استكمال الترسانة القانونية المنظمة للقطاع بآليات جديدة    زيتوني يفتتح معرض المنتجات الجزائرية بالدوحة    ضرورة توحيد الجهود النقابية الدولية لدعم القضية الصحراوية    وقفة تضامنية مع الشعب والصحفيين الفلسطينيين"شهداء الكلمة    البويرة: وفاة شخص وإصابة آخر في حادث مرور بالطريق السيار شرق-غرب في بلدية بودربالة    برنامج عمل اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته يرمي إلى تقليص عدد الإصابات والوفيات    وزارة الصناعة تتخذ عديد إجراءات    تذكروا "بيغاسوس".. الجوسسة باستعمال التكنولوجيا أمر واقع    تأكيد رغبة الجزائر في تبادل الخبرات في المجالات الاقتصادية    وزير المجاهدين يستقبل "عمي جعفر"    بلعابد يشارك في اجتماع إدارة مركز اليونيسكو للتميز في التعليم    عقوبات ضد المتعاملين المتسبّبين في ندرة الأدوية    لجنة الانضباط تعاقب 3 أندية وتوقف الحارس ليتيم    اجتماع المجموعة الجيوسياسية الإفريقية : إشادة بدور الجزائر في مكافحة الإرهاب    مشروع قانون المالية:فتح أكثر من 69525 منصب مالي في 2025    صحة: إحياء اليوم الوطني للمتبرعين بالدم بالجزائر    مقتبس عن رواية "ابن الفقير" للكاتب مولود فرعون:عرض فيلم "فورولو" في المهرجان الوطني للفيلم الأمازيغي السبت المقبل    صادي يجري محادثات مع شخصيات بأديس أبابا..قرارات هامة في الجمعية العمومية للكاف    وديتان للمنتخب الوطني للسيدات بنيجيريا    تيارت تستكمل كل التحضيرات    بيون يطالب الوفود النّقابية الأجنبية بالضغط على حكومات بلدانها    الرابطة الأولى: اتحاد الجزائر يرتقي إلى الصدارة, أولمبي الشلف يواصل تعثراته    مسؤول في هيرتا برلين يصف مازة ب"جوهرة" النادي    آدم وناس مطلوب في أودينيزي وسمبدوريا الإيطاليين    التحكيم في قفص الاتهام، احتجاجات بالجملة و"الفار" خارج التغطية    التحام العمال الفلسطينيين والصحراويين لوقف الظلم    القرارات الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية هزيمة ذريعة للمغرب    قرار محكمة العدل الأوروبية مكسب جديد للصحراويين و أكبر رد لدعاية الإحتلال المخزني    9 محتالين يجمعون تبرعات باسم مرضى السرطان    القبض على محترفي سرقة الهواتف    260 إصابة بالكيس المائي    ردا على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها تل أبيب بقطاع غزة.. اجتماع عربي يدعو لتنفيذ قرارات عقابية ضد إسرائيل    "المساء" ترصد ما خققه الثقافة والفنون في 4 سنوات    الطبعة 18 من 26 إلى 30 أكتوبر    الجيش الصحراوي يكبد جنود الاحتلال المغربي بقطاع المحبس خسائر في الأرواح والمعدات    أنابيب نقل الغاز الجزائرية ضمان لأمن الطاقة الأوروبي    توسيع طاقة تخزين الأدوية في 3 ولايات    سطيف.. استفادة أزيد من 60 ألف طالب جامعي من التأمين الاجتماعي    أيام حول الانتساب للضمان الاجتماعي في الجامعة    مهرجان الجزائر الدولي للسينما: دعوة لمهنيي الفن السابع للمشاركة في فضاء "سينما ماركت"    توقيع اتفاقيات تفاهم بين جامعات قسنطينة 1و2 و3 و شركة هواوي    "نوبل" تنتصر لتاء التأنيث    سفير جنوب افريقيا: "اللجنة الثنائية ستلتئم نهاية 2024 بالجزائر العاصمة"    وزارة السكن تقاضي المُتسبّبين    الرئيس يأمر بإنجاز فيلم الأمير    انطلاق حلقات تحفيظ القرآن    مُستعدّون للتحرّك من أجل تسقيف الأسعار    أساتذة وطلبة يُثمّنون التدابير الرئاسية    بخوش يرافع لمشروع قانون المالية 2025    نقل 8 مليون مسافر عبر مطارات الجزائر    يوم تكويني حول الأحكام الجديدة    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    شبيبة القبائل تمر بفترة عصيبة    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات عادية جدا
نشر في الجزائر نيوز يوم 18 - 10 - 2010

لا يبدو الوضع الثقافي العربي أكثر تفاؤلا، الردح السياسي العربي ينتقل بطريقة ما إلى الثقافة، مبدعون نحن العرب بتشويه صورتنا وتشويه ثقافتنا وتشويه أنفسنا، نستحق نوبل على أدائنا في التشويه..
السبت
شوارع دمشق فارغة يوم السبت، نزلت صباحا من البيت، الشوارع شبه فارغة من الحركة، السبت هو اليوم الثاني من عطلة نهاية الأسبوع في سوريا، لا مؤسسات، لا دوائر، لا جامعات، لا مدارس، وحده اتحاد الكتاب العرب، حيث أعمل يفتح أبوابه يوم السبت ويغلقها الخميس والجمعة!! نزلت باكرا اليوم، ثمة برودة خريفية رائعة، وأنا صاحبة مزاج خريفي وشتوي، أحب خريف دمشق مثلما أحب شتاءها، دائما أكتشف أن مزاج القراءة والكتابة عندي يتوهج مع الخريف ويزداد ألقا في الشتاء، نزلت باكرا من البيت، شوارع دمشق شبه افارغة وأول برودة الخريف تحرض شهوة المشي، ''صباح الخير يا جارة إيش منزلك بكير من البيت اليوم''؟؟ سألتني جارتنا الفلسطينية، التي كانت تحمل بيدها أكياس خضار وفاكهة، بلهجتها النابلسية الأليفة، اللهجة الفلسطينية عموما تسمعها دائما في دمشق، في الشارع، من سائقي الطاكسي، البائعين، بعض موظفي الدوائر، من الأصدقاء الصحفيين والإعلاميين والكتّاب، اللهجة هذه هي الدليل الوحيد على أن صاحبها فلسطيني الأصل، عدا هذا فلا يمكن لأحد أن يفرّق بين السوري السوري والسوري الفلسطيني، ثمة سوريون، قلت هذا في حوار تلفزيوني أجري معي ذات يوم، أشد انتماء لفلسطين وقضيتها من بعض الفلسطينيين أنفسهم!! تذهلني دائما دمشق بقدرتها على الاحتواء، كل من يدخلها يصبح جزءا من نسيجها الساحر دون أن يفقد الداخل خصوصيته ودون أن تصبح هذه الخصوصية نافرة !! تسمع اللهجة العراقية في دمشق في كل مكان أيضا، ويخبرك العراقيون الذين عاشوا لفترة في دمشق أن حنينهم لها لا يقل عن حنينهم لبغداد، وهذا شعور كل من زار دمشق من العرب وحتى من غير العرب، تسمع فيها كل اللهجات السورية على اختلافها، مناطقيا وإثنيا، لن تصبح دمشق هي نفسها دمشق لو غادرها كل هولاء، كنت أفكر وأنا أمشي في طريقي إلى الاتحاد أحاول أن أجد طريقا مستقيما بين آلاف السيارات الواقفة على جانبي الطرقات وعلى الأرصفة وفي مداخل العمارات، يا إلهي كيف تستوعب دمشق كل هذا العدد من السيارات ووسائل النقل العامة والخاصة؟! ظهرا اتصلت ببعض الأصدقاء، الروائي خليل صويلح والشاعر خضر الآغا والصديقة شكران الإمامئ مديرة قاعة ''فاتح المدرس'' التشكيلية وأرملته، واتفقنا أن نلتقي في مقهى الروضة، مكاننا شبه اليومي، لنمارس بعض النميمية الثقافية خصوصا وأن انتخابات اتحاد الكتاب العرب قريبة، اتفقنا أن نذهب مساء لحضور افتتاح معرض الفنان التشكيلي السوري الجميل ''عبد الله مراد''! مررت في طريقي إلى سوق الخضار، في البيت، ابنتي نائمة، عمرها 23 عاما، تخرجت قبل شهر من المعهد العالي للفنون المسرحية، وبانتظار عمل ما، تسهر طيلة الليل مع أصدقائها عبر الأنترنت وتنام حتى منتصف النهار، مذهل عالم الأنترنت بقدرته على سلب الوقت وسلب الكائن من حالته ومن عزلته ليدخله حالة أخرى أشد فردانية وأشد انعزالا، عالم كامل من الافتراض يعيشه مدمنو الأنترنت والفيس بوك ومواقع التشات، صداقات افتراضية وعلاقات حب افتراضية وحوارات افتراضية ومعارك ثقافية وسياسية افتراضية، حياة صاخبة بالكامل بصمت مطبق، هل سيصبح ساكن الأرض القادم بلا حنجرة بناء على فرضية أن العضو الذي لا يستخدم يضمر؟؟!! يلتغي الصوت مع استخدام الأنترنت، الانفعالات التي يعبّر عنها الصوت تم استبدالها بإشارات وأشكال ورموز غريبة، الصوت هو إحدى وسائل التواصل البشري الأكثر أهمية، قد تعجب بصورة شخص ما حد الهوس لكنك حين تقابله وتسمع صوته تنفر منه كليا، وقد يحدث العكس (الأذن تعشق قبل العين أحيانا) هذا الشعور انتهى نهائيا مع وجود عالم التواصل الافتراضي!! أيقظت ابنتي وجهزنا الطعام، وباعتبار أن معظم وقتها تقضيه بلا كلام كان لابد لها من بعض تدريبات الصوت المتمثلة في نقاشات بيننا تصل أحيانا حد الشجار، كعادة أية أم وحيدة مع ابنة وحيدة!! في قيلولة بعد الظهر تابعت قراءة كتاب ممتع ''الشعر السوري في العصر الهيلنستي'' كتاب جميل جدا صادر عن الهيئة السورية العامة للكتاب، الشعر شعر في أي زمن وفي أي مكان، سأكتب عنه مقالا موسعا وأرسله إلى جريدة المستقبل، مساء اتصلت (ببول شاوول) إلى بيروت تحدثنا عن الشعر قليلا وأخبرني عن وضع بيروت حاليا!! ترى لو كان لبنان أقل جمالا، لو لم تكن بيروت متنفسا حضاريا وثقافيا، هل كانت ستحب من قبل الجميع بطريقة أقل تدميرية وأقل عنفا ودموية مما هي طريقة ''الجميع'' في التعبير عن حبهم لها!! فكرت بعد أن أنهيت المكالمة !! ليلا، اتصلت بي صديقتي الشاعرة المصرية الجميلة (جهان عمر)، شاهدت على إحدى المحطات الفضائية فيلما ساحرا (like the water to the chocolate) وهو مأخوذ عن رواية للروائية المكسيكية (لاورا ايسكيفل).
الأحد
استيقظت صباحا، فتحت النت، عدة إيميلات وصلتني خلال اليومين الماضيين، إيميلات سلام وكلام من أصدقاء بعيدين ومن معارف، فتحت مواقع الصحف العربية، بدأت بالأخبار السياسية، لا يمكن لي أن لا أقرأ أخبار السياسة الصباحية، أعتقد أنها عادة معظمنا، نحن الموجودين في هذه المنطقة من العالم المحكوم عليها بالبقاء بؤرة للتوتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، معظم أخبار هذا الصباح، وككل صباح، محبطة، تفجيرات انتحارية في العراق لا يذهب ضحيتها غير الأبرياء، في أفغانستان، في الباكستان، مشاكل في السودان والصومال، خلافات بين أهل البيت الواحد في فلسطين، وكأنهم لا يكفيهم ما يفعله بهم الاحتلال الإسرائيلي والأنظمة العربية، خلافات عربية عربية دائمة، وضع معيشي سيء في معظم الدول العربية ينتج عنفا واضحا، سرقات وقتل، تخلف وفتاوى دينيةئ عجيبة غريبة وصلت إلى حد يشبه المهزلة، متى سنجد حلا جذريا لمشاكلنا كعرب، ازداد اقتناعا أن الحل يبدأ أولا بفصل الدين عن الدولة وبتكريس إحساس المواطنة لدى الفرد العربي بعيدا عن سلطة الدين وذهنيته القطيعية!! ولكن حتى هذا الحل يبدو بعيد المنال في ظل سيطرة سلطات وأنظمة تستمد وجودها واستمرارها من تحالفها مع القوى الدينية المتطرفة وغير المتطرفة !! لا يبدو الوضع الثقافي العربي أكثر تفاؤلا، الردح السياسي العربي ينتقل بطريقة ما إلى الثقافة، مبدعون نحن العرب بتشويه صورتنا وتشويه ثقافتنا وتشويه أنفسنا، نستحق نوبل على أدائنا في التشويه، خصوصا وأن (أدونيس) مرشح دائم لنوبل وهذا ما يستفز الكثير من المثقفين العرب الذين ما إن يقترب موعد الإعلان عن ترشيحات نوبل حتى يبدأون في شتم (أدونيس) في خطورة استباقية في حال فوزه بنوبل، وكأننا نعلن أن الثقافة العربية لا تستحق أن تحظى بجائزة مثل نوبل. وبغض النظر عما تثيره شخصية (أدونيس) الثقافية من إشكالات عديدة، إلا أنه يبقى أحد العلامات الثقافية العربية الأهم في التاريخ الحديث، ومع ذلك نجد أنه لا يستحق نوبل، فكيف سيستحقها إذا من هم أقل منه حضورا وشهرة وفعالية من المثقفين العرب، غريب حالنا فعلا نحن العرب!!
الاثنين
اتصلت والدتي صباحا من طرطوس، اليوم هو الذكرى الرابعة عشر لرحيل والدي الشاعر السوري (محمد عمران)، تخبرني أنها ستوزع الخبز، عن روحه، على سكان قريتنا جميعهم كعادتها كل سنة، نوع نادر من النساء هي أمي، عاشت مع الوسط الثقافي العربي، أكثر الأوساط تعقيدا وانفصاما وظلت كما هي، سيدة أنيقة وجميلة ودافئة ومحبة تشبه بطريقة ما إلهة يونانية بطبيعتها وبشكلها، ومن قدرها أن تعيش ضمن هذا الوسط حتى بعد رحيل زوجها، عبر ابنتيها، أنا وشقيقتي (حلا) الممثلة المسرحية، أخذنا أنا و(حلا) الكثير من والدي، نزق الإبداع ومزاجيته، أنا أكثر من شقيقتي خصوصا لجهة الفوضى، كان (محمد عمران) يعيش الشعر قدر ما يكتبه، حياته وشخصيته هي حياة وشخصية شاعر حقيقي، طيبته، حساسيته، هشاشته، زهده، علاقته بالحياة ورؤيته للعالم، بطريقة ما أنا أكثر شبها به من باقي أخوتي، أشعر أنه يرافقني في كل ما أفعله، يؤنبني بلطف أحيانا ويضحك معي على بعض المواقف الغبية التي أوقع نفسي بها، تدمع عيناه عند كل نجاح أحققه!!! لم يفارقني ولا للحظة، وجوده بحياتي يومي ودائم مع أنني نادرا ما أزور قبره، أزوره تحت إلحاح من والدتي، لا تعنيني القبور، هي مجرد مجاز عن مرور كائن على هذه الأرض، الشعراء والمبدعون لا يحتاج تأكيد وجودهم إلى المجاز، وكذلك من أحببناهم في حياتنا وفقدناهم، هم يرافقوننا في كل لحظة، لا حاجة للقبر لتذكيرنا بهم.
الثلاثاء
رسالة إلكترونية من الجزائر فيها موعد السفر والإقامة والعودة بدعوة من (صالون الجزائر الثقافي) للمشاركة في أمسية شعرية هناك، سعيدة جدا بهذه الدعوة، زرت الجزائر قبل عامين ونصف، كانت زيارتي الأولى لها، سحرتني حقا، مفاجئ جمالها كان لي، طبيعتها الجغرافية، مزاجها الخاص، طبيعة الشخصية الجزائرية التي تبدو قاسية وجافة من الخارج خصوصا مع تراكم النظرة المسبقة عن الجزائريين التي كرسها الإعلام العربي عن التطرف الإرهابي في الجزائر، لكن الحقيقة مختلفة تماما، شخصية سلسة وطيبة وخجولة وبنفس الوقت عميقة ومثقفة ومبدئية تماما بلا أي انفصام أو التباس في الرؤية والوعي!! سعيدة فعلا بهذه الرحلة القريبة إلى الجزائر! بعد الظهر مررت لأشرب النسكافيه في مرسم صديقي الفنان التشكيلي (صفوان داحول) راقبته وهو يرسم إحدى لوحاته، ثمة علاقة وثيقة بين الشعر والتشكيل، علاقة غير مفهومة للطرفين ولكنها موجودة بطريقة ما، تحدثنا عن هذا الأمر طويلا أنا وصفوان، لديه لوحة دائمة يسميها هو (الأيقونة) أوحت لي نصا شعريا بنفس العنوان (الأيقونة) اشتغل عليه حاليا. مشتاقة لصديقي اللبناني (غسان جواد)ئ مشتاقة إلى كرم روحه وبياض قلبه اتصلت به، وقال إنه سيأتي قريبا إلى دمشق وطبعا على عادته الموعد مؤجل دائما!! ليلا تحدثت عبر الماسينجر مع صديقتي الشاعرة السورية (أميرة أبو الحسن) المقيمة في السويداء، ومع صديقتي (هند المجلي) في درعا واتفقنا على موعد للغداء بعد ايام في (الميدان) حيث الطبخ الشامي العريق.
الأربعاء
تغديت اليوم في بيت شقيقي، طفلتاه رائعتان، اللعب مع الأطفال أحد الطرق العجيبة في التخلص من الطاقة السلبية التي توجد في داخل الكائن البشري، في المساء كنت أرغب في المشي، ذهبت إلى دمشق القديمة، بدءا من قلعة دمشق مرورا بشوارع (الحميدية) نحو (الجامع الأموي) و(القباقبية) و(القيمرية) و(شارع الأمين) حتى (باب توما) و(باب شرقي) أكثر مناطق دمشق دفئا وحميمية، الشوارع الضيقة مع الجدران المتلاصقة مع رائحة الزمن التي تعبق في هذا المكان الذي عمره آلاف السنين، هذا المكان بالتحديد هو أول الأماكن المأهولة في البشرية !! الزمن !! ما الذي يشكله الكائن البشري في الزمن؟! عبور سريع في امتداد لا نهائي لا أكثر، تذكرت (باشلار) وكتابه الجميل (جدلية الزمن) مع أنني كتركيبة شخصية لا أعول كثيرا على الزمن، أنا آنية جدا ولحظوية، لا يشغلني الماضي ولا أعول على الزمن كوسيلة لحل ما تعجز (اللحظة) عن حله!! اتصلت (بريم يسوف) صديقتي التشكيلية التقينا في مقهى (النوفرة) الذي خلده (نزار قباني) في إحدى قصائده، ثم ذهبنا ليلا للسهر في (شي نو) مع بعض الأصدقاء التشكيليين والشعراء والممثلين. اتصال من المخرج الأردني الصديق (نادر عمران) أقلقني قليلا!!
الخميس
أول يوم في عطلة نهاية الأسبوع عندي، يوم خاص لتنظيف البيت، أيقظت (نينار) ابنتي باكرا لمساعدتي، اليوم أيضا قضيت وقتا طويلا على الماسينجر وعلى الفيس بوك مع بعض الأصدقاء، تلقيت اتصالا من الشاعر (عاطف عبد العزيز) صديق المصري الدافئ ومن بلجيكا من (طه عدنان) الشاعر المغربي الجمبل، أرسلت إيميلات عديدة وتحدثت عن الشعر عبر الماسينجر مع الشاعر التونسي الرائع (المنصف الوهايبي) تذكرنا (الملاجة) ومهرجان السنديان والأصدقاء جميعا،، إيميل من الليبي (عاشور الطويبي) يخبرني أنه سيكون في دمشق بعد أيام!! عاشور هو أكثر الأصدقاء القادرين على مدي بشحنة معنويات عالية كلما بدأت بالخمود، مشتاقة له، فكرت اليوم أن حظي في الحياة هو في أصدقائي، لديّ أصدقاء رائعون في كل مكان، الصداقة أكثر أهمية من الحب وأكثر أصالة وحقيقية، في الحب هناك مساحة كبيرة للوهم والخداع، أفقه محدد ومعروف، الصداقة مفتوحة على الوضوح وعلى احتمالات عديدة غنية ومتنوعة، لكن هل يمكن العيش بلا حب؟؟ أنهيت قراءة الأعمال الكاملة (لوديع سعادة) شاعر مذهل حقا وقد يكون أهم شعراء قصيدة النثر العرب، اتصلت بهئ ليلا على هاتفه اللبناني، قال لي إنه سيعود إلى أستراليا بعد أيام، حزنت، شاعر بحجمه يجب أن يُستثمر أكثر لصالح المشهد الشعري العربي الحديث ولصالح القصيدة الجديدة، لكن طبيعة (وديع سعادة) الشخصية أكثر شفافية ونقاء وحساسية من أن يكون نجما إعلاميا كغيره.
الجمعة
يوم للكسل والاسترخاء ومشاهدة التلفزيون، بعد أيام قليلة سأكون في الجزائر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.