تتحدث مصادر إعلامية ومنظمات محلية ودولية في اليونان عن مغادرة آلاف الأجانب خلال الفترة الأخيرة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية وفقدانهم الأمل في إيجاد أعمال مناسبة مع ارتفاع نسبة البطالة في هذا البلد· فقد نبه أصحاب مكاتب السفر إلى ظاهرة شراء مئات الأجانب تذاكر ذهاب إلى بلادهم دون عودة رغم أن الكثيرين منهم حاصلون على الإقامة الدائمة، وهو ما يفهم منه انسداد آفاق العمل والمستقبل أمام هؤلاء في أثينا· ولا تقتصر حركة المغادرة على المهاجرين الاقتصاديين، بل بدأت تشمل طالبي اللجوء السياسي كذلك، خاصة في ظل سياسة أثينا التي لا تمنح حق اللجوء إلا في حدود ضئيلة للغاية· من جهته، رئيس منتدى المهاجرين في اليونان، معاوية أحمد، يصنف الأجانب الذين يغادرون، إلى مجموعتين الأولى تتألف من مهاجرين اقتصاديين مقيمين في اليونان بشكل قانوني لكنهم فضلوا الرحيل بسبب البطالة، أما المجموعة الثانية فتضم خليطا من المهاجرين الاقتصاديين وطالبي اللجوء الذين لم يستطيعوا الحصول على حق الإقامة رغم وجودهم في البلاد لمدة سنوات عديدة· وأضاف أحمد أن الكثيرين من الأجانب كانوا قبل سنوات يتصلون كثيرا للسؤال عن الأوضاع القانونية للمهاجرين، لكنهم خلال الفترة الأخيرة بدأوا يتصلون فقط للحصول على ثمن تذكرة عودة إلى بلادهم بعدما يئسوا من إصلاح أوضاعهم· ومما سهل رحيل مئات الأجانب -يضيف أحمد- أن الحكومة اليونانية كانت وضعت برنامجا لتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين لديها إلى بلدانهم، بالتعاون مع السفارات التي كانت تسهل حصول المهاجرين من مواطنيها على وثائق سفر مؤقتة· وأوضح أحمد أن الكثير من الشباب المقيمين في اليونان لسنوات طويلة يكتشفون أنهم علقوا في مصيدة، فلا هم يستطيعون الإنتقال إلى بلاد أوروبية أخرى بسبب الاتفاقيات الموقعة بين دول الاتحاد الأوروبي وإجراءات مراقبة الحدود المشددة في إطار اتفاقيات ''فرونتيكس''، ولا هم يستطيعون إيجاد عمل في اليونان· ولفت إلى أنه رغم تنامي التيار اليميني المتطرف خلال السنتين الماضيتين، لم يلحظ بعد خروج الأجانب من اليونان بسبب مضايقات التيار المذكور، مرجحا أن يكون السبب وراء ذلك هو استهداف المتطرفين مؤخرا لطالبي اللجوء الأفغانيين بشكل رئيسي، وهؤلاء ليس لديهم أي سبيل للعودة إلى بلدانهم حاليا· ورجح أن يكون الشباب الذين يفكرون في الهجرة إلى أوروبا غير مدركين للأوضاع التي سيتعرضون لها في اليونان حيث تأثير المجموعات المتاجرة بتهريب البشر ووعودهم لهم بتحسين أحوالهم بمجرد وصولهم إلى تلك البلاد· من جانبه، أوضح دانييل إيسذراس ممثل منظمة الهجرة العالمية -وهي منظمة دولية تعمل على إعادة توطين المهاجرين- أن منظمته نفذت خلال الفترة الماضية برنامج عودة طوعية للمهاجرين ومساعدتهم على العودة إلى بلدانهم الأصلية بعد التحقق من هوية المتقدم وسلامة سجله العدلي· وقال، إيسذراس، أن ثلاثمائة من إجمالي 450 شخصا إستفادوا من برنامج العودة الطوعية معظمهم من أفغانستان وكردستان العراق وباكستان وبنغلاديش والسودان، وكان جلهم لا يملك حتى وثائق شخصية، موضحا أن الإتحاد الأوروبي يتكفل ب 75 % من تكلفة البرنامج، فيما تتكفل الحكومة اليونانية بالنسبة المتبقية·