تجمع العديد من الأطراف المهتمة بالشأن الثقافي الوطني على أن نسبة المقروئية في الجزائر شهدت تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما تؤكده معدلات النشر والطبع وحجم مبيعات المؤلفات الصادرة في ميادين شتى على رأسها مجالات التاريخ والسياسة والسير الذاتية. وعلى عكس الفكرة الرائجة بأن الشعب الجزائري لا يقرأ، يؤكد المختصون في عالم النشر والثقافة والاجتماع على أنه يتعين حاليا تصحيح هذه الرؤية التي تتوجه نحو التغير شيئا فشيئا، مستدلين في تقييمهم هذا بالأعداد المعتبرة التي تصدر من المؤلفات والعدد المتنامي للقراء الذين أصبحت القراءة حاجة لديهم حتى وإن لم ترتق ظاهرة المقروئية بعد إلى نفس المعدلات التي تعرف بها الدول الغربية. يرى المدير العام للمكتبة الوطنية عز الدين ميهوبي في عدد الناشرين في الجزائر وكذا حجم المؤلفات الصادرة يوميا والبالغ معدلها نحو ثلاثين إصدارا ''إثباتا صادقا على الاتجاه نحو توسع قاعدة المقروئية في الجزائر''. ويدعم رأيه هذا بالقول أنه ''لو لم يكن هناك إقبال على الكتب كسلعة معرفية، لما انتشر المؤلفون والناشرون''، لافتا النظر إلى أن هذه الإصدارات ''ليست مجرد كميات مخزنة من الورق، كما أنه من غير المنطقي أن يقوم الناشرون بنشر أعمال لا تسوق ولا تدر عليهم ربحا ماديا''. غير أنه وعلى الرغم من هذا التطور الإيجابي، ''تبرز حاجة ماسة إلى المبادرة بعمل متكامل لجعل المقروئية مسألة طبيعية ومظهرا مألوفا في الحياة اليومية للجزائريين''، يستطرد السيد ميهوبي الذي أكد بأن مسألة جعل الكتاب مادة تستهلك بصورة دائمة تفرض انخراط وسائل الإعلام الثقيلة بالترويج للإصدارات الجديدة. وتقترن هذه الخطوة من جهة أخرى بضرورة تبني الناشرين لمعايير مهنية في ترقية الكتاب والتعريف به من خلال تكريس تقاليد جديدة في هذا المجال، كالتعريف بهذا المنتوج في المنتديات الثقافية ومعارض الكتاب وبوجه أخص على مستوى الجامعات والمراكز الثقافية. نفس وجهة النظر أبداها رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب أحمد ماضي الذي يرى بأن الرأي القائل بأن المقروئية في الجزائر ليست على ما يرام ''أمر بعيد عن الواقع تماما''، مستدلا في ذلك ب ''تهافت الجزائريين بكل فئاتهم على المكتبات ومعارض الكتاب التي تقام بين الحين والآخر''. وعن خصوصيات ظاهرة المقروئية في الجزائر، أشار الباحث في علم الاجتماع ناصر جابي إلى وجود عنصرين أساسيين محددين لها أولهما الأجيال وثانيهما اللغة، وأوضح في هذا الإطار بأن القراء في الجزائر ينقسمون إلى فئة الشباب والأشخاص الذين يتجاوزون الخمسين من العمر، وهم في أغلبهم إطارات مفرنسون من الفئة الوسطى ويمتلكون قدرة شرائية تمكنهم من شراء الكتب، بالإضافة إلى الوقت الكافي للقراءة.