لست أدري كيف كبرت في رأسي النعرة المجنونة، وأنا بفندق في أحد أكبر شوارع القاهرة• فبعد أن تصفحت بعض الجرائد المحلية والعربية والعالمية عبر الأتنرنت، قررت أن أقاطع الملتقى الذي جئت لأشارك فيه حول إشكالية ''البطل في الأدب العربي''•• وأنزل إلى الشارع في مظاهرة فردية سلمية•• لست أدري كيف جاءتني فكرة أن ألبس فستانا أخضر وأضع فوق كتفي شالا أخضر، وأعصب رأسي بمنديل أخضر• فككت العلم الصغير مذهب الأطراف من بين الأعلام المغروسة في البهو والتي تدل على مجموع الدول المشاركة في الملتقى• فور عبوري الباب الكبير للفندق، أشهرت العلم الجزائري، ورفعته عاليا، وبدأت أسير وأهتف بصوت عال وبشدة: - وان، تو، ثري•• فيفا لالجيري - وان، تو، ثري فيفا لالجيري••!! لم أكن أعير انتباها لهؤلاء الذين كانوا ينظرون إليّ ويتفحصونني من المارة•• لم يكن يهمني اندهاشهم، لم يكن يهمني تغامزهم• قلت في نفسي: - لا تبالي فأنت في مهمة تاريخية••! وبعقيرة مرتفعة واصلت : - وان، تو، ثري•• فيفا لالجيري•• وان تو•• وما هي إلا أمتار، فإذا بي وجها لوجه مع أديب مصري شهير جدا• حاولت أن أتجاهله ولكنه بادرني بالحديث: - إزيك يا أديبة؟ بتعملي إيه هنا حضرتك ؟ المحاضرة ابتدت ولا برضو لسة؟• لكنني أجبته على الفور ببرودة: -لا محاضرة ولا خبيز مسلوق•• ما تهدرش معايا !! - الله••؟ إنت زعلانة ولا إيه؟؟ - شتمتمونا وضربتم لاعبينا، رفيق صايفي، ورفيق حليش، وخالد لموشية ، في داركم عيب عليكم !! - مين دول؟؟ قال مندهشا وهو يقلب كفيه فتبدو عروقهما خضراء من خلال التجاعيد، لكنني واصلت بحدة: - سنسحقكم بأربعة أهداف بحول الله، وسنتأهل للمونديال إن شاء الله، وسنذيقكم السم الزعاف إن شاء الله إن شاء الله•! - إنت تتكلمي على إيه على الكوورة؟؟ قالها ثم ضحك بمرارة • - نعم أنتم تغارون من بلدنا الجمهورية الديموقراطية الشعبية! - والنبي ؟؟ - والنبي واصحابو عشرة !• - يا ستي•• بلا جمهورية بلا نيلة •• جمهورية إيه دي اللي من غير شر؟ وانتو يا عيني بسلامتكم تنتخبوا ب 94 بالمية؟؟ ملكية دي•• مش جمهورية ولا ديموقراطية ولا شعبية ولا زفت! - الزفت في عينك•• وعلاش انتم جمهورية زعمة؟ متى انتخبتم آخر رئيس لكم؟ ثم إن شاء الله ستصيرون ملكية بعون الله والملك فاروق••عن قريب وسأذكرك !!• - إحنا متعادلين هدف مقابل هدف مش كدة؟ إنتو كمان ما عندكو فاروق زينا ولاّ أنا غلطان؟ - أحنا يا خويا شعب أخرَج الإستعمار البغيض، وسجل عليه ضربة جزاء تاريخية في شباكه، مازال العالم بأسره يذكرها•• مشي كيفكم• - واحنا، يا مدام، شعب تخلص من رئيسو لأنو كان في وضعية تسلل• - بصح يا خويا، حتى حاجة ما تغيرت عندكم•• دار لقمان على حالها•• والماتش بلا غول! - وانتو يعني تغبرت حاجة عندكو؟ بس نحو الأسوء آه• تستاهلو البطاقة الحمرة•• الفقر والظلم والتخلف وشبابكو، يا كبدي، يرمي روحو في البحر• - وعلاش أنتما عنكم المدينة الفاضلة؟ من أسبوعين قتل المئات من المساكين في قطار الفقراء• - وإنتو مش من أسبوعين ثار الفقراء في حي بعاصمتكم؟ ملوا يا عيني من النوم في العراء•• على الأقل إحنا عندنا استقال الوزير ابتاع النقل بعد الحادثة•• وانتو؟ ولا حا ة • !!! قال ذلك وهو ينفض يديه ثم أضاف: - على فكرة•• قولي لي سيادتك•• بتنيلو إيه ببترولكم وثرواتكم •• بستين نيلة؟ - توزع بالعدل والقسطاس على الناس•• مشي نقدمها قرابين لأبي الهول•• قلت ذلك وأنا أرفع جبهتي عاليا • - يا سلام ••إزاي يعني؟ قال وهو يضرب كفا على ظهر كف• - والله العظيم ، فقراءنا أحسن من فقراءكم وأغنياءكم كمان•! -أحنا بلد الحرية الشخصية الفردية والخماسية والجماعية، واش ما على بالكش ؟؟! تضاحك الدكتور ثم قال: - بس إحنا أدباءنا أحسن من أدباءكو ••مين اللي جب جائزة نوبل للعرب أهوووه؟؟؟ - احنا عندنا آسيا جبار رايحة تجيب خير من نوبل و راح تشوف•• - مين؟ مين دي؟ - شفت؟ أنتما ما تعرفو علينا والو، واحنا نعرفو عليكم كل شيء•• بعدئذ هممت بترك الأديب الكبير والكرة في ملعبه، فرفعت العلم عاليا من جديد، ومعه رفعت صوتي بهتاف عال جدا، مهللة: - وان، تو، ثري •• فيفا لالجيري••وان•تو ، ثري•• - كنت واثقة الخطوة أمشي ملكا• - رايحة فين يا ست الكل؟ إنت زعلت••؟ قاعة المحاضرات من هنا•• - لا •• بقا على خير خويا•• أنا رايحة للمونديال•• وان، تو، ثري•• فيفا لالجيري !!!