والشائع اليوم في هذه العلاقة التي تربط المواطن بالبلدية أن كلا الطرفين يحتاجان لبعضهما البعض، إنطلاقا من كون أعضاء المجالس الشعبية وعلى رأسهم رئيس البلدية لا يستطيعون تبوء هذه المسؤولية دون المرور على صناديق الاقتراع، في حين يبقى المواطن في حاجة ماسة إلى هذه البلدية لمعالجة مشاكله اليومية، ومتى توترت هذه العلاقة، فإن الخاسر الكبير في المعركة يكون المواطن بالطبع، فهو من فوض صوته لمنتخبيه وهو الذي وضع فيهم الثقة واختارهم على حساب أسماء أخرى. وكل هذا يجعلنا نطرح سؤالا آخرا لا يقل أهمية عن الأول وهو ما موقع هذا المواطن من اهتمامات البلدية؟ وما هي نوعية المشكلات التي يواجهها وهو يقصد يوميا مقرات البلدية؟ هي في الواقع جملة من الاستفهامات التي حملناها في جعبتنا وحاولنا طرحها على بعض الذين وجدناهم ونحن نزور بعض بلديات العاصمة. ثلاثة حواجز للوصول إلى المير لم نجد أي صعوبة عندما تحدثنا مع بعض المواطنين حول يومياتهم مع البلدية، حيث عملية التواصل معهم أسهل مما كنا نتصور لسبب بسيط وهو أن جل الذين التقيناهم يحملون ذكريات سيئة أحيانا ومحبطة أحيانا أخرى حتى خيّل لنا بأن كل المواطنين يتصارعون يوميا مع البلديات، وشاءت الصدف في بداية تحرياتنا عن هذه العلاقة أن نقع على عينة من المواطنين وهو شاب في الثلاثين من عمره يدعى (محمد. ب) يملك شهادة ليسانس ويعمل في إحدى الشركات، لقد جزم لنا بأنه لا يذهب بتاتا إلى بلدية بني مسوس التي يقطن بها لا لشيء سوى ليقينه بأن منتخبيها لا يستقبلون مواطنيهم: ''لا أغالي إن قلت لكم بأن مهمة الوصول إلى رئيس البلدية تبقى حلما صعب المنال، بل وهو أصعب من طلب الدخول إلى رئاسة الجمهورية طالما وأن المواطن تصادفه شتى أنواع البيروقراطية بدءا من الباب الخارجي''. لم يقتصر كره هذا الشاب لبلديته فقط، بل امتد كذلك إلى تجارب أخرى عاشها مع بلديات أخرى، كتلك التجربة المريرة التي عاش فصولها ببلدية جسر قسنطينة عندما حدد موعدا مع رئيس البلدية، يقول محمد. ب: ''لقد تطلب الأمر يومها المرور على ثلاثة حواجز للوصول إلى رئيس البلدية، الأول كان عند الباب الخارجي مع الحاجب (عون الحراسة)، حيث سألني عن حاجتي فأجبته بأن لدي موعد مع رئيس البلدية، ودون تفكير قال لي، لا يمكنك رؤيته لأن في اجتماع، وعند إلحاحي وإصراري وتهديدي له سمح لي بالدخول بصعوبة كبيرة، أما الحاجز الثاني الذي وجدته وأنا في طريقي للصعود إلى الطابق الذي يتواجد به رئيس البلدية، فقد كرر لي نفس العبارات وإشارات النفي، ولم تكن كذلك مهمتي سهلة لاجتياز الحاجز الثالث الذي وجدته عند مدخل البناية الخاصة بالمير، حيث اضطرني الأمر إلى تقديم شروحات إضافية عن فحوى زيارتي لهذا المير، وبعد أن انتظرت نصف ساعة تقريبا قبل أن أدخل إلى مكتب رئيس البلدية، وكم كانت دهشتي كبيرة عندما وجدته جالسا في مكتبه وليس في اجتماع كما قيل لي''. عدنا مع هذا الشاب إلى بلدية بني مسوس وحكاياته معها وسألناه ببراءة إن كان يعرف منتخبي البلدية، أم لا، والإجابة كانت بالنفي بل وأكثر من ذلك فقد أخبرنا بأنه لم يعثر لهم على أثر منذ آخر انتخابات بلدية. بلدية تمارس قانون الغاب لعل ما وقفنا عليه ونحن متواجدون بإحدى بلديات العاصمة هو رد فعل بعض العاملين بالبلدية الذين وجدناهم ولم نكن نعلم في البداية بأنهم ينتمون إليها، وكما كانت مفاجأتنا كبيرة عندما بادروا إلى تقمص شخصية المواطنين الذين يقصدون البلدية يوميا لقضاء حاجاتهم، حيث أبوا إلا أن يقدموا لنا صورة فوتوغرافية واضحة عن ممارسات رئيس بلديتهم، حيث اختزل لنا واحد منهم الوضع بقوله: ''لا قانون في بلديتنا يعلو على قانون الغاب الذي يمارسه المير، لقد أصبح المالك الحقيقي للبلدية، ففضلا على منع العمال من استعمال المصعد الذي يستخدمه لشخصه فقط، فقد اهتدى إلى حيلة للهروب من شكاوى المواطنين، حيث ما إن تصله أخبار عن تواجدهم بأعداد كبيرة وحاملين لمطالب واحتجاجات محددة حتى يقصد باب النجدة للإنفلات من قبضة هؤلاء المواطنين والمشهد تكرر عدة مرات، ورغم أن انشغالات هؤلاء المواطنين لا تخرج عن مأساة السكن، البطالة، والظروف التي تعرفها أحياءهم إلا أنه لا يبالي، ودعني أفضح هذا المير لأذكر بأنه متابع قضائيا لكنه ما يزال يحتفظ بمنصبه وكرسيه، خلافا لبعض الأميار الآخرين الذين تم إحالتهم على القضاء وتجميد مهامهم إلى حد البث في قضاياهم''. وبين القنوط والخيبة والإحباط الذي تخلل كلام هذا العامل بالبلدية، أسر لنا حقيقة أراد من خلالها تبيان مظاهر قانون الغاب الذي يسود حاليا في البلدية، حيث أكد لنا بأن عدد العمال هو ,1500 منهم 900 إمرأة، وأن العديد من طلبات التوظيف التي تقدم بها شباب يملكون شهادات جامعية قوبلت من طرف المير بالرفض. ضياع السجل حرمه من شهادة الميلاد ونحن ننتقل من بلدية إلى أخرى، صادفتنا العديد من الحالات التي أرهقت كاهل المواطنين في مسعاهم لقضاء حاجياتهم واستخراج وثائقهم المدنية، وإذا كانت ساعات الإنتظار التي يشتكون منها عادة قد أصبحت مع مرور الوقت من المسلّمات وأدبيات عمل بعض البلديات، فإن صيحة مواطن يبلغ من العمر 46 سنة تحبس الأنفاس وتكشف الكثير من التلاعبات بمصير المواطنين، الحادثة وقعت ببلدية القصبة، ونترك لهذا المواطن سرد فصولها: ''قصدت في إحدى الأيام بلدية القصبة لإستخراج شهادة الميلاد الأصلية ,12 وقد كلفني الأمر الإنتظار يوما كاملا ليخبروني في الأخير بأنني لا أستطيع استخراجها لأن المعنيين بالأمر لم يجدوا السجل بين أكوام السجلات الموجودة هناك، وما كان علي إلا العودة وحال لساني يقول ما عساني أن أفعل، وقد وصلت تلاعبات بلدياتنا إلى حد تضييع سجلات المواطنين''. ولم تتوقف نبرة الغضب التي انتابت هذا المواطن الذي كان إطارا سابقا في وزارة الشؤون الدينية، بل أفصح لنا بأنه يعرف العديد من رؤساء البلديات الذين دخلوها بدون فيلات وسيارات فاخرة وعقارات وأصبحوا اليوم يملكونها، بل هناك من قرر الزواج لمرات عديدة. ينتظر السكن منذ 1986 لا يمكننا فتح صفحة العلاقة بين المواطن والبلدية دون أن نعرج على أزمة السكن التي تبقى الهاجس الكبير بدون منازع بالنسبة للمواطن الجزائري، وحول هذه النقطة لا تكفي صفحات الجرائد لنشر القوائم التي تنتظر دورها، غير أننا اكتفينا بعينة صادفناها ببلدية بن جراح، حيث أخبرنا أحد المواطنين بأنه ينتظر دوره لينال سكنا لائقا منذ سنة 1986 تاريخ تقديم ملفه إلى البلدية. ''رغم أن المسؤولين المكلفين على مستوى البلدية قد عاينوا السكن الحالي الذي أقطن به مع عائلتي وفي كل مرة أتلقى وعودا تبقى حبرا على ورق''، ومثل بقية المواطنين الذين التقيناهم، لا يعرف هذ المواطن منتخبيه، غير أنه أكد لنا بأن البلدية لا تهتم بهذا الجانب الذي يبقى آخر اهتماماتها. ------------------------------------------------------------------------ رؤساء بلديات يتحدثون أعمر فليسي: رئيس بلدية أعفير أكد أعمر فليسي رئيس بلدية أعفير ل ''الجزائر نيوز''، أن الولاية تسجل ثاني حالة محاولة انتحار، وسيتم خلال الأسبوع الجاري تنصيب خلية إصغاء على مستوى البلدية يترأسها رئيس البلدية، لدراسة إنشغالات المواطنين في مختلف الميادين، كما تم توزيع رقم الهاتف النقال لرئيس البلدية على كل المواطنين قصد الإتصال به في أي وقت لطرح إنشغالاتهم، وأضاف أن دراسة شكاوى المواطنين تكون كل نهاية أسبوع لأخذ الإجراءات الممكنة وإيجاد الحل إذا أمكن على مستوى البلدية، أو رفعها للوصاية لأخذ التدابير اللازمة، مؤكدا أن البلدية لا تملك المداخيل المالية اللازمة قصد تلبية كل احتياجات المواطنين، حيث تفتقر -حسب مسؤوليها- إلى شبكة المياه، مشيرا إلى أن البلدية منذ تنصيب مجلسها وأبوابها مفتوحة للإستماع لإنشغالات مواطنيها. بن شوك علال رئيس بلدية رأس جنات أكد رئيس بلدية رأس جنات التي ينحدر منها أول مواطن حاول الإنتحار بمقر دائرة برج منايل، أن أبواب البلدية مفتوحة لإستقبال إنشغالات المواطنين، مضيفا أن رئيس البلدية خصص يوم الإثنين لإستقبال المواطنين، فيما خصصت الأيام الأخرى لإستقبالهم من طرف النواب، مؤكدا أن البلدية لم تغلق أبوابها وستتكفل بانشغالات مواطنيها في حدود إمكانياتها وصلاحياتها، وأن أكبر مشكل تواجهه البلدية هو مشكل السكن الذي يعد من صلاحيات الدائرة، حيث يزداد الطلب عليه، مضيفا أن البلدية تقوم بأشغال التهيئة، الإنارة العمومية، تعبيد الطرقات، بالإضافة إلى تخصيص حافلات لنقل التلاميذ، إذ تم في هذا الصدد كراء 8 حافلات على حد قوله.جميلة. م عبد الحميد شيبان (رئيس بلدية قسنطينة) أكد رئيس بلدية قسنطينة، عبد الحميد شيبان، أن انشغالات وشكاوى المواطنين التي تستقبلها مصالحه وبمعدل يفوق الخمس حالات في اليوم، تنحصر في ثلاث نقاط رئيسية هي طلب السكن، العمل والتهيئة العمرانية بمختلف مجالاتها، وأن معالجة هذه القضايا يتم بشكل دوري سواء من خلال توجيه دعوات للمعنيين من أجل دراسة المشكل مباشرة أو عبر اللجان التي تخرج للميدان لتأكد من صحة الشكوى، مؤكدا بأن مصالح البلدية مجندة دائما لخدمة المواطنين، وأن ما هو مسجل من نقائص لا تعاني منه بلدية قسنطينة وحدها، لكن ما هو مؤكد أنه سيتم معالجة جميع النقائص مستقبلا. حمايزية (رئيس بلدية الخروب) مشاكل السكان، وعلى تعددها، هناك مصالح مكلفة كل حسب اختصاصها لمعالجتها، فالبلدية تستقبل شكاوى السكان وتقوم بالنظر فيها. صحيح، لا نستطيع معالجة كل المشاكل في وقت واحد، لكن ما أؤكده هو أننا نبذل قصارى جهدنا لتلبية مطالب المواطنين، وحل المعضلات التي تواجههم في حياتهم اليومية. أما الحديث عن مجلس إصغاء، فهذا أمر غير مجدٍ لأن مشاكل الناس متعددة ولا يمكن لهيئة واحدة معالجتها، بل هناك مصالح متعددة كل واحدة منها نوجه لها المشكلة الخاصة بها لمعالجتها.ع. لونيس الأمين شريفي: رئيس بلدية الوادي الأمين شريفي أكد رئيس بلدية الوادي الأمين شريفي في اتصال له ب ''الجزائر نيوز''، مساء أمس، وفي رد فعله على التوجيهات الجديدة من طرف الحكومة فيما يخص حسن التكفل والإصغاء للمواطنين من أجل تذليل وحل المشاكل الإجتماعية المتعددة، لا سيما في هذه الظروف المتميزة، وعلى خلفية إقدام الشاب (ع. معامير) مطلع الأسبوع الجاري، على حرق نفسه داخل أسوار مقر ولاية الوادي، بأنه شخصيا لم ينتظر إلى غاية وصول هذه التوجيهات، فمكتبه كما يعرف الجميع -على حد تصريحه- ظل مفتوحا في وجه المواطنين منذ انتخابه قبل أزيد من ثلاث سنوات. وبخصوص التوجيهات الجديدة، أوضح مير الوادي أنها ستساعده بمعية مجلسه المكون من 23 منتخبا على التقرب أكثر فأكثر، خاصة أن أجواء وتداعيات أحداث تونس قريبة جدا من مدينة الوادي.