أدخل تشبث الرئيس المصري، حسني مبارك، بإتمام عهدته الرئاسية إلى غاية سبتمبر المقبل، مصر في دوامة من العنف قد تؤدي إلى انزلاق خطير للأوضاع، في بلد هو المحور الذي تبني عليه القوى العظمى استراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أخرج العواصمالغربية من تحفظاتها الديبلوماسية في التعامل مع تطورات الوضع في مصر، مطالبة الرئيس مبارك بالاستجابة إلى مطالب الشارع المصري، والخروج من الباب الذي يزداد ضيقا مع مرور الوقت· فعلى الرغم من اللباقة التي حرص عليها الرئيس الأمريكي، شريك قديم للولايات المتحدةالأمريكية، مثل الرئيس حسني مبارك، إلا أن الديبلوماسية لم تسعفه كثيرا في بيانه السريع القصير الذي أعقب خطاب مبارك، قائلا ''إنه ليس من حق بلاده أن تملي على مصر الطريق الذي تسلكه، لكن على أي انتقال للسلطة أن يتضمن أصواتا معارضة ويؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة''، مضيفا أنه ''أبلغ مبارك في مكالمة هاتفية استغرقت نصف ساعة أنه يعتقد أن الانتقال السلس للسلطة يجب أن يكون جديا وسلميا وأن يبدأ الآن''· ولم تستعمل صحيفة نيويورك تايمز، أية قفازات الحذر في التحليل والقراءة، فاعتبرت أن ''خطاب أوباما، هو إشارة من أوباما إلى مبارك بوجوب الرحيل الفوري عن السلطة في مصر''· ولعل ما قالته الواشنطن بوست، من أنه ''لا توجد أية إشارة إيجابية لدى الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير تجاه خطاب مبارك الذي تضمن تنازلات هامة''، يتناسق تماما وما ذكره مصدر بوزارة الخارجية الأمريكية، من أن ''السفير الأمريكي المتقاعد فرانك ويزنر، أبلغ الرئيس مبارك بأن أيامه في الرئاسة صارت معدودة، وطلب منه الإعداد لانتقال سلس للسلطة في مصر يتم بأسلوب ديمقراطي عن طريق الانتخابات''· من جهته، وصف الاتحاد الأوروبي قرار مبارك عدم ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة بالخطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه بالمقابل يجد أن الحكومة الجديدة لا تمثل قاعدة عريضة، وقالت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن ''الاتحاد مستعد لمساعدة الشعب المصري في مطلبه الخاص بمستقبل أفضل، مضيفة أن الاتحاد يدعو إلى انتقال منظم، من خلال حكومة ذات قاعدة عريضة، مما يؤدي إلى عملية حقيقية لإصلاح ديمقراطي ملموس مع كل الاحترام لسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية''· في نفس السياق الأمريكي، كما هو معهود على الرئيس الفرنسي، دعا نيكولا ساركوزي، نظيره على رأس الاتحاد من أجل المتوسط، إلى البدء في المرحلة الانتقالية ''من دون تأخير''· أما رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، فأكد أنه من غير المقبول أن تؤيد الحكومة المصرية العنف بأية صورة من الصور، مؤكدا أنه ''إذا اتضح أن النظام يتبنى أو يسمح بهذا العنف بأي شكل، فإن ذلك مرفوض بالمرة''. وعبر الأمين العام الأممي، بان كي مون، عن قلقه العميق للعنف المستمر في مصر، محذرا من أن أي هجوم على المظاهرات السلمية غير مقبول، قائلا ''أشعر بقلق عميق لإستمرار العنف في مصر. أحث مجددا كل الأطراف على ضبط النفس''· وتعليقا على إعلان مبارك بأنه لن يعيد ترشيح نفسه بعد انتهاء ولايته، قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الذي أجّل زيارة له إلى القاهرة كانت مقررة هذه الأيام، ''إن هذا الإعلان غير مناسب لتلبية مطالب الشعب المصري من أجل التغيير''، موضحا أن مبارك مطالب الآن بأن ''يتخذ خطوة مختلفة جدا، بما يتوافق مع توقعات الشعب المصري، معتبرا أن الحكومة الحالية لا تبعث الثقة بانتقال سريع نحو المسار الديموقراطي''· غير أن الدعوات الدولية للنظام المصري في البدء الفوري بالمرحلة الانتقالية، قابلتها القاهرة بالرفض المطلق، معتبرة أن ''هذه الدعوات من شأنها أن تؤجج الأوضاع الداخلية في البلاد''· وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، حسام زكي، أن الحديث عن ''مرحلة انتقالية'' ذات ترتيبات مغايرة لما أوضحه الرئيس المصري حسني مبارك، ويتناقض مع الدستور، بل وينقض -حسبه- على الشرعية الدستورية بشكل واضح ومن شأنه أن يضع البلاد في مأزق دستوري تاريخي·