عاشت مدينة تيزي وزو، أول أمس، عرسا إفريقيا وعربيا منفتحا على مختلف الطبوع والثقافات تجسدت في عمل استعراضي عبر شوارع عاصمة جرجرة حضره جمهور كثيف، وشكل هذا العرس بادرة افتتاح فعاليات الطبعة الخامسة من المهرجان الثقافي العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري· وخلال الفترة المسائية، قدمت أربعة فرق فلكلورية عروضا مختلفة ومميزة، وهي فرقة ''ثازيبا'' من آث يني، فرقة سيدي بلال من معسكر، فرقة ''أصايل'' من فلسطين وفرقة ''إثران ندالمولود'' التابعة لدار مولود معمري· شهد يوم افتتاح الطبعة الخامسة للمهرجان الثقافي العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري توافد جماهير غفيرة غصت بهم قاعة الحفلات الكبرى لدار الثقافة مولود معمري· وقد بدأت هذه الأمسية الفنية الفرقة الفلكلورية ''ثازيبا'' من منطقة آث يني، التي قدمت رقصات فلكلورية أصيلة مأخوذة من الموروث الثقافي القبائلي، تلتها فيما بعد رقصة الأعراس التي تظهر الطريقة القبائلية خلال قيام الحنة للعروسين، اللذان تزينا باللباس التقليدي، والتي انسجمت بمقاطع غنائية المشهورة في آث يني· والعرض الثاني قدمته فرقة ''سيدي بلال'' من معسكر، بطابع الفناوي، حيث جسد أعضاءها فوق الركح عدة حركات ورقصات تقليدية ترجمت الموروث الثقافي لمنطقة معسكر، وقد ميزت هذه الفرقة عن سابقتها، حيث قدمت رقصاتها باستعمال آلات موسيقية تقليدية مثل القارقابو والفمبري، وأدوا عدة أغاني ومدائح أخذت كلماتها من الديوان والحديث النبوي الشريف والقرآن الكريم، وقدموا رقصة ثانية تعرف ب ''رقصة الصيد'' تنقل الطريقة التي يعتمد عليها أهل معسكر قديما لصيد فريستهم، واستخدموا كل وسائل الصيد كالرمح، السيوف، الخناجر··· وغيرها، وتخللت هذه الرقصة بعض المشاهد التي تنقل صور المعارك بالسوق والأسلحة البيضاء، تلتها فيما بعد فرقة ''أصايل'' الفلسطينية، المتكونة من مجموعة من الشباب الممثلين الذين ظهروا بالزي الفلسطيني التقليدي المسمى ''الكفياء'' باللونين الأبيض والأسود، هذه الفرقة الفلكلورية رفعت التحدي رغم الاحتلال الإسرائيلي، وجمع أعضاءها حب الأرض ليغنوا ويرقصوا للوطن، وقد قدم هؤلاء الشباب الفلسطينيين رقصات فلكلورية تترجم تراث الرقص الشعبي الفلسطيني، حيث أبهروا الجمهور بحركاتهم الدقيقة والمتوازنة. وما ميز هذه الفرقة عن سابقتها هو اعتمادها أكثر على الحركات الكوريغرافية، وقد نجح مصمم الكوريغرافيا في تصميم هذه الحركات التي جُسدت بامتياز فوق الخشبة· وعرضت هذه الرقصات تحت أغاني وأناشيد وطنية وثورية وتحررية تمجد فلسطين أرضا ووطنا، والحلم في تحرير الأراضي المحتلة بالصمود والأمل، وأدوا كذلك عدة أغاني يمجدون من خلالها الثورة التحريرية الجزائرية، وأغاني الاعتزاز والفخر والمجد يشكرون من خلال موقف الجزائر شعبا وحكومة من القضية الفلسطينية، وقد ظهر هؤلاء الممثلون بملامح امتزجت بين الحزن الشديد جراء الاحتلال الصهيوني لفلسطين مع السعادة الكبيرة من المحبة والمساندة الجزائرية. هذه المشاهد الفنية أثرت نفسيا على الجمهور القبائلي الذي ظهر متأثرا جدا نظرا لنجاح هؤلاء الممثلين في نقل معاناة الشعب الفلسطيني· ووقع الدور الأخير من هذه الأمسية فرقة ''إثران ندالمولود'' التي قدمت رقصات قبائلية خفيفة وأصيلة، وأظهرت وبحركات كوريغرافية مميزة كيفية جني الزيتون بمنطقة القبائل. وما زاد جمال هذا العرض تلك الزغاريد الصاخبة التي أطلقتها العديد من النساء اللائي حضرن العرض، وأنهوا الأمسية برقصات قبائلية خفيفة منسجمة بإيقاعات البندير، الطبل والغيطة.. حيث سافروا بالجمهور إلى أجواء التراث والتقاليد القبائلية العريقة من حيث مضمون العرض الذي جسّد باللباس التقليدي القبائلي باللونين الأصفر والأبيض، وقد نجح أعضاء فرقة ''إثران ندالمولود'' التي خطفت الأضواء من هذه السهرة، وبشهادة الجميع، في تجسيد رقصاتهم التمثيلية، وهي تجربة تفاعل معها الجمهور بحرارة وصفق لها كثيرا، وهو ما يعبّر عن ارتباط هؤلاء بثقافتهم الأصيلة·