عاشت ولاية تيزي وزو، الأربعاء المنصرم، ليلة بيضاء احتفالا بفوز المنتخب الوطني الجزائري على نظيره المصري في المقابلة الفاصلة والتاريخية التي احتضنها ملعب المريخ بالعاصمة السودانية الخرطوم، محققا على إثرها التأهل الرسمي ل ''الخضر'' إلى مونديال جنوب إفريقيا ,2010 حيث رسم المواطنون في مختلف مناطق الولاية مشاهد نادرة ولا يمكن وصفها، إذ عمت الفرحة والبهجة كل المدن والقرى وحتى المداشر المعزولة، وتعالت الزغاريد والأهازيج والأغاني الخاصة بالفريق الوطني في مشهد يقال عنه إنه أعاد الجزائريين إلى حنين فرحة الجزائر عندما استعادت الاستقلال يوم 5 جويلية .1962 مباشرة بعد صفارة الحكم، إيدي مايليت، معلنا عن نهاية المقابلة بفوز ''الخضر'' على ''الفراعنة'' ب 1/,0 خرج سكان ولاية تيزي وزو عبر كامل تراب الولاية احتفالا بالتتويج التاريخي الذي صنع به أشبال الشيخ رابح سعدان ملحمة جزائرية جديدة بعد تلك التي صنعها الشهداء خلال الثورة التحريرية، فخمس دقائق فقط بعد المباراة تحولت عاصمة جرجرة من مدينة ميتة لمدة 94 دقيقة إلى مدينة يستحيل لسيارة أن تمر فيها، نظرا للعدد الهائل من المواطنين الذين غزوا الطرق والشوارع والأحياء والأزقة وحتى الساحات العمومية، وبسبب الازدحام أغلقت كل الطرقات الرئيسية والثانوية· رضع، أطفال، شباب، فتيات، نساء، رجال، شيوخ، عجائز··· الفرحة لم تستثن أحدا ''الجزائرنيوز'' خرجت إلى الشارع كغيرها من الملايين الجزائريين، وقضت ليلة بيضاء مع المواطنين، ولاحظت أن الفرحة لم تستثن ولا فئة من المجتمع على غرار الشباب، الرجال، الأطفال، الشيوخ، النساء، العجائز وحتى الرضع سجلوا وجودهم بقوة في هذه الليلة، ومعظم هؤلاء الذين خرجوا إلى الشوارع كانوا بملابس ''الخضر''، حاملين الأعلام الوطنية بمختلف أشكالها وأحجامها، والكثيرون منهم لوّنوا وجوههم بالألوان الوطنية الثلاثة ''الأخضر، الأبيض والأحمر'' وصنعوا أجواء يصعب التعبير عنها، حيث تعالت الأهازيج وزغاريد النساء، أبواق مختلف أنواع المركبات دوت بصوت عال، فلا أحد نام، ولا أحد تملك نفسه من التعبير عن فرحته· مفترق الطريق الرئيسي، المدينةالجديدة، حي مدوحة، لاتور، ساحة معطوب الوناس، المدينة العليا، حي ليجوني، ملعب أول نوفمبر··· الفرجة حتى الصباح أغلب المواطنين احتفلوا بفرحتهم في الأماكن الرئيسية التي شهدت إقبالا كبيرا للمواطنين، فكان مفترق الطرق وسط المدينة الأكثر استقطابا للجماهير، التي جاءت من مختلف مناطق الولاية، نظرا لموقعه الاستراتيجي، فضلا عن مساحته الشاسعة وتوفره على فوارة مياه كبيرة، كما عرفت عدة أماكن أخرى توافدا كبيرا للمواطنين كالمدينةالجديدة، حي مدوحة، لاتور، ساحة معطوب الوناس، المدينة العليا، حي ليجوني، ملعب أول نوفمبر، حي بائع الزهور··· إذ لم يسبق وأن عرفت مدينة تيزي وزو من قبل مثل هذه الأجواء السعيدة وهذا الديكور المميز بالأعلام والألوان الوطنية· شعارات تدوي عاصمة جرجرة ''جيش شعب معاك يا سعدان'' هو الشعار الذي ردده سكان ولاية تيزي وزو بكثرة، تعبيرا عن حبهم واحترامهم القوي للمدرب رابح سعدان الذي أسعد الجزائريين كبارا وصغارا، يقول محمد 45 سنة ''الشيخ سعدان اعتبره مثالا للقوة، الإرادة، العزيمة، الرجولة، الوحدة والوطنية، لأنه استطاع أن يوحد أكثر من 35 مليون جزائري في ليلة واحدة، ونحن نقول له ''إن كل الشعب الجزائري إلى جانبك''، ويضيف جمال 39 سنة ''أصرخ باسم رابح سعدان عاليا ودون انقطاع لأنه شخصية من ذهب، ولأنه حقق حلم الملايين من الجزائريين، وثأر من المصريين بطريقة جزائرية· كما كانت كذلك عبارة ''وان، تو، ثري فيفا لالجيري'' هي الأخرى حاضرة على لسان كل مواطن وبقوة، يقول سمير 25 سنة ''عندما يسمع المصريون ''وان، تو ثري فيفا لالجيري''، يدركون أن الجزائر لا تقبل الإهانة وأنها بلد المليون ونصف مليون شهيد، وعليها أن تتعلم الدرس في الرجولة وحب الوطن، ويضيف مراد 29 سنة ''وان، تو، ثري فيفا لالجيري'' هي شعار الوحدة والأخوة بين أبناء الجزائر· ''الفليطوكس'' يعوض ''الفيميجان'' والمفرقعات ما شد انتباهنا خلال هذه الليلة البيضاء أن الشباب فضلوا استخدام مبيد الحشرات المعروف ب ''الفليطوكس'' لإثارة الألعاب النارية عوضا ل ''الفيميجان'' والمفرقعات· يقول رشيد 26 سنة، ''قارورة فليطوكس ب80 دج أصنع بها مشاهد رائعة وجميلة، أفضل بكثير من الذي يصنعه الفيميجان الذي يباع ب 1200دج''، وهذا ما يؤكده ماسينيسا 18 سنة ''قارورات مبيد الحشرات هي الوحيدة التي بإمكانها أن تصنع أجواء رائعة ونقضي ليلة بيضاء بتكلفة أقل'' المرأة القبائلية تقضي ليلة بيضاء وتحتفل بطريقتها الخاصة العنصر النسوي عرف حضورا قويا هذه الليلة، إذ لم يفوتن الفرصة للتعبير عن فرحتهن على الإنجاز الجبار الذي صنعه ''الخضر''، فالنساء والفتيات والعجائز خرجن إلى الشوارع فرادى وعائلات، مشيا على الأقدام وفي السيارات، تعالت منهن زغاريد صاخبة، وهتفن بالمنتخب الوطني وبالمدرب رابح سعدان وبالجزائر، تقول الحاجة ذهبية 62 سنة ''كيف لي أن أبقى في البيت والملايين من الجزائريين يحتفلون بانتصار الخضر''، وتضيف ''سأظل في الشارع طلية الليلة لأنه لم يسبق لي وأن عشت مثل هذه الأيام في حياتي ولا حتى يوم الاستقلال''، وتقول كريمة 27 سنة، ارتدت ملابس الفريق الوطني وتزينت بحلة النجوم والهلال الملونة بالأخضر والأبيض والأحمر''الجزائر بلد الرجال والنساء، ونحن نعبر عن فرحتنا الكبيرة ونقول لرابح سعدان وكل محاربي الصحراء حققتم أحلامنا وشكرا لكم، فأنتم حقا رجال من ذهب''· أما السيدة يمينة 45 سنة، تقول والدموع تجرف من عينيها ''نحب بلادي، نحب بلادي ونموت عليها''· هذا، واكتفت بعض النساء بمتابعة الاحتفالات من شرفات ونوافذ العمارات صانعات أجواء جميلة ميزتها الزغاريد والأهازيج ورمي الورود والتلويح بالأعلام والرايات الوطنية· سيارات سياحية وتجارية، شاحنات، جرارات، دراجات نارية، آلات الأشغال العمومية··· كلها للاحتفال تنوعت المركبات التي خرج على متنها المواطنون بين سيارات سياحية وتجارية، شاحنات، جرارات، دراجات نارية وحتى آلات الأشغال العمومية، معظمها زينت بالأعلام الوطنية وألصق عليها ''بوستير'' لاعبي المنتخب الوطني وصور بعض اللاعبين، كما قام العديد من السائقين بإلصاق الصورة التي تظهر مدرب ''الخضر'' رابح سعدان كعريس ومدرب الفريق المصري حسن شحاتة كعروس، تأكيدا على أن الجزائر تستحق التأهل إلى المونديال وأنها حقا تزوجت مصر في اليوم المشهود· وكانت معظم هذه المركبات ممتلئة عن آخرها بالمتظاهرين· فرق فلكلورية، DJ، سهرات فنية، والبارود في كل مناطق ولاية تيزي وزو فضلت العديد من مناطق ولاية تيزي وزو لاسيما البلديات والقرى والمداشر الاحتفال بهذه المناسبة السعيدة بإحياء سهرات فنية وغنائية كاستقدام فرق فلكلورية التي رافقتها طلقات البارود التي دوت جبال تيزي وزو الشامخة، إضافة إلى حفلات ''الديسك جوكي'' التي طغت عليها الأغاني الرياضية الخاصة بالفريق الوطني، والتي رقص على أنغامها الجميع· استمرار وتواصل الأفراح يومي الخميس والجمعة والموعد في كأس إفريقيا وكأس العالم عرفت احتفالات سكان تيزي وزو الخاصة بتأهل ''الخضر'' إلى مونديال 2010 استمرارا وتواصلا قويا يومي الخميس والجمعة طلية النهار وإلى أوقات متأخرة من الليل، وهذا للتعبير عن الفرحة والسعادة، ليبقى هذا الحدث الرياضي التاريخي يصنعه كل الجزائريين من لاعبين ومسؤولين، إلى جانب الشعب الذي يستحق العلامة الكاملة والذي ساند ووقف إلى جانب الفريق الوطني خصوصا في مصر والسودان لتبقى الأفراح مستمرة، خاصة وأن منافسات كأس إفريقيا على الأبواب وكأس العالم قادمة، سيقول منتخبنا الوطني حتما كلمته فيها ويسعد ويفرح أكثر الشعب الجزائري، إن شاء الله·