بالرغم من الجهود التي تبذلها السلطات المحلية والجمعيات الفاعلة في الميدان وعلى رأسها جمعية اقرأ لمحو الأمية بولاية تيزي وزو، والتحدي الكبير الذي رفعته من أجل استئصال الظاهرة في المنطقة، إلا أن تحقيق الأهداف المرجوة من وراء كل هذا تبقى بعيدة المنال نظرا للنقائص العديدة التي تقف عقبة أمام تحقيق ذلك على أرض الواقع، التي مست كل الجوانب لاسيما جانب التأطير، ونقص الهياكل والإمكانات التي من شأنها أن تساهم في التقليل من نسبة الأمية في الولاية، وبالأخص في المناطق النائية، فالصعوبات العديدة التي تواجه المتمدرسين، تتمثل في بُعد القرى والمداشر عن أقسام محو الأمية، ما يحول دون التحاق المستفيدين بمقاعدهم، خاصة فئة كبار السن الذين ليس بمقدورهم قطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام بهدف الالتحاق بمقاعد دراستهم، حيث تزداد معاناتهم أكثر في فصل الشتاء، أين يضطر العديد منهم للتخلي عن الدراسة بعد أيام قليلة من التحاقهم بها، كما أن مواقيت التمدرس المبرمجة في نهاية الأسبوع غير مناسبة، بالخصوص للمتمدرسات اللواتي يفضّلن القيام بأشغال المنزل بدل التوجه إلى مقاعد الدراسة، خاصة في أوقات جني الزيتون، الحصد، الزرع... وغيرها، كون المرأة الريفية تميل بطبيعتها للنشاط الفلاحي أكثر. وعلى صعيد آخر، تعتبر فترة الدارسة المقدرة ب 18 شهرا غير كافية لتعليم المسجلين بأقسام محو الأمية، خصوصا أن معظم المسجلين في هذه الأقسام لم يسبق لهم أن عرفوا الكتابة ولا القراءة، فهذه الفترة المخصصة لهم من طرف المشرفين على هذا البرنامج ليست باستطاعتها استدراك هذا التأخر الفادح، إضافة إلى نقص المدرسين، الذي يؤزم الوضع أكثر، حيث يشترط أن يكون عدد المتمدرسين بكل قسم 40، وهو العائق الذي يحرم البعض من سكان المناطق النائية في الاستفادة من فرصة التعليم، إذ أن في بعض القرى، ورغم وجود مدرّس، إلا أن عدم بلوغ العدد الذي يشترط فيه حال دون فتح قسم خاص لهم. ومن جهة أخرى، يطرح مشكل تأخر أجور الأساتذة الذين يشتغلون في إطار برنامج محو الأمية بالولاية نفسه بقوة، حيث أن أغلبيتهم لم تدفع مستحقاتهم، إلا بعد التعب والمشقة واللقاءات المتواصلة مع مديرية التشغيل... وغيرها، بالإضافة إلى الصعوبات الأخرى التي تواجهه فئة كبار السن في قراءة الكتب المخصصة لهم، حيث يصعب عليهم نطق أحرفها كون الكتابة صغيرة، علما أن أغلبيتهم يعانون مشكل نقص البصر· هذا، ويبقى من الضروري على الجهات الوصية إعادة النظر في هذه النقاط، التي تعد أساسية من أجل تحقيق الأهداف التي تم تسطيرها مسبقا، وتقليص نسبة الأمية في الولاية، لاسيما أن ظاهرة التسرب المدرسي فيها في تزايد مستمر من سنة إلى أخرى·