إنتشرت عدوى الاحتجاجات مثلما ينتشر الجرب والكوليرا، فبعد منطقة وادي عيسي النائية، ها هي الفوضى تدخل قلب العاصمة المرفهة التي تعايش العصرنة والتطور· قال، حماري·· - السياسة العرجاء التي تستند، في مشيها، على العصا، هي التي جعلت الشباب يحرقون الأخضر واليابس في عين النعجة، التي غرقت في ظلامها بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، وجعلها تغلي مثل بركان محموم· قلت له·· - صحيح أن انعدام الكهرباء هو السبب المباشر الذي دفعهم إلى الثورة والمطالبة بتوفير الاحتياج لها، لكن أظن أن ما خفي كان أفجع·· خاصة أن مظاهر الاحتجاج انتشرت في هذا البلد كما تنتشر النار في الهشيم·· الشعب لا يملك من وسيلة سوى التعبير عن رفضه وسخطه بالخروج إلى الشارع العام، وتكسير كل ما يجده أمامه مما يسمى بأملاك الدولة، إنتقاما من التضييق المفروض عليه، فكل القنوات التي تصب في أذن المسؤول هي مدجنة ولا ترى سوى بعين الدولة التي، بدورها، تعيش في ألوان قوس قزح· نهق، حماري، عاليا، وقال·· - مسؤولو سونلغاز يقولون أن السبب وراء انقطاع الكهرباء هو المواطن نفسه·· لأنه أصبح مرفها ويملك مكيفات هواء ومبردات وغيرها من وسائل العيش الكريمة التي جعلته إمبراطورا·· ضحكت، من هذا الكلام غير المنطقي، وقلت لحماري·· - لو كانت نظرية هذا المسؤول صحيحة لانغمس العالم، كله، في الظلام الأسود·· باعتبار أن المواطن الأوروبي أو الأمريكي، أو حتى التونسي يعيش، فعلا، بالمكيفات وغيرها من مظاهر الترف·· أما المواطن الجزائري المسكين، فأظن أنه لم يصل، بعد، إلى حياة ''النغنغة'' وما يزال يتخبط في كل الاتجاهات حتى يحصل على قوت يومه الذي يحفظ كرامته وكرامة أولاده· صمتنا·· ليس لأننا تعبنا من الكلام، بل لأن الانقطاع المفاجئ للكهرباء طالنا، ونهضنا، أنا وحماري، للبحث عن شمعة·