تخصيص مجلس للوزراء للنظر في المشروع التمهيدي المتعلق بقانون ضبط ميزانية ,2008 حيث سيتم استنطاق الأرقام التي تم استهلاكها من أغلفة مالية ومخصصات، والتي ستقارن مع الإنجازات المحققة والاستهلاك المسجل من قبل القطاعات الوزارية، هي من أهم الممارسات التي تبعث الأمل، لولا أنها في حاجة إلى تدقيق أكثر لو نوقشت أولا من قبل لجنة برلمانية يبادر بتشكيلها البرلمان في كل سنة بالموازاة مع مناقشة قانون المالية، لكونها تتطلب كثيرا من الوقت والدقة من جهة، ومعرفة وضعية القطاعات قبل أن تحدد ميزانيات سنوية، حيث تخضع المقاربات المالية الكبيرة والخطيرة أحيانا للشفافية الحقيقية.. تقييم الاستهلاك المالي أمام مجلس الوزراء سيضفي بالتأكيد كثيرا من المصداقية على ممارسات الجهاز التنفيذي بصورة عامة وقطاع المالية بصفة خاصة، لذا كان من مهام وزير المالية كريم جودي تولي مهمة تقديم المشروع التمهيدي لقانون ضبط الميزانية لسنة ,2008 وهو ما يعني أن الوزير سيقف أمام الرئيس ليقيم الاستهلاك المالي باستنطاق الأرقام المسجلة مقارنة مع ما حققته من إنجازات·· الأمر الذي سيضفي نجاعة أكثر على مشاريع كل قطاع على حدة، ومقارنتها بما تم استهلاكه من أغلفة ومخصصات مالية لسنة ,2008 وهو ما سيؤدي أيضا إلى تحديد الإعتمادات المتبقية وتفصيل أسباب عدم صرفها، ومن المؤكد أن تلك العملية ستفرز جدية الوزراء وقدرتهم على مدى تنفيذ لمشاريع، كما ستفضح المتقاعسين الذين نتمنى أن يجدوا طريقهم مفتوحا للتسريح. وعلى قدر أهمية المشاريع التي طرحت على مجلس وزراء الأسبوع الماضي، وعلى قدر أهمية وزير المالية، الناطق الرسمي باسم القطاعات الوزارية الأخرى، إلا أنه من الأجدر له أن يطرح إشكالية المسألة المالية في قطاعه، كقضية تسيير البنوك، قضية السيولة المالية وقضية تطوير التنمية التكنولوجية في قطاعه، الذي ما زال مختلفا عن ركب تكنولوجيات الإعلام، والتي يعرف أبسط الناس أنه بدونها لا يمكن أن يتحرك الاقتصاد الوطني·· لأن جمود الاقتصاد هو من جمود المنظومة المالية بأكملها.. على الوزير، الناطق الرسمي باسم القطاعات كذلك، أن يطرح قضية النقد المالي لدى المواطن الذي يرتبط ارتباطا جذريا بتطور تعميم التكنولوجيات الحديثة في كافة القطاعات، بما فيها معاملات المواطن البسيط، وبالأخص طرح قضية الصرف التي تحدد وتقيد المواطن البسيط الذي يعرف مصدر دخله الشهري، في حين تسهل لأصحاب الملايين بالصرف في ''سكوار بورسعيد'' بسهولة تامة·· عجبا·· لبنوك تسمح للمواطن أن يفتح حسابا بالعملة الصعبة يضع فيه ملايين الدولارات نقدا دون أن تسأله عن مصدرها، لكنها تحاصره بترسانة من القوانين إن هو أدخل صكا معروفا مصدره، بل ويجبر على تحويله للدينار·· تناقضات كبيرة يعيشها عالما المال والبنوك·· تناقضات نريدها أن تزول لأننا نريد أن نتغير، نريد أن يكون نظامنا صالحا وشفافا، نريده أن يكون مثل قطاعات غيرنا من الدول، وهذا لن يكون، وكلنا يعرف، دون تحرير البنوك، عبر قوانين ومحاسبة طبعا، وحدها وزارة المالية من يستطيع البث في ذلك·· ووحدها وزارة المالية من يستطيع أن يكون القطاع شفافا، ثم تأتي القطاعات الأخرى.. وضمن هذا السياق نفسه، كان يجدر بالسيد جودي أن يطرح على جدول أعمال مجلس الوزراء، وإلى جانب نقاطه السبع (7) الأساسية، والتي من أهمها المشروع التمهيدي المتعلق بقانون ضبط الميزانية لسنة ,2008 نقطة ضبط وزارة المالية في حد ذاتها، حتى يقوم بتطوير قطاعه ويسهل التعاملات المالية بين كافة القطاعات بنفس الدرجة. من الأهمية بمكان سيدي الوزير، العمل على تسريع صرف ميزانية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية·· التي بدونها وبدون الشفافية فيها وبدون إدخال المعلوماتية لا نستطيع أبدا القضاء على التخلف ولا على المتطفلين على المعاملات الإقتصادية، ولا على اللصوص والمفسدين الذين يصطادون في الغموض، ويلعبون في الفضاء المغلق، ويستغنون من الفضاءات الملتوية والطرق المعقدة··· وفي الأخير أوجه سؤالي للسيد جودي، هل استطاع قطاعكم بالمواصفات التي تعملون بها أن يحمينا من الفساد والتلاعب والسرقة الموصوفة وغير الموصوفة في قطاع المالية··؟