تتواصل فعاليات المهرجان الثقافي المحلي التصفوي للمسرح المحترف بعنابة، وقد دخلت المنافسة في يومها الرابع فرقة ''كانفا'' المسرحية من ولاية برج بوعريريج بعرض يمكن اختصاره في كلمات مفادها أن للأمل صوت استمع إليه وللحياة حبال عديدة تمسك بها، فاستمع لصوت أملك ومد يدك·· مد يدك·· مد يدك·· فكرة العمل الذي أخرجته التونسية بثينة كثيري تقوم على المزج بين قصتين، الأولى لشاب جزائري خاض تجربة الحياة من بابها الواسع واتخذ من المغامرة وحب الوصول وبلوغ العلا هدفا يصارع من أجله، وقصة سيد فرنسي فضّل انتظار الموت بعد أن فَقَدَ ما كان يملكه ورفض كل السبل التي يمكن أن تعيده للحياة القديمة التي كان يعيشها قبل أن يلتقي بالشاب الذي أخذ وقتا طويلا قبل أن يقنعه بأن الحياة أمل ودروب النجاح فيها عديدة، وليس معنى أن يفقد الإنسان بعض نعمها أنه سقط وانتهى بل عليه المثابرة وحمل السلاح من جديد، لأن لا شيء يأتي من عدم· وقائع المسرحية دارت وسط فندق في ديكور ثابت، وقد عولجت فيها مواضيع مختلفة صبّت في قالب واحد، مفادها أن كل إنسان إذا أراد يوما حياة أفضل فلا بد أن يستجيب له القدر، وهي فكرة نجح بطلا المسرحية الشاب سليم والسيد الفرنسي لوفاغر في إيصالها فنياً بعدما وظفا إمكاناتهما الجسدية وبقية العناصر الفنية التي استغلت خشبة المسرح بكل جوانبها في تقديمها وفق خطا دراميا يتسم بالوضوح إلى حد كبير مع عدم التركيز الدائم على منطقية الحدث بقدر التركيز على خيط الحكاية العام لخلق أكبر قدر من التواصل بين القاعة والخشبة، وترك فضاء الحكاية مفتوحا من حيث المكان والزمان مع استخدام اللغة العربية الفصحى، ما شكل تنويعا في أعمال المهرجان من حيث استخدام الفصحى أو اللهجة، وهو ما من شأنه أن يرفد الساحة المسرحية بطاقات إضافية، حسب أهل الاختصاص· أما على المستوى التأويلي، فالجمهور تنوعت آراؤه حول الموضوع، بينما اشترك غالبيتهم في أخذ دلالات تحيل إلى التمسك بالذاكرة والتراث وأهمية عدم فقدانهما من قبل الأجيال الجديدة، خاصة وأن بطلا المسرحية تطرقا في العرض للثورة الجزائرية التي تمثل منبعا للحكايات والموروث· 5 أسئلة إلى: بثينة كثيري (مخرجة مسرحية ''العقد'') المتتبع للمسرحية يقف نوعا ما على جانب مما تعيشه تونس وبعض الدول العربية في الوقت الراهن، أليس كذلك؟ نعم، وإلى حد بعيد، فقد حاولت أن أوظف الوضع الراهن في تونس ضمنيا في العرض من خلال قصة الثورة الجزائرية، وكيف أن الثوار الجزائريين نجحوا في إخراج فرنسا بعد سنوات طوال عندما توفرت لديهم الإرادة والرغبة في التحرر، وهو أمر يمكن أن نعكسه أو بالأحرى يمكن إسقاطه على النظام التونسي السابق الذي نجح الشعب في إسقاطه عندما تولدت لديه الرغبة في الحياة والعيش في ظروف أفضل· وفي اعتقادي الرسالة وصلت وأنا جد سعيدة بهذا العمل، لأنه أعطاني فرصة للتعبير وإيصال رسالة الشعب التونسي ولو ضمنيا وبين السطور··· ممثلون جزائريون ومخرجة تونسية، كيف جاءت فكرة التعاون؟ فكرة التعاون مع فرقة ''كانفا'' المسرحية من ولاية برج بوعريريج جاءت بناء على دعوة من عناصرها، وأنا قبِلت مباشرة لأني كنت دائما على يقين بالموهبة التي يتمتع بها الممثلون في الجزائر، وبالتالي اخترت خوض غمار هذه التجربة التي كانت جد ناجحة بشهادة أهل الاختصاص، وأتمنى أن تتوسع لأعمال أخرى نعبّر فيها بصدق عما تعيشه الشعوب العربية في الوقت الراهن في ظل تسلط الحكام والأنظمة الفاسدة· كيف وجدت الجمهور العنابي؟ جمهور رائع وفي المستوى، كما أنه متذوق للمسرح، وقد رأيت في أعين من حضروا أن جميعهم فهموا مضمون الرسالة التي كنت وفريقي المسرحي نطمح لإيصالها، ومثل هذه الأمور نفتقر لها نحن في تونس، لأن المسرح هناك يعرف ومنذ زمن طويل ركودا كبيرا، بل في كثير من المرات نضطر إلى إلغاء بعض العروض بسبب عدم حضور الجمهور عكس المسارح الجزائرية التي تعج دائما بالحيوية والنشاط، ولديها ممن يعشقون أب الفنون كثيرا، وهو شيء جميل أدعو لأن يوسع مستقبلا أكثر· وما ذا عن مستوى الفرق المشاركة في المنافسة؟ كانت جميعها ذات مستوى عالي، ويستحق جميع أفرادها التشجيع وحتى مواضيع العروض كانت في الصميم، لأنها تعكس حقيقة ما تعيشه الشعوب من ظلم واستبداد، وهذه هي الطريقة التي نستطيع من خلالها إحداث التغيير وبث روح حب الحياة وسط الشعوب· كلمة أخيرة··· أشكر فرقة ''كانفا'' المسرحية على الفرصة التي منحتني إياها، وكذلك بالنسبة للقائمين على مهرجان المسرح المحترف بعنابة، في حين أفضّل أن أختم كلامي برسالة مفادها أنه حقيقة إذا أراد الشعب يوما الحياة فلا بد للقيد أن ينكسر·