لن يفتتح أي مسجد في الجزائر أبوابه للمصلين في بداية رمضان، للتهجد ما لم يُسمح بذلك للإمام من طرف مدراء الأمن الولائيين، حسب المستشار الإعلامي بوزارة الشؤون الدينية، رغم ترخيص الوزير بذلك للأئمة ومنحهم صلاحية التقدير وتحميلهم كامل المسؤولية لكل ما يمكن أن يحدث لبيت الله ليلا، وهو ما قد يضع شيوخ المنابر بين ضغط رهيب للمصلين وبين تخوفهم من تحمّل المسؤولية عمّا قد يحدث، وهو ما يفتح الجدل من جديد ككل سنة حول التهجد· من المرشح أن تعرف مساجد الجزائر جدلا حادا بين المصلين والهيئات المديرة لها من أئمة ولجان، في خضم مطلب المصلين أداء صلاة التهجد في المساجد منذ بداية رمضان إلى آخره· ورغم أن هذه الرغبة قد تم الترخيص لها من قبل وزير الشؤون الدينية، إلا أنها قد لا تعرف التجسيد على خلفية الشكل الذي جاءت وفقه، حيث جعل وزير الشؤون الدينية والأوقاف الإمام المسؤول الوحيد الذي يتحمّل تبعات أي أمر يحدث بالمسجد قبل أو أثناء أو بعد التهجد، وجعله أيضا مسؤولا على أمنه في المحيط وعلى لواحقه وأملاكه بالموازاة مع محدودية إمكانيات الكثير من مساجد البلاد خاصة في المناطق الداخلية من الوطن، وهو ما قد يجعل كثيرا من الأئمة يعزفون عن فتح بيوت الله لأداء صلاة التهجد اتقاء لأي طوارئ قد تحدث لا تعصف في الأخير إلا برأسه· تصريح الوزير قد يضع الأئمة على المحك، بين ترخيص صارم في التقييد الأمني وبين مصلين يرغبون في ممارسة شعائرهم وبشكل خاص في رمضان الذي تعرف فيه المساجد إقبالا منقطع النظير، منه على سائر أيام السنة·وإذا كان الرأي العام قد اعتاد على فتح المساجد للتهجد ليلا ابتداء من العشر الأواخر، فإن ترخيص الوزير سيزيد من الضغط على الأئمة المتحفظين فيما يخص شروط الوزير الأمنية التي قد يراها بعض الشيوخ من الأئمة أنها ليست من مهامهم وهم في حلّ عن توفيرها وحشر الأئمة في مهمات تفوق قدراتهم المهنية، وهو الوضع الذي يرشح موجة الجدل التي قد تسود مساجدنا على غرار السجال أيضا الذي عرفه الموضوع نفسه العام الماضي وما قبل الماضي·الشؤون الدينية تعترف بالضغط وتكشف عن تقارير أمنية من جهته، اعترف المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية والأوقاف، عدة فلاحي، أن تصريحات الوزير بوعبد الله غلام الله ''كان فيها من الصرامة ما قد يضع الأئمة أمام أمر الواقع من جهة، وتحت الضغط أيضا من جهة أخرى مقارنة بمطلب المصلين الذين قد يتخذونه حجة على الإمام لفتح الأبواب دون مراعاتهم لجوانب المسؤولية التي يتحمّلها''· لكن كلام الوزير يضيف عدة فلاحي نابع أولا عن معلومات أمنية دقيقة وتقارير تفيد بأن الوضع الأمني متحكم فيه وأن تصريحه لم يأت في شكل قرار عام وإنما أعطى صلاحية التقدير للإمام وحده، ''وأراد الوزير أيضا التأكيد بأن الدولة وضعت كل ثقتها في الأئمة بعد صدور قانونهم الأساسي، هادفا كذلك لرد الاعتبار للإمام الذي لم يعد في حاجة إلى الوزارة لاستشارتها في كل صغيرة وكبيرة تخص شؤون المسجد، والأمر نوع من الاستقلالية أيضا''· وأكد عدة فلاحي في اتصال معه، أمس، أن تصريحات الوزير مبنية على تقارير أمنية تفيد بأن الوضع متحكم فيه وأنه على الأئمة قبل اتخاذ قرار إقامة صلاة التهجد ''عليهم التنسيق جيدا مع مدراء الأمن الولائيين الذين يُعتبرون الجهة الأساسية التي يستندون إليها ويقررون وفق وجهات نظرها للمعلومات المتوفرة لديها قبل فتح المسجد أمام المصلين'' مما يعني من جهة أخرى أن ''مفتاح'' باب المسجد بيد الجهات الأمنية أكثر مما هو بيد الأئمة·إمام صلوات بمسجد (ر) بالعاصمة: ''العودة إلى حكم الشرع في التهجد هي الحل''يقول إمام صلوات في مسجد (ر) وسط العاصمة، رفض الكشف عن هويته، أن الأمر الذي يظهر تناقضا في المواقف والتصريحات لا يمكن حله إلا بالعودة إلى حكم الشرع في صلاة التهجد، حيث هناك فريقان·· الأول يستند إلى ما قالته أمنا عائشة رضي الله عنها بأنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد عن إحدى عشر ركعة ليلا في رمضان أو في غير رمضان· ومعنى ذلك أن التراويح هي آخر الصلوات في رمضان، وقول الخليفة عمر بن الخطاب ''خير من نام عليها الناس''، حيث كان الخليفة يخشى أن لا يجتمع له الناس في التهجد مثلما يجتمعون في العشاء والتراويح· وهناك فريق يرى أن يصلي 23 ركعة وهو ما يحدث في المملكة العربية السعودية مثلا، لكنهم لا ينكرون الأقوال التي جاءت على لسان عمر وعائشة· وبالتالي هنا يقول إمام الصلوات إن الإمام في غنى عن كل ضغط والحل الشرعي كفيل بأن يزيل كل لُبس، ويقول أيضا ''ليس هناك في مسجدنا أي إلحاح للمصلين على الإمام أو ضغط عليه، ثم كيف يكون التهجد من أول الليل إلى آخره والناس معظمهم يعملون في الغد، فالجسم قد لا يحتمل مثل كل هذا العناء· عبد اللطيف بلقايم