نسبة مرضى السكري في الجزائر مرتفعة جدا، وهي من أكبر النسب في العالم· وعدد الجزائريين الذين يموتون بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين كبير أيضا· وتصرف الدولة ملايير الملايير في العلاج واستيراد الأدوية· والجزائريون من أكثر شعوب العالم استهلاكا للسكر والملح واللحوم الحمراء· والجزائريون من الشعوب التي تستهلك الزيوت الغذائية، حيث يستعملونها في جميع أنواع الطهي· ولسنا في ذلك بدعا من كل الذين يحبون البطاطا المقلية، والبوراك· ونسبة الأمراض التي تكلمنا عنها واضحة في علاقتها بما نأكله، والطريقة التي نأكله بها· فعلى الرغم من أن مصادر الإصابة بالسكري متعددة، منها الوراثي، ومنها ما تتسبب فيه الاضطرابات النفسية، إلا أن للإفراط في استهلاك السكر علاقة بعدد لا يحصى من الحالات· وللمبالغة في استهلاك اللحوم الحمراء والاعتماد على الزيت في القلي والطبخ علاقة بارتفاع نسبة الكوليستيرول، ومن ثم سهولة التعرض للهزات القلبية القاتلة· وإذا كانت السلطة غير قادرة على التصدي لارتفاع الأسعار، فإنها قادرة على توجيه الاستهلاك، وتغيير العادات الغذائية للجزائريين· فالمختصون في الغذاء يقولون لنا إن بقاء الإنسان في صحة جيدة مرهون بالطريقة التي يتغذى بها ونوعية ما يأكله· وينصحون بالابتعاد، ما أمكن، عن الوجبات الدسمة وعن السكريات· وتعويض ذلك بما يتوافر من خضر وفواكه موسمية· ولا يلجأ الجزائريون إلى المبالغة في استهلاك السكريات والمواد الدسمة لأنها أرخص ثمنا من الخضر والفواكه، فالعكس هو الصحيح، إذ تمر من السنة أيام تنزل فيها أسعارها إلى درجات كبيرة· ومن الأمثلة على ذلك أن سعر الطماطم يصل إلى أقل من عشرين دينارا في موسم الصيف، كما تنزل أسعار الفلفل والجزر والباذنجان وغير ذلك· المشكلة في الثقافة الغذائية للجزائريين· يفضلون السكريات على الخضروات لأنها أحلى مذاقا، ويصفون أطباق الخضر المسلوقة بماكلة السبيتار، وينظرون إلى طبق لا يزينه جبل من اللحوم الحمراء على أنه مأساة عائلية وانحدار إلى عالم الفقر· وتفاقمت الأزمة في السنوات الأخيرة مع انتشار محلات الأكل السريع، وانتقلت إلى البيوت· وصار الأولاد يطلبون الفريت والبيتزا من ربة البيت، ويرفضون رفضا قاطعا كل الوجبات الأخرى· عسى ارتفاع أسعار السكر والزيت أن يكون فيه خير كثير· عساه أن يساهم في بداية تحول على طريق تغيير ثقافتنا الغذائية· ما الذي يمنع الحكومة من فتح قناة تلفزيونية مخصصة للغذاء الصحي، كما تفعل كل البلدان المهتمة بصحة مواطنيها، وما الذي يمنع الحكومة من برمجة مواد دراسية تعلّم التلاميذ الكيفية الصحيحة التي يحافظون بها على صحتهم من خلال ما يتناولونه من أغذية؟ نحن نعلم أن طبقة كبيرة من المضاربين والمحتكرين تجمع ثروات طائلة من الكميات الهائلة لما نستورده من المواد الغذائية، والمساس بمصالحها من الصعوبة بمكان· وهي طبقة لا تهتم لا بصحة الجزائريين ولا بخزينة الدولة·