل التدليسيين بسبب أرائه الجريئة المثيرة للجدل والانتقام· على أنه الدكتور نصر حامد أبو زيد الذي ناطح السلفيين بتطبيقاته الفلسفية الرحبة ليصبح رمزاً مستقبلياً - لدى قطاع واسع من التقدميين العرب - حيث اعتمد الحرية كهاجس إنساني وأكاديمي ··· كما ظل مثالاً رفيعاً لذلك المثقف الموضوعي والحيوي في عزّ اللحظات الصعبة؛ في حين عرّى بنية العقل العربي الديني وفضح أزمته بكل اقتدار: أزمة التفكير الخرافي غير الاجتهادي ··· وكارثية السلطة التي استخدمت النص تعضيداً لمشروعها السيئ، كما أفسدت المثقفين ولوّثت مشاريع التفكير المستقل· سلاماً على روحه وهو يرحل غريباً في منفاه، كواحد من صناع التغيير وكمناضل تنويري قدير فاض بطاقة الحسّ السليم للمعرفة، هو الذي سكن وجداننا وهزم التكفيريين بأعماله القيمة ك ''الاتجاه العقلي في التفسير'' و ''النص، السلطة، الحقيقة'' وليس انتهاءً ب ''الإمام الشافعي وتأسيس إيديولوجية الوسط''·