هل تعلم يا شعبي الطيب أن العلم الوطني بألوانه البيضاء والخضراء ونجمته وهلاله الأحمرين، والذي تخرج به إلى الشوارع هاتفا ''وان تو ثري فيفا لالجيري'' كلما انتصر الفريق الوطني لكرة القدم·· هل تعلم يا شعبي الطيب أن هذا العلم قد صنع في الصين، إن لم يكن كله فعلى الأقل، فإن أغلب الأعلام الوطنية المعلقة في الإدارات العمومية والخصوصية وفي الشوارع وفي الساحات قد صنعت في الصين·· وهي الأعلام التي يزداد عليها الطلب كلما اقترب تاريخ المناسبات والأعياد الوطنية من أول نوفمبر إلى الخامس جويلية إلى الحادي عشر ديسمبر إلى السابع عشر أكتوبر إلى التاسع عشر ماي وغيرها··· وفي كل خرجات رئيس الجمهورية إلى الولايات·· نعم العلم الجزائري يصنع في الصين ويرفرف تحت سماء الجزائر· وفي سنوات غير بعيدة كنا نقول إننا نصنع الإبرة هنا ونرسلها إلى الصين تُثْقَبَ هناك ثم نستوردها مثقوبة لنخيط بها قماشنا·· الآن لا إبرة ولا هم يحزنون كل شيء نستورده جاهزا من الصين، حتى العمال من الصين. عجيب أمرنا، الزلط والتفرعين، ففي الوقت الذي يدور فيه الكلام المدمغج عن الإنعاش الاقتصادي ودعم المؤسسات الاقتصادية العمومية ما شابه من الكلمات السمينة·· في هذا الوقت ترسو كل يوم سفن ضخمة بموانئنا من كل جهات الدنيا محمّلة بما نأكل وما نلبس وما ننظف به أجسادنا وبيوتنا وأيضا بالأعلام التي نحملها في كل مناسبة فرح·· لقد تجاوزنا بها العيب بمئات الكيلومترات·· ومؤخرا قرأت في الصحافة أن حتى العملة الوطنية خاصة الأوراق الحمراء من فئة الألف دينار التي يسميها الشعب ''الطورو'' نظرا للرسم الذي فيها، وهي على نفس الدورو المسكين الذي لم تعد له أي قيمة·· نعم حتى العملة الوطنية تزوّر في الصين وتدخل عبر شبكات تزوير متمكنة وتسوق في السوق الوطنية. الحقيقة تقول إن الصينيين استعمرونا ودخلوا حياتنا كالنعاس، رغم أني أحترم كثيرا الشعب الصيني وأحترم حضارته وأحترم أيضا أخلاقهم ومثابرتهم وتقديسهم الرهيب للعمل.. لكن عيب علينا·· وقد قال الرسول محمد بن عبد الله (ص) ''اطلبوا العِلْم ولو في الصين''، ونحن اليوم نطلب من الصين كل شيء ولا نطلب العلم ولا أي شيء آخر يشبهه· فبدل طلب العلم من الصين أصبحنا نطلب منهم الأعلام الوطنية·· وتلك ثالثة الأثافي.. فالدولة كان لزاما عليها دعم مؤسسة ''إيناديتكس'' المسكينة في مثل هذه الصناعات الخفيفة لإنعاشها وإنعاش جيوب وحياة عمالها الممهدين بالتسريح والبطالة.