جاء في تصريح العقيد ''جمال عبد السلام زغيدة'' مدير الأمن العمومي بقيادة الدرك الوطني: ''إن خريطة شبكات تزوير الأموال في الجزائر في توسع مستمر، وتتغير من سنة إلى أخرى، ومن منطقة لأخرى، وأن الجزائر قد أصبحت منطقة تدفق لنشاط التزوير المالي من دول خارجية، أكثر منها منطقة لصناعة العملات المزورة..''، كما حذر الخبير الاقتصادي ''عبد الرحمن مبتول'' من ''تداعيات انتشار النقود المزيفة التي سيكون وقعها مستقبلا أخطر من الإرهاب على أمن الجزائر''، أما ''عبد الرحمن بن خلفة'' المفوض العام لجمعية البنوك الجزائرية فقد أكد على أن: ''تعويض السيولة بالشيك والحوالة سيوقف تسريب تلك الأوراق المزيفة التي تملك البنوك وسائل كشفها حاليا''. إن وضعا ماليا كهذا تعكسه تصريحات متباينة، منها المخيفة ومنها المهدئة، لكنها تصب في مجموعها قي فضح انتشار الأوراق النقدية المزورة، التي كشفتها أجهزة الأمن والدرك في المدة الأخيرة، والتي أثبتت قدرة المزورين على الاختراق نتيجة طبعا لهشاشة النظام المصرفي الجزائري، هذا النظام الذي يحتاج إلى رزمة من القوانين العصرية كي يلائم سياسية انفتاح الجزائر على السوق الدولية، ونتيجة كذلك لتأخر الجزائر الكبير في تطبيق آليات الدفع العصرية والمختلفة المعتمدة دوليا، وهو الشيء الذي ''جعل أكثر من 04 من الكتلة النقدية السائلة في الجزائر تتداولهائالسوق الموازية وخارج إطار البنوك ''حسب آراء الخبراء.. يضاف إلى كل ذلك خوف الناس، حتى البسطاء منهم، من الممارسات البنكية الخاطئة كقلة السيولة، وقلة الصكوك وعجز البطاقات الائتمانية، عدا مشكلة التهرب من التعريف بمصدر المال، الذي يلجأ فيه إلى تبييض الأموال في السوق السوداء أو الموازية.. كل هذه الخروقات تعمل على ضرب مصداقية الجزائر وبالأخص ضرب حركيتها الاقتصادية التي تعتمد على التعاملات الوطنية والدولية الشفافة، وهو الأمر الذي قال عنه الخبير الاقتصادي السيد مبتول: ''إن إغراق السوق بالعملة المزيفة، يعمل على ضرب أمن واستقرار الجزائر، وسيكون أثره أوقع من أثر الإرهابئعلى أمن الجزائر، زيادة عن تهديده لكامل الاقتصاد الوطني''، معتبرا أن ''مواجهة الأوراق النقدية المزيفة لا يقوم على عمل الأمن وحده، بل يتجاوزه لطرح إعادة النظر في النظام المصرفي الجزائري بكامله وفي أقرب الآجال''. منذ التسعينات ونحن ننادي، كمفكرين مناضلين ومختصين، بمعالجة هذا الخلل القائم في هذا النظام، كما كنا ندعو إلى سن قوانين تدريجية، حتى يمكننا مواجهة سياسة الاندماج في الاقتصاد العالمي، لأننا كنا نعلم أن معالجته بتغيير مفاجئ للقوانين سيحدث رجة اقتصادية لا يمكنها إلا مساعدة دعم سماسرة السوق الموازية.. رغم أنها لم تكن على القدر الذي هي عليه الآن.. أما اليوم، وفي الوقت الذي أصبح الأمر جد معقدا، فإنه لا يمكن توفير الحل إلا بتغيير العملة الوطنية وهي بدورها تكلفة اقتصادية وزمنية باهضة... خاصة وأن جذورها مغروسة في كثير من قضايا الفساد الإداري والاقتصادي الذي يطال الجزائر والذي تتشكل في خبايا الفساد والمتحالفين معه من أصحاب المصالح، أو في أدراج العدالة تحت المقايضة السياسية. هشاشة مصرفية، تلقى أرضيتها في زبون يفتح حسابه بالعملة ولا يراقب أو يحاسب عن مصدر وكيفية جلبها، في الوقت الذي يراقب ويحاسب فيه زبون آخر مصدر معروف ماله، ومشهرة بيانات مرسله، أو مرهونة بزبون الذي لا يستطيع فتح حساب بنكي، لأنه ليس موظفا، في الوقت الذي يسمح له فيه بتجارة الشنطة الموازية. وفي كل الحالات فإن عدم كشف نتائج التحقيقات في القضايا الكبيرة والخطيرة، وكذا في ترويج الأوراق النقدية المزيفة، التي أوقعت الناس الأقل مسؤولية بالطبع، وتحفظت في معاقبة بعض المسؤولين الذين كانوا مسؤولين عن فضائح فساد مست مسؤولين في قطاعاتهم، كلها عوامل تؤكد على الصلة القوية بين التزوير والفساد، والتي يقول عنها السيد مبتول: ''لم نعرف إلى حد اليوم أين وصلت التحقيقات في سرقة آلاف الأطنان من الورق النقدي لبنك الجزائر بين ليون ومرسيليا في فرنسا..''.