مشروع بوش ''الشرق الأوسط الكبير'' الذي راهن عليه من خلال فكرته المجنونة ''الفوضى الخلاقة'' بدأ يتحقق على يدي أوباما، فما أن ذهب بوش·· أوباما المسالم الذي لا يريد أن يسيء للعالم الإسلامي لا يرفض أن يلتق بالتغيير، فهل قوة أمريكا في استمرار أفكارها حول سياستها الخارجية مهما تغير الرؤساء، أم في قوة منفذي هذه الأفكار على أرض الواقع رغم وجود تباين بين الرؤساء··؟ الجزائر، حتى وإن كانت من أوائل المستعمرات في شمال إفريقيا، وحتى وإن تخلفت في استقلالها عن بقية العرب، إلا أنها لم تكن أبدا معزولة عما يجري في المنطقة العربية من حيث نظام الحكم، أو مخلفاته على المجتمع وحتى فيما يتعلق بالتأثيرات والتيارات السياسية المختلفة القارة والمتنقلة من منطقة عربية لأخرى بما فيها الفوضى الخلاقة التي اشتغل عليها بوش كثيرا، حتى وإن كان لا يريدها أن تبدأ بحلفائه·· لهذا فإنه ليس من المستبعد أن تعيش تجربة ما يجري في الشارع العربي اليوم، فحتى الجزائريون الذين كانوا يقولون ''الجزائر ليست عربية'' هم اليوم من الأوائل الذين يريدون نقل التجربة العربية إلى الجزائر، ويبقى سؤالنا هو هل ستستطيع الجزائر، ومع كل ما مرت به من مصاعب واقتتال، على استيعاب هذه الحركة، أو الانتفاضة أو·· أو·· وهل السلطة الجزائرية قادرة على استيعاب ومجابهة ذلك أيضا··؟ كنت قد كتبت مقالا من حوالي الشهر عن منتخبي الشكارة، الذين باركتهم الأحزاب في الوصول للبرلمان على حساب النزهاء والأكفاء من المناضلين، وهأنذا أجد ذلك يتردد عند كل المحتجين من تونس إلى مصر، بل وها هي لويزة حنون هي الأخرى تردد ذلك برفضها للبرلمان الموجودة به ''برلمان يكرّس الخلط بين سلطة المال وسلطة السياسة، وهيئة بمثابة كاتدرائية في الصحراء''، كلام خطير سيدتي·· لكنني يمكن أن أفهمه من منطلق دعواتها المتكررة لإنشاء ''مجلس تأسيسي يكون نتاج عمل جاد''، لكن ما لم أفهمه هو طلبها تشكيل لجان شعبية تتألف من عمال ونقابيين ومواطنين من كافة الشرائح، لتتولى النقاش حول السياسات الواجب اعتناقها لخدمة طموحات الشعب، أليس ذلك من وحي الانتفاضات الجارية عربيا سيدتي·· وهل يمكن أن نبدأ هكذا من الصفر·· وهل يمكن أن نُقَوم ما هو موجود أم أنه قد فات الأوان·· وحتى في حالة المقارنة التي ترفضها حنون من منطلق أن النظام في الجزائر مستهدفا من نفس المراكز الداعمة لمبارك، فإنها قد حاولت التقليل من ظاهرة الفساد في الجزائر ''الفساد في مصر يختلف في حجمه عن الفساد في الجزائر''، لكنها تعود وتهاجمه هناك الأثرياء الجدد في الجزائر الذين بيضوا أموالهم خلال تطبيق مخطط التصحيح الهيكلي في التسعينيات، وهناك لوبيات في البرلمان وفي المجالس المحلية، ولدينا ''الزبائنية'' و''الحاشية''·· أليس هذا مبرر للشارع حتى يقصي من لم تستطع الدولة إقصاءهم··؟ مما يبقي سؤالنا مطروحا حول ما ننتظر حدوثه في هذه الأيام في الجزائر؟