من المنجيات من الفتن: أن تتنازل عن حقك في الدنيا، وإن كان الصبر على ذلك شاقاً على النفس، كما جاء في سنن أبي داود: '' إن السعيد لمن جنّب الفتن ثلاثاً ولمن ابتُلي فصبر فواهاً''، ومن كانت الفتنة تحيط به ولا منجى له منها فليفرّ بدينه من الفتن أو ليكثر من العبادة كما في الحديث : '' العبادة في الفتنة كالهجرة إليّ''، والتزود بالأعمال الصالحة مطلوب للوقاية من الفتنة قبل وقوعها، قال صلى الله عليه وسلم: ''بادروا بالأعمال فتناً''. يقول النووي في شرح الحديث: '' معنى الحديث الحث على المبادرة إلى الأعمال قبل تعذرها، والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتراكمة المتكاثرة''. ومن كان يملك أسباب الفتنة فليتخلص منها كما جاء في الحديث:'' كسّروا فيها قِسيّكم'' حتى إن كعب بن مالك رضي الله عنه يذكر في قصة الثلاثة الذين خُلفوا؛ كيف جاءه كتاب من ملك غسان وفيه''....قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فَالْحَقْ بنا نواسك'' يقول كعب: ''فقلت لما قرأتها: وهذا أيضا من البلاء فتيمّمت التنّور فسجرته بها''. وحاولْ في الفتنة ألاّ تكون أميرا فإن أسامة رضي الله عنه كان يقول: '' ما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميرا على رجلين : أنت خير'' يقول ابن حجر : '' فكان أسامة يرى أنه لا يتأمّر على أحد، وإلى ذلك أشار بقوله: لا أقول للأمير : إنه خير الناس''. والدعاء بالحماية من شرور الفتن سبب من أسباب النجاة ففي مسند أحمد: '' وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون'' وفي دعاء عمر رضي الله عنه : '' نعوذ بالله من شر الفتن'' وقال أنس رضي الله عنه: ''عائذاً بالله من شر الفتن''. وينجيك عند الله أن تنكر الفتنة، ولا ترضى بها، ولا تعين عليها، قال صلى الله عليه وسلم: ''... وأي قلب أنكرها نكتت فيه نُكتة بيضاء حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض''. ومن أهم المنجيات أن يفقه المرء دينه، وأن يميز حدود الشرع دون التباس فقد نقل ابن حجر عن ابن أبي شيبة حديثاً عن حذيفة يقول فيه: '' لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك، إنما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل''. ورغم كل هذه الأسباب المنجية وغيرها، لا بد للقلب من أن يبقى معلقاً بالله، وحقاً: ''إن السعيد لمن جُنّب الفتن'' فاجتناب الفتن حفظ رباني، أكثر من كونه كسباً بشرياً، فخذ بالأسباب واستعن بالله.