يتساءل كثيرون، منذ تردي الأوضاع الداخلية في الأفلان، عن موقف الرئيس بوتفليقة منها، وعن خلفية صمته إزاءها وتركه الرجل، الذي قيل إنه عين بوتفليقة في الحزب، يتخبط وسط سيل جارف من الانتقادات، تكاد تعصف به··· المعلومات التي استقيناها من أحد الوجوه السياسية الكبيرة في الحزب، تقول إن الوضع الذي آل إليه بلخادم اليوم، هو في جزء هام منه، بسبب غضب بوتفليقة عليه زيادة عن المناضلين· ببساطة، تقول مصادرنا من الأفلان إن بوتفليقة غاضب على بلخادم، وغضبه هذا هو الذي أجج حدة الغضب عليه داخل الأفلان ولعب دورا هاما بعد تسرب أخبار عن الخلفيات· ويستند مصدر ''الجزائر نيوز'' إلى معلومتين بالغتي الأهمية، الأولى تقول إن الأمين العام عبد العزيز بلخادم قال في جلسة غير رسمية مع محافظين لجبهة التحرير الوطني، إن ''بوتفليقة يمثل آخر رأس لجيل نوفمبري يحكم البلاد، وبعده سيأتي دوركم''· وهي المعلومة التي انتشرت داخل بيت الجبهة انتشار النار في الهشيم· وحسب مصدرنا، فإن بلخادم كان يريد -ضمنيا- شحذ همم المناضلين من أجل تحضير الأفلان إلى مرحلة ما بعد بوتفليقة التي يروج لها البعض على أنها تدور على شكل حرب في الكواليس، في وقت لا يزال الرئيس يمارس مهامه الدستورية دون أي إشكال· كما أن الدستور نفسه يعطي له الحق في الترشح مستقبلا دون قيد أو شرط وبشكل مفتوح، مشيرا إلى أن هذا الكلام الذي لم يحسب له بلخادم أي حساب، جعل الأخير يرتكب نفس الخطأ الذي ارتكبه علي بن فليس حين بدأ يرى نفسه رئيسا، بينما جاء به بوتفليقة ليعينه على أداء مهامه، مضيفا أنه ما كان على بلخادم أن يثير هذا الموضوع بهذا الشكل، بل زاد عليه في إحدى التصريحات الإعلامية قبل شهر بأن ترشحه للرئاسيات القادمة يتطلب عدم ترشح بوتفليقة· وهو كلام لم يكن له أي سياق أو مبرر سياسي لشخص في منصب بلخادم في الحكومة وفي الجبهة وحتى كرقم في ''اللعبة السياسية''، يضيف المصدر· كل هذا تزامن مع الغضب الكبير الذي ساد مؤتمر جبهة التحرير الوطني التاسع وما بعده، إثر ظهور تشكيلة المكتب السياسي الجديد، الأمر الذي دفع برجالات من الوزن الثقيل في الأفلان تستوضح رأي بوتفليقة من أقرب المقربين إليه كرئيس للجبهة حول ما يجري في الحزب وما إذا كان فعلا هذا الأخير، أولا موافقا على تركيبة المكتب السياسي وثانيا على الطريقة التي تم وفقها اختيار رجاله· وكانت الإجابة صادمة لهؤلاء، حين تبين أن القائمة اطلع عليها عبد العزيز بوتفليقة، بعدما نُقل إليه عن بلخادم بأنها منجزة بتوافق واستشارات كبيرة، وانكشف أن بلخادم كان يمارس تضليلا موصوفا قبل وخلال المؤتمر على المناضلين، مستعملا بشكل مفرط اسم الرئيس لوقف أية احتجاجات والترويج لكل ما كان يتخذه من قرار بأنها إرادة الرئيس، هذا هو السبب الثاني· ويقول مصدرنا إن هناك عدة مؤشرات لتخلي الرئيس بوتفليقة عن بلخادم، كتخليه عن تمثيله في كثير من المناسبات الدولية، وقد لاحظ الجميع كيف أن الرئيس بوتفليقة، يُعيّن عبد القادر بن صالح تارة وأويحيى تارة أخرى لينوبا عنه دوليا، بينما عبد العزيز بلخادم ممثله الشخصي لا يحظى بذلك منذ فترة طويلة· وزاد في قناعة هؤلاء انضمام وزراء عاملين في الحكومة حاليا إلى موجة الاحتجاج، وهو الأمر الذي لم يكن ليحصل لو لم يكن هناك غض للطرف عنه من جهة عليا· أكثر من ذلك، فإن بلخادم حاليا يوجد في علاقة باردة للغاية مع أحد مهندسي الانقلابات في الجبهة، عبد القادر حجار، إذ وصلت العلاقة بينهما -حسب معلومات مؤكدة- إلى توسط أحد كبار الأفلان، لكي يتبادلان تحية العيد وعبر الهاتف فقط· فوق هذا، أصبحت التقارير الأمنية التي يتم تحريرها حول أوضاع القسمات والمحافظات عبر مناطق الجمهورية، تحمل إشارات عديدة إلى الإخلال بالنظام العام، خاصة بعد خروج كثير منها عن المقرات، وزاد من تأجيجها تحريض بلخادم على قطع الرؤوس، إذ أصبح يسأل المحافظين عن الامتدادات التي يمثلونها خصومه في الجبهة في ولايات متعددة، مما شجع البعض على إقصاء العديد من المناضلين، اعتقادا منهم بأن بلخادم يتصرف باسم الرئيس· وعن النتيجة المنتظرة لهذه القبضة الحديدية داخل الجبهة، يقول المصدر إن المناضلين تفطنوا للتضليل الذي كان يمارسه بلخادم عليهم في المؤتمر بعد أيام قليلة من انتهائه، وهذا ما جعل موجة العداء تتصاعد تجاهه وتجاه الفريق غير المناسب لقيادة المراحل القادمة، لاسيما التشريعيات والمحليات القادمة، ''ويحتمل الأمر أحد الخيارين، إما أن يرحل بلخادم وإما أن يتم إيجاد صيغة لتصحيح مسار الحزب ومؤسساته والأيام القادمة القريبة ستحدد الصيغة، كون الاجتماعات والتنسيقات لا تتوقف منذ المؤتمر للبحث عن الكيفية''· عبد اللطيف بلقايم -------------------------------------------------- هل سيضحك بلخادم من الحركة التصحيحية؟ يحاول الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني التهوين مما يحدث له داخل الحزب من مناوئيه ومعارضيه في السر والعلن، مع محاولة امتصاص موجة الغضب الذي بدأ يأخذ فعل كرة الثلج مع كل يوم يمضي، من خلال القول إن ما يحدث هو مجرد تسابق للمناضلين داخل القسمات وأنه ''ظاهرة صحية''· ولو كان الأمر كما يدعي الأمين العام للأفلان، مجرد تسابق وظاهرة صحية، ما كان ليدعو مناضليه إلى ''عدم إضعاف الحزب''، وأنه ''إن كان لأي شخص رأي فليتوجه إلى اللجنة المركزية وليطرحه أمامها''، مؤكدا أنه ''ليست لنا خصومة شخصية مع الناس إطلاقا''· وجدد بلخادم التأكيد بأن هؤلاء الأشخاص أمامهم اللجنة المركزية والهيئات القاعدية للحزب ''فليتقدموا وليترشحوا''، أما ''قضية الوصاية -كما قال- فقد انتهت''، وهي لغة تختلف تماما عن العبارة الأولى التي قال فيها ''حركة تصحيحية أمر مضحك''· وكان يمكن أن يكون الأمر كذلك، لو أن الأمر يتعلق بحزب آخر، أما والأمر يخص الأفلان، فإن كلام الأمين العام بلخادم لا يستقيم، أولا لأن هذا الحزب لا يتحرك وفق قاعدة ''القاعدة تؤثر في القمة''، بل على العكس من ذلك، فإن تحرك القاعدة ما هو إلا تمظهر وتجل لما يحدث في القمة· والدليل أن الذي أثار الرأي العام والإعلام في التداعيات الأخيرة للحزب، ليس الاحتجاجات التي عرفتها القسمات والمشادات التي كانت بين المناضلين، بقدر ما كانت الخرجات الإعلامية لوزراء لهم وزنهم داخل الحزب وأعضاء من اللجنة المركزية، أي أن التململ حاصل في الفوق وليس تحت، كما يريد بلخادم أن يوهم به· الأمر الثاني الذي يؤكد أن بلخادم، على الأقل، ليس في وضع مريح داخل الحزب، أنه جنح، على غير العادة، إلى ما يشبه المعارضة للسلطة· وهي حالة معروفة لدى قيادة الأفلان وبالأخص لدى بلخادم، كلما أحست أنها هدف للإطاحة، وهو ما يفسر عدم استعمال بلخادم لقفازات، خلال اجتماعه بالمنتخبين المحليين مؤخرا، وانتقاده لمشروع قانون البلدية، وإن كان قد استدرك الأمر لاحقا ونفى معارضته للمشروع، مهذبا الطرح بقوله ''الحد الأدنى المتفق عليه مع أحزاب التحالف ووزارة الداخلية والجماعات المحلية'' وبالحزب لديه طرح بخصوص هذا الموضوع'' وأنه ''حريص لأن يستجيب القانون لانشغالات المواطنين والمواطنات في تسيير الجماعات المحلية باعتبارها ركيزة الدولة''· كما يفسر محاولة بلخادم إثارة الانتباه إلى أمور أخرى غير الذي يحدث داخل الحزب، بأن انتقد بأكثر حدة بيان السياسة العامة للحكومة التي يقودها الأمين العام للأرندي، الحزب الغريم للأفلان، كما دعا بلخادم نوابه، على غير العادة أيضا، إلى وجوب ذكر النقائص أو الاختلالات إن وجدت وذلك بما يسمح بتصحيحها سواء تعلق الأمر بالتأخر في الانجاز أو بإعادة التقييم أو بالنسبة للفجوات التي يلاحظها نواب الأمة بخصوص سير التنمية في عموم الوطن''، مشيرا إلى نوابه بأنهم يشكلون الأغلبية· مهدي براش --------------------------------------------------د أزمة الأفلان تمتد إلى المجلس الدستوري أحمد خنشول ل ''الجزائر نيوز'': الترشح حق يمنحه البرلمان وليس بلخادم تأخر إلى أجل غير مسمى اجتماع مكتب المجلس الشعبي الوطني لاختيار مترشحي الأحزاب، تحسبا للتجديد النصفي لأعضاء المجلس الدستوري بسبب أزمة تمرد جديدة داخل الأفلان الذي رشح النائب محمد ضيف عن ولاية ورقلة، للعضوية، بينما أبدى كل من أحمد خنشول النائب عن ولاية قسنطينة ومحمد حماني سيناتور عن ولاية إيليزي استعمال حقهما في الترشح ضد إرادة بلخادم، مما جعل أزمة الأفلان تمتد إلى المجلس الدستوري، وتؤكد دخول الأفلان مرحلة فلتان شبه كلية· يبدو أن كل شيء خرج عن سيطرة الأمين العام عبد العزيز بلخادم، فبعد عصيان مباشر من طرف يحياوي خلال التجديد النصفي لمجلس الأمة الأخير وترشحه خارج الأفلان، أصبح العصيان الأفلاني داخل مؤسسات الدولة ثقافة مكرسة، وكرّست معها انفلات الأمور بين يدي الأمين العام عبد العزيز بلخادم· المجلس الدستوري الذي يحتاج تنظيميا إلى تجديد أعضائه التسعة نصفيا، تعطل على مستوى البرلمان، رغم أن الآرندي سبق الجبهة في تحديد مرشحه في هيئة بوعلام بسايح، بينما اختيار الأفلان لضيف محمد النائب عن ولاية ورقلة لتمثيله في المجلس الدستوري لم يرق للبعض، ''بسبب أن الخيارات الآن أصبحت في الجبهة تتخذ على خلفية الولاءات'' يقول مصدر على صلة بالموضوع· فأحمد خنشول النائب عن قسنطينة ومحمد حماني السيناتور الممثل لإيليزي ينويان الترشح لعضوية المجلس الدستوري ضد إرادة بلخادم، ويقول أحمد خنشول في هذا الصدد في تصريح ل ''الجزائر نيوز''، أمس، ''أنه حق من حقوقي ولا يملك أحد أن يتدخل فيه وهذا حق تمنحه عضوية المجلس الشعبي الوطني وليس بلخادم أو الجبهة''، مؤكدا أن التهديدات التي يطلقها البعض ضده في حالة ترشحه ضد من اختارته الجبهة، وهو محمد ضيف النائب عن ولاية ورقلة ''لم أتلق صداها ولم يُبلغن أي أحد بضرورة هجر هذه الرغبة''· من جهة أخرى، نقل مصدر عن السيناتور محمد حماني أن هذا الأخير أيضا يرغب في التقدم لعضوية المجلس الدستوري، ''غير أن الموضوع لم يفصل فيه نهائيا بعد''، وأوضح كمال بوناح النائب عن ولاية قسنطينة إن الجبهة حاليا ''عليلة للغاية وإن استمرت بهذا الشكل ستشهد أفظع السيناريوهات السياسية خلال الاستحقاقات القادمة''· جدير بالذكر أن أعضاء المجلس الدستوري تسعة، يعيّن رئيس الجمهورية ثلاثة منهم بمن فيهم الرئيس، زائد أربعة من البرلمان، واثنان يمثلان مجلس الدولة والمحكمة العليا·