ماريو أتيدكبو، مسرحي وكاتب طوغولي، له العديد من الأعمال المسرحية وفي مقدمتها التي تهتم بفن الحكاية، حاليا يواصل دراسته بالبنين في انتظار عودته المرتقبة إلى عقر داره حيث يستفيد أبناء بلدته من خبرته في مجال الفن الرابع. وفي هذا السياق، اتصلت ''المساء'' بماريو عن طريق ''النت'' وأجرت معه هذا الحوار... هل لك أن تحكي لنا قصة حبك مع الفن الرابع، وكيف تقيّم مسارك الفني في هذا المجال؟ أحببت المسرح منذ طفولتي وبالضبط منذ أن كنت تلميذا بالمدرسة الابتدائية، وأتذكر يوم كان عمري سبع سنوات، حيث تم على مستوى فضاء المدرسة تنظيم أسبوع ثقافي، وهنا أدركت أنني سأفهم الحياة بطريقة أفضل من خلال انخراطي واهتمامي بالفن الرابع، كيف لا والحياة بدورها تمثل مسرحا، كما أن المسرح يشكلّ بدوره انعكاسا للحياة؟ وقد حافظت منذ صغري على هذا الحب، أبعد من ذلك، فقد نما هذا العشق في أعماقي إلى حد كبير، وبداية قصتي مع الفن الرابع كما ذكرت آنفا كانت في المدرسة الابتدائية الإنجيلية بهاهوتوي، بعدها انضممت إلى فرقة الكورال لكنيسة تهتم بالفن الرابع ومن ثم التحقت بالفرقة المسرحية والراقصة في المرحلة المتوسطة، ونفس الأمر في طور الجامعة، حيث كنت عضوا في فرقة المسرح والرقص لنادي اليونسكو بالبنين ومن ثم أستاذا في نفس المجال، وفي نفس الوقت انضممت إلى فرقة محترفة للمسرح ''الجمعية الفنية للومي''. وقد تمكنت عبر تجاربي في المسرح، من تأسيس نادي للفن يضم تحت طياته فرقة مسرحية ''رسل الزمن''، كما تحولت أيضا إلى كاتب مسرحي. كيف تعرّف المسرح الطوغولي؟ المسرح الطوغولي هو عبارة عن مجموعة من الأعمال المسرحية الطوغولية التي تحكي واقع الطوغوليين، وكذا الحياة اليومية لسكان الدول المجاورة، كما يضم بالطبع كتابات مسرحية لكتاب مثل كوسي ايفوي وكاغني الام وسينوفي اغبوتا زينسو والمتحدث. هل تعتمدون في الطوغو على النصوص المسرحية التراثية أم الإنسانية، وماذا عن الكتابة المسرحية المعاصرة؟ يوجد في الطوغو مخرجون مسرحيون ومديرو فرق مسرحية يهتمون بالنصوص العالمية وآخرون يستلهمون من التراث المحلي، أما عن البقية، فهم ينصبون على الكتابة المسرحية، وبالتالي، ليست هناك قاعدة في هذا المجال في الطوغو. وماذا عن السينوغرافية والإخراج المسرحي في الطوغو، هل لديهما خصوصيات؟ يوجد في الطوغو سينوغرافيون كبار يمتهنون حرفتهم بتقنيات عالية، واذكر بالخصوص السينوغرافي الشهير دوسو كوملانفي كوكو، الذي يلجأ إليه الكثير من المخرجين المسرحيين، وكذا رؤساء المهرجانات لإنجاز أعمالهم. أما عن الإخراج المسرحي، يمكن أن أقول أن هناك بالطوغو، عباقرة في الإخراج المسرحي، يختارون تقنيات جمالية تناسب أذواقهم، فهم يعرفون كيفية تقديم جانبهم الإبداعي لتحضير عروض تناسب الزمن والفضاء. وأقول انه منذ خمسة عشر سنة، ظهر في الطوغو تقليد جديد يتمثل في تقديم القصص على المسرح أي تحويل تقليد القصة في البلد إلى مسرحية تلقى رواجا كبيرا سواء من الجمهور أو من الفرق والتعاونيات المسرحية. كيف تعرّف طبيعة العلاقة بين المسرح والطوغوليين؟ توجد علاقات جيدة بين المسرح والجمهور، رغم أن الراتب الهزيل الذي يتقاضاه الطوغولي لا يسمح له بالترفيه بالطريقة التي يريدها، ومع ذلك يحب الطوغولي المسرح والدليل حضوره في العروض المسرحية، بالمقابل أتمنى حقا أن يدرك السياسيون عندنا أهمية الفن الرابع في حياة المواطن. هل يمكن القول أن قاعات المسرح في الطوغو تمتلئ عن آخرها؟ نعم، ولكن هذا الأمر يتعلق فقط بالمركز الثقافي الفرنسي ومعهد غوته بلومي العاصمة حينما يحتضنان العروض المسرحية، أما عن القاعات الأخرى مثل المركز الثقافي دنيغبا والمركز الثقافي ميرتورنيا، فإقبال الجمهور عليها يبقى محدودا والأسباب متعددة. هل تضم الطوغو مدرسة للمسرح؟ لا توجد بعد مدرسة لتعليم أبجديات المسرح في الطوغو، ولكن هناك فضاءات ثقافية أنشأتها هياكل مسرحية مثل : ''المجموعة الثقافية غريوت نوار للطوغو'' ومسرح ''زيغاس'' وغيرها، تلعب دورا كبيرا في التكوين المسرحي. هل يمارس الطوغوليون المسرح في المدرسة وبالأخص في الطور الابتدائي؟ يوجد فصل حول المسرح في البرنامج الفرنسي في الطور النهائي، ولكن في معظم الأحيان لا يّطبق عمليا لان أغلبية الأساتذة لا يهتمون بالفن الرابع، أما عن الطور الابتدائي فهو لا يضم فصلا أو دروسا خاصة بالمسرح. حدثنا عن نصوصك المسرحية، وهل للفن الرابع تأثير كبير على الجمهور؟ تندد نصوصي المسرحية في الكثير من المرات، بكل الآفات التي تنهال علينا، وفي هذا السياق تقوم فرقتي المسرحية بجولة وطنية بمسرحية ''والآن؟''،نهدف من خلالها إلى الكشف عن التمييز السلبي الذي يعاني منه مرضى نقص المناعة، ولست الوحيد الذي يعمل في هذا الاتجاه، بل الكثير منا يريد أن يتغير المجتمع الطوغولي بطريقة إيجابية، وهنا يمكن أن أقول أن المسرح يؤثر كثيرا في أبناء وبنات الطوغو، فالمسرح الطوغولي يهتم بالحقائق التي يعيشها المجتمع، وهذا الذي يوّطد الرابط بين الفن الرابع والمجتمع الطوغولي. وماذا عن علاقة المسرح بالمدنية؟ العلاقة بين المسرح والمدنية وطيدة حقا، وهذا منذ عهد سوفوكل إلى عهدنا، مرورا بموليار وولي وكوسي ايفوي مثلا، فقد كان المسرح وما يزال قاعدة متينة للتكوين والتربية والاتصال وغرس القيّم الاجتماعية والتنموية في المجتمع. لماذا اخترت البنين للعمل في مجال المسرح، وهل ستعود للعيش بالطوغو؟ ذهبت إلى البنين لكي أواصل دراستي، حيث درست هناك ماستر في العلوم التقنية والأعمال الحركية والرياضية والفنية ''تخصص تنمية إنسانية وترشيدية''، كما أهدف إلى مواصلة دراستي ونيل الدكتوراه، ولكنني سأعود يوما ما إلى الطوغو لأنني أيضا أستاذ في التعليم العالي بالمعهد الوطني للشباب والرياضة بلومي، ولهذا فطلبتي ينتظرونني في البلد لكي يستفيدوا من خبرتي، في إطار الترشيد في النشاطات الحركية والرياضية والفنية. حدثنا عن المسرح في البنين، هل هو مختلف عن الفن الرابع في الطوغو؟ يتغذى المسرح في البنين من الثمار التي قطفها من مدرسة'' ألوغبين دين'' التي تعاني من مشكل التمويل، شأنها شأن الفضاءات الثقافية الأخرى، ولكن رغم ذلك، فهناك العديد من الجهات تهتم بالمسرح مثل فنانين وتعاونيات مسرحية، وهذا من خلال المشاركة في المهرجانات الكبيرة التي تمثل سوقا لتوزيع الأعمال المسرحية، والحقيقة، لا توجد فروق كبيرة بين مسرحه والمسرح الطوغولي. هل هناك تبادل في الأعمال المسرحية بين الطوغو والبنين، وبين الطوغو ودول أخرى؟ نعم، هناك تبادل فني بين الطوغو والبنين وهذا من خلال المهرجانات المقامة في البلدين حول الفن الرابع، حتى أن هناك أعمالا مشتركة في هذا المجال بين التعاونيات المسرحية والممثلين والمخرجين المسرحيين، والتي فتحت الشهية للمسرحيين من غانا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وكوت ديفوار وغينيا للقيام بنفس الشيء. ماذا تعرف عن المسرح الجزائري، وكيف كانت مشاركتك في الطبعة الأخيرة للمهرجان الدولي للمسرح؟ ما أعرفه عن المسرح الجزائري أنه شرب كثيرا من منبع المسرح الغربي ويجد صعوبات في الانفصال عنه، هو حقا تناقض أجد صعوبة في فهمه، لا أفهم كيف أن المسرح الجزائري الذي كان يجب أن يكون مسرحا إفريقيا، يسمح لنفسه بأن يستمر في كونه مسرحا شبيها بالمسرح الغربي؟ أما عن مشاركتي في المهرجان الدولي للمسرح، فقد شاركت في طبعتيه الأولى والثانية، لأنه ضم في برنامجه فن الحكاية، كما أنني أمتلك فرقة مسرحية معروفة، وهو ما أدى إلى دعوتي لهذه الفعاليات، علاوة على أن الحكاية أيضا معترف بها كنوع مسرحي متكامل، وفي هذا السياق أتمنى أن أكون حاضرا في الطبعة الثالثة للمهرجان بعمل مسرحي عن الحكاية، وهو التخصص الذي اعمل عليه منذ 12سنة. ما هي مشاريعك المستقبلية في عالم الفن الرابع؟ سأشارك هذه السنة في المهرجانات حول المسرح والرقص والشعر والحكاية بالطوغو والبينين وغانا ومالي وبوركينا فاسو وكوت ديفوار والجزائر والمغرب والنيجر. ودائما في سنة ,2011 سأقوم بجولات فنية في الطوغو رفقة المنظمات غير الحكومية ''أصدقاء الأرض'' و''بي أس إي الطوغو''، وهذا مع منظمتي''المجمع الثقافي لغريوت الأسود'' للطوغو، بالمقابل سأواصل تنشيطي ورشات التكوين في المسرح والرقص والحكاية والموسيقى وبما أنني مدير المهرجان الدولي الأول للحكاية بالطوغو من الخامس أوت إلى غاية 15من الشهر نفسه، اعمل على البحث عن ممّولين لهذه الطبعة. أما من ناحية البحث، فأنا بصدد التحضير لشهادة الماستر في فيفري القادم بالبنين، ومن ثم سأفكر في موضوع الدكتوراه، الذي سيكون حتما قريبا من عالم فن الكلام والحكاية.