شهدت السنة المنتهية العديد من النشاطات الثقافية على الساحة الوطنية، منها الإيجابي ومنها السلبي، وإن كنا نرجح كافة الإيجابي على اعتبار أن الجزائر عرفت حركة ثقافية مكثفة أعادت للجزائر مكانتها، ولعل أهمها إنتاج فيلم ''الخارجون عن القانون'' الذي أعاد الجزائر لساحة المنافسة السينمائية عبر العالم، بل العودة للمنافسة على أوسكار أفضل فيلم أجنبي، بالرغم من كون الفيلم من إخراج وبطولة أسماء حاملة للجنسية الفرنسية، بل أن الفيلم في مجمله تم بإنتاج مشترك جزائري-فرنسي، إلا أن ذلك لم يمنع الفيلم أن يكون عودة السينما الجزائرية للمحافل الدولية، غير أن هذه العودة السينمائية لم تعكس أي نشاط سينمائي على الساحة الوطنية التي تستمر في الحديث عن النقص الفادح على كل الأصعدة، قاعات العرض، التوزيع والإنتاج. وبالرغم من ذلك، نجحت موجة الأفلام القصيرة من اكتساح الساحة من خلال الحضور القوي في العديد من المهرجانات العربية والدولية، مشاركة كشفت عن وجود طاقة إبداعية تبشر بالخير في حال التفتت السلطات المعنية لهؤلاء الشباب ودعمهم لإحداث النقلة نحو الأفلام الروائية الطويلة. والواقع أن هذه الطاقات الإبداعية لم تقتصر على السينما، بل امتدت إلى المسرح والموسيقى السمفونية وغيرها من الفنون، التي شهدت تنظيم مهرجانات، بالرغم من كل النقائص التنظيمية التي اشتكت منها، إلا أن هذه المهرجانات أعادت شيئا من الحياة الثقافية التي افتقدها الجزائريون لسنوات، فقد شهدت أروقة معرض الكتاب، والمسرح الوطني وغيرها من المؤسسات الثقافية عودة الجمهور، الذي يستمر في المطالبة بالمزيد والمميز. إلى جانب كل ما تم إنجازه، يظل عالم الثقافة بالجزائر يعاني الأمرين، ولعل أهم ما يعاني منه إلى جانب قلة الإنتاج وغياب القيمة الفنية، يتعلق بمكانة الفنان، إذ تمضي سنة أخرى دون أن يتوصل القائمون على الثقافة في بلادنا على صياغة قانون يحمي الفنان ويضعه في الخانة التي تليق به، ولعل الوضعية الاجتماعية المتردية التي يعيش فيها غالبية الفنانين الجزائريين وراء تفضيل الكثيرين منهم الهجرة والبقاء في الخارج، وإن كانت طرقهم في ذلك غير مشروعة، مثلما قام به شباب البالي الوطني، الذين فضّلوا الهرب والإقامة بطريقة غير شرعية في كندا، والحال أن الساحة الثقافية في الجزائر -وإن بدا أنها عرفت انتعاشا- يظل الواقع الثقافي بعيدا عن مستوى تطلعات المثقفين وعامة الجزائريين. ------------------------------------------------------------------------ طالع يانيس كوسيم (مخرج) برز المخرج الشاب يانيس كوسيم بقوة خلال هذه السنة في المجال السينمائي والفيلم القصير بشكل خاص بفضل فيلمه القصير الذي حمل اسم ''خويا'' الذي حقق به نجاحا كبيرا في الساحة السينمائية العالمية والعربية، وافتك العديد من الجوائز في أعرق المهرجانات العالمية على رأسها جائزة لجنة التحكيم عن فئة ''نمر الغد'' ضمن فعاليات مهرجان لوكارنو الدولي في دورته ال 63 شهر أوت الماضي التي كانت مشاركة يانيس كوسيم فيه تعتبر المشاركة العربية الوحيدة في هذا المهرجان العريق. كما شارك الفيلم في زاوية الأفلام القصيرة على هامش مهرجان ''كان'' السينمائي خلال ماي الماضي، بالإضافة إلى كل من الأيام السينمائية لقرطاج، وكذا في الدورة الأخيرة للمهرجان الدولي للسينما بأبو ظبي. عبد القادر السكتور(كوميدي) ارتفعت أسهم الفنان الكوميدي الجزائري عبد القادر السكتور سنة 2010 بشكل كبير، فبعد أن كان الفنان لا يبتعد كثيرا عن منطقة الغزوات مسقط رأسه، أصبح عرضه ''معيشة الكلب'' يستقطب الآلاف من المعجبين في كل من الجزائروفرنسا، خاصة قاعة عرض جمال دبوز ''دبوز كوميدي كلوب'' الذي يشتغل فيها على مدار العام، الذي أكد في زيارته الأخيرة للجزائر أن كل عرض تمتلئ فيها القاعة عن آخرها، كما يحضّر الفنان لجولة فنية لكل من تونس والمغرب، بالإضافة إلى تحضيره لعرض جديد سيقدمه قريبا في فرنساوالجزائر، هذا الممثل الذي افتك إعجاب الكثير من النقاد والفنانين الجزائريين والعرب على رأسهم الكوميدي جمال دبوز الذي احتضنه في نادي الفكاهة الخاص به في فرنسا الذي يقول عنه إنه يعد بالكثير وأمامه مستقبل كبير وزاهر. ديلام علي (رسام كاريكاتوري) أكد الرسام الكاريكاتوري، ديلام، تميزه وتألقه في مجاله، فبعد أن أثبت وجوده في القناة التلفزيونية الخامسة الفرنسية من خلال حصة ''كيوسك القناة الخامسة''، تحصل ديلام في الحادي عشر من شهر أكتوبر من سنة 2010 وسام فارس الآداب والفنون، أعرق وسام ثقافي تمنحه وزارة الثقافة الفرنسية كل سنة في مختلف الفنون والآداب للعديد من الشخصيات التي قدمت خدمات لصالح الثقافة والآداب ومساهمتها في الرفع من المستوى الفكري والثقافي لبلده. هذا الرسام الذي برز منذ فترة بجرأته في الطرح والتصاق إنتاجه الفكري والفني بواقعه المعيش دون الابتعاد عنه للحظة يحمل حوالي 20 جائزة، منها الجائزة الدولية للرسم الصحفي سنة 2000 وجائزة حرية الصحافة ,2005 بالإضافة إلى جائزة الشجاعة بالرسم الكاريكاتوري. خليدة تومي (وزيرة الثقافة) بالرغم من كل ما قيل، وكل الانتقادات السلبية التي طالت الوزيرة في شخصها وفي القطاع الذي تشرف عليه، إلا أنه لا يمكن إنكار ما تم إنجازه في المجال الثقافي خلال السنة المنتهية، حيث شهدت الجزائر حركية ثقافية مكثفة، خاصة فيما يتعلق بالمهرجانات العديدة والمتنوعة التي جعلت من الجزائر قطبا ثقافيا على مدار السنة وفتحت المجال للجزائريين بمختلف الميول الفنية من الاستمتاع بمختلف الأذواق، بدءا بالمسرح، الموسيقى السمفونية، السينما، الكتاب... وغيرها. هي حركية أشرفت عليها الوزارة، وإن كان التقييم العام لكل هذه النشاطات على أنها غير كافية إلا أنه ما من أحد ينكر ما تم إنجازه في المجال الثقافي على مدار السنة، ما يجعل اختيارنا للوزيرة على رأس الشخصيات الفاعلة في المجال الثقافي من منطلق الإشراف على كل هذه التظاهرات ودعمها. بلقاسم حجاج (مخرج) نجح المخرج والمنتج الجزائري بلقاسم حجاج أن يكون من الوجوه الفاعلة في المجال الثقافي، بعد إنتاجه لفيلم ''الساحة'' الذي يعتبر أول كوميديا موسيقية في الجزائر، مع العلم أن الفيلم نال جائزتين في المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران. المثير أن بلقاسم حجاج راهن على إنتاج هذا الفيلم بالرغم من صعوبة وتكلفة إنتاج كوميديا موسيقية في الجزائر، بالنظر إلى قلة الفنانين القادرين على رفع هذا التحدي، غير أنه بالرغم من ذلك نجح المنتج الجزائري في كسب الرهان. ------------------------------------------------------------------------ هابط عز الدين ميهوبي مع أن نهاية السنة شهدت تعيينه على رأس واحد من أهم الهياكل الثقافية في الجزائر والمتمثل في المكتبة الوطنية، التي تعد صرحا ثقافيا مهما، إلا أن الشاعر عزالدين ميهوبي عرف تراجعا خلال السنة المنتهية، على اعتبار أنه انتقل من منصب وزير الإعلام إلى مدير المكتبة الوطنية، ولا يختلف إثنان في كون الفرق بين المنصبين تراجعا، وإن كان المعني أكد إن قيمة الشخص لا تحدد بالمنصب الذي يشغله بقدر ما تحددها الإنجازات في المجال الثقافي، إلا أن الواقع يشير من جهته إلى أن هناك مسافة كبيرة بين منصب الوزير ومنصب مدير مكتبة، وإن كانت قيمة عزالدين ميهوبي الأدبية ذاتها ويحددها إنتاجه وإبداعه لا غير. حفناوي بعلي (باحث أكاديمي) من الأسماء التي عرفت سقوطا مدويا خلال السنة المنتهية، اسم الأكاديمي حفناوي بعلي الذي سحبت منه جائزة فكرية منحت له من طرف مركز الشيخ زايد للكتاب، على إسهامه في البحث العلمي، غير أنه سرعان ما سحبت منه الجائزة بعد تأكيد لجان التحقيق أن المادة الواردة في الكتاب مسروقة من بحث سبق وأن نشر ومتوفر في المكتبات العربية، وقد تسببت هذه الحادثة في جدل واسع أسال الكثير من الحبر، وكان بمثابة ضربة للباحث الأكاديمي الذي رفض التعليق على الموضوع بالرغم من السيل الكبير من الاتهامات والانتقادات بل والشتم الذي تلقاه بسبب سرقته الفكرية، لتبقى بذلك سنة 2010 من أسوأ السنوات التي مرت على الباحث الجزائري. اسماعيل أمزيان (المشرف على المعرض الدولي للكتاب) لن يختلف الكثيرون بخصوص سوء تسيير معرض الكتاب الدولي للكتاب بالجزائر لسنة 2010 الذي أشرف عليه الناشر اسماعيل أمزيان، حيث سبق انطلاق المعرض الكثير من اللغط، كان المنظم السبب في ذلك اللغط على اعتبار أنه سارع للتأكيد أنه لن يتم دعوة الناشرين المصريين حتى لا يكون إحراج لأي طرف، غير أنه سرعان ما تراجع عن موقفه بعد الانتقادات التي تلقاها، لينضاف إلى ذلك سلسلة من الاختيارات التي أكدت على سوء تقدير المشرف على التنظيم، ما يجعله في قائمة الهابطين لسنة .2010 الشاب مامي (فنان) لم يستطع الفنان الجزائري، الذي لا يزال يلقب بأمير الراي الشاب مامي، الحصول على الإفراج المشروط، بعد أن زجّ به في سجن ''لاسنتي'' بفرنسا بعد أن اتهمته المصوّرة الفرنسية إيزابيل سيمون بمحاولة إجهاضها بعد حملها منه بطريقة غير شرعية، وقد رفضت المحكمة يوم 12 من شهر أكتوبر الماضي منح الإفراج المشروط له، بعد أن تقدم بالطلب من أجل رعاية ابنه، الذي رفضته المحكمة كون ابنه لا يعيش في الأراضي الفرنسية، وشغلت القضية الرأي العام خاصة بعد أن صرّح مامي من السجن ''أنا مقهور نفسياً، أشعر بأنني مظلوم وأحسّ بأنني مكبل داخل زنزانتي. لديّ اعتقاد بأن هناك إرادة خفية سعت لتحطيمي فنياً واجتماعياً من خلال الإصرار على بقائي في السجن''. أحمد راشدي (مخرج) عرض الشهرة الكبيرة والقيمة الفنية التي يتمتع بها المخرج الجزائري أحمد راشدي، من خلال التجربة السينمائية الكبيرة التي يتمتع بها، إلا أن سنة 2010 لم تكن فأل خير عليه، فرغم الحملة الإشهارية الكبيرة والضجة الإعلامية والإمكانيات المادية الكبيرة التي وضعت في تصرف فيلم ''بن بولعيد'' إلا أن الفيلم لم يرق كثيرا للعديد من النقاد وأهل الاختصاص الذين أكدوا أن النص والتركيب في الفيلم لم يكونا بمستوى هذه الشخصية التي تعتبر من أهم رموز الثورة الجزائرية رغم الجهات الكثيرة وذات الوزن الثقيل التي ساهمت في إنتاجه على رأسها التلفزيون الجزائري، وزارة الثقافة، ووزارة الدفاع الوطني. ------------------------------------------------------------------------ كرونولوجيا الثقافة بالجزائر جانفي 2010 وزارة الثقافة الجزائرية ونقابة الناشرين تقاطع معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي افتتح يوم 28 جانفي، وذلك بعد الأحداث التي أعقبت مباراة الجزائر - مصر في تصفيات كأس العالم. فيفري 2010 المهرجان الدولي الأول لفنون الأهار ''أبالسة'' في مدينة تمنراست الذي يهدف في المقام الأول لبعث التاريخ والتراث الطاري. 7 مارس 2010 إكتشاف موقع أثري بمنطقة الزيتون ببلدية المعاضيد بولاية المسيلة، يعود تاريخه إلى 5 آلاف سنة خلت، أو إلى فجر التاريخ كما يعبّر عن ذلك المؤرخون وعلماء الآثار، ويضم الموقع الأثري -حسب المصدر ذاته- عددا من القبور المصنوعة من الحجر المنحوت بقطر يبلغ 6 أمتار وارتفاع يقارب 3 أمتار. أفريل 2010 الجزائر توقع بروتوكول اتفاق مع الصين لإنجاز وتمويل مشروع أوبرا بالجزائر، بالمناسبة أكدت وزير الثقافة خليدة تومي أن ''هذا المشروع الثقافي العظيم يعتبر هبة من الحكومة الصينية للجزائر وهو أكبر أوبرا في الوطن العربي''. ماي 2010 فيلم ''خارجون عن القانون'' يدخل المسابقة الرسمية في مهرجان ''كان'' السينمائي الدولي، ويحدث ضجة كبيرة في الرأي العام الفرنسي بسبب تصريحات اليمين المتطرف الفرنسي بشأن الفيلم. جوان 2010 7 جوان 2010 دخول 5 مسارح جهوية جديدة المسابقة الرسمية من المهرجان الوطني للمسرح المحترف التي عرفت مشاركة 14 مسرحا جهويا في المسابقة الرسمية، بالإضافة إلى 13 دولة أخرى في الروض خارج المنافسة الرسمية للمهرجان. جويلية 2010 مدينة أصفهان أول مدينة إيرانية تزور الجزائر التي أقامت أسبوعا ثقافيا بالجزائر تخلله عدد كبير من الأنشطة الثقافية والفنية، وتدعو الجزائر إلى زيارة إيران وإقامة أسبوع ثقافي جزائري في مدينة إيران. أوت 2010 تومي تعرض مشروع القانون المتعلق بالسينما على المجلس الشعبي الوطني، من أجل تأطير ومراقبة المنتوج السينمائي الجزائري، وتؤكد أن الهدف من هذا النص ''ليس كبح المبادرات وإنما وضع الأطر الأساسية لتنظيم المهن المتصلة بهذا المجال الحيوي''. سبتمبر 2010 3 سبتمبر 2010 مدير مكتبة الإسكندرية يؤكد مشاركته في الدورة 15 للمعرض الدولي للكتاب بالجزائر، ليكذب ذلك بعدها، وفي 25 سبتمبر 2010 إسماعيل أمزيان يؤكد مشاركة دور النشر المصرية في المعرض الجزائر الدولي للكتاب، ليتأكد بعدها عدم مشاركتها أصلا في المعرض. أكتوبر 2010 الطبعة الثانية من صالون الجزائر الدولي للكتاب تحت خيمة مركب محمد بوضياف، تثير العديد من الجدل والتساؤلات، كما عقدت أيضا في الشهر نفسه الطبعة الثانية من مهرجان الجزائر الدولي للمسرح المحترف بمشاركة 18 دولة. من جانب آخر، عرف الشهر نفسه الطبعة الثانية من مهرجان الشريط المرسوم في طبعته الثانية أيضا الذي حقق نجاحا ملحوظا. نوفمبر 2010 برعاية شخصية من رئيس الجمهورية، نظم مهرجان الإنشاد الدولي بمدينة قسنطينة الذي شارك فيه العديد من الفنانين والمنشدين من العالم على رأسهم لطفي بوشناق ونصير شمة. ديسمبر 2010 فيلم ''الساحة'' أول كوميديا غنائية جزائرية تفتك الجائزة الكبرى في مهرجان وهران للفيلم العربي، هذا المهرجان الذي أثار العديد من التساؤلات بعد أن تقرر تأجيله لثلاث مرات متتالية، لينهي في الأخير وفي آخر شهر من سنة 2010 القطيعة الثقافية بين الجزائر ومصر بزيارة الممثل والمخرج خالد أبو النجا سفير النوايا الحسنة لدى اليونيسكو لمدينة وهران بفيلمه ''ميكروفون''.