يكابد الأئمة الجزائريون الذين انتدبتهم السلطات الجزائرية منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، قبل إنهاء الانتداب في سنة ,2006 وضعية معقدة لم يجدوا حتى الآن مخرجا لها، رغم المناشدات المتكررة للسلطات الجزائرية بالنظر لمشاكلهم المترتبة عن إنهاء مهامهم ورفضهم العودة إلى الجزائر· ويحمّل الأئمة الذين أنهي انتدابهم، السلطات الجزائرية مسؤولية المآل المزري، حيث أمرتهم بالبقاء في مناصبهم بداية التسعينيات بعد تردي الأوضاع الأمنية في البلاد، بعد رفض السلطات الفرنسية منح التأشيرة لبعثات أخرى كان من المقرر إرسالها لتعويض البعثات المنتهية فترة خدمتها· ومن مبررات الرفض الفرنسي مخاوف من تسلل أئمة موالين من الفيس المحل· ولم يبق أمام الأئمة المعنيين إلا البقاء في مناصبهم ومزاولة مهامهم في إمامة المساجد، على ضوء اتفاق بين مسجد باريس والسلطات الجزائرية، يقضي بتكفل المسجد المذكور بصرف رواتب الأئمة إلى غاية ,1995 حيث استفاد هؤلاء المؤطرون من إعادة تجديد الانتداب لسنة واحدة قابلة للتمديد· ولم يعمّر هذا الاستقرار طويلا، حيث تفاجأ الأئمة المنتدبون بقرار وزارة الشؤون الدينية بإنهاء مهامهم مطلع العام 2005 ولم تفلح المساعي لدى المسؤولين الجزائريين في إيجاد حل لوضعية اجتماعية معقدة، إذ أن أغلب الأئمة غادروا التراب الوطني لاستلام مهامهم الجديدة برفقة أهاليهم الذين مع مرور الوقت ارتبطوا بالمجتمع الفرنسي واندمجوا فيه بفعل عوامل الدراسة والعمل وأشياء أخرى، ما جعل أمر عودتهم شبه مستحيل· ويصارع الأئمة، اليوم، مشكلا آخر يتعلق بالتأمين الاجتماعي، إذ ومنذ إنهاء الانتداب لم يعد الأئمة يتمتعون بحق التعويض الاجتماعي، حسب ما جاء في رسالة بحوزة ''الجزائر نيوز'' تضمنت أمثلة تعكس متاعب بعض الحالات في الاستفادة من الرعاية الصحية لدى المؤسسات الاستشفائية الفرنسية· وتذكر الرسالة حالة إمام يطالبه المستشفى بدفع 5 آلاف يورو، وحالة إحدى المرشدات أكثر تعقيدا، إذ وبعد وضع حملها طالبتها عيادة الولادة ب 10 آلاف يورو· هذه الحالتان تعتبران، على لسان أحد الأئمة في اتصاله بالجريدة، عينة فقط لما يعيشه بقية زملائهم، حيث يقول: ''بعد أن استجبنا لطلب السلطات الجزائرية بضمان مهمتنا في تأطير الجالية لسنوات، هاهي ترد لنا الجميل بحرماننا من أبسط الحقوق!''·