بعد إعلانه عن الوقوف إلى جانب الشعب الليبي ضد نظام معمر القذافي، وبعد الدور الكبير الذي أداه في التأثير على قرار الجامعة العربية في مسألة فرض حظر جوي على السماء الليبي، ها هو مجلس التعاون الخليجي يسارع في تطبيق اتفاق التعاون المشترك بين أعضائه من خلال إرساله لوحدات ''ردع الجزيرة'' العسكرية إلى مملكة البحرين ''انطلاقا من مبدأ وحدة المصير وترابط أمن دول مجلس التعاون على ضوء المسؤولية المشتركة في المحافظة على الأمن والاستقرار''، كما جاء في بيان رسمي صادر عن الحكومة البحرينية· ومن جهته، عبّر وزير الإعلام السعودي، عبد العزيز خوجة، عن رؤية دول مجلس التعاون وموقفها من الأحداث بقوله: إن دول المجلس ستواجه بحزم وإصرار كل من تسول له نفسه القيام بإثارة النعرات الطائفية أو بث الفرقة بين أبناء المجلس ودوله أو تهديد أمنه ومصالحه''· ويلاحظ على هذا الخطاب أنه لا يختلف في شيء عن ذلك الذي سمعناه من العقيد معمر القذافي وابنه سيف الإسلام، وهما يهددان الشعب الليبي بالقتل والدمار إذا استمر في التعبير عن رفضه للنظام القائم· كما أنه ينبئ بنوعية ما يخبأ للشعب السعودي· ويلاحظ على تصرف مجلس التعاون، وبخاصة العربية السعودية، أنه، على خلاف وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، لم يكتف باقتراح مساعدة ملك البحرين في قمع المتظاهرين وإنما قفز مباشرة إلى التنفيذ· ويبدو أن أمراء وملوك الخليج تأكدوا من الخطر الذي يتهدد عروشهم في حالة انتصار الثورة البحرينية· ذلك أن هذا الانتصار يعني: نهاية عهد الممالك المطلقة على طريقة العهود القديمة، وتعويضها بممالك دستورية تسمح بمشاركة أوسع لكل فئات الشعب· ويعني، تقدما غير مسبوق في التمثيل السياسي للطائفة الشيعية في الخليج العربي، وتوجيها لما يمكن أن تكون عليه المطالب الشيعية في مملكة محكمة الغلق كالعربية السعودية· وهذا يعني أخيرا إمكانية وصول الثورة إلى هذه البلاد بكل ما تحمله من مجهول· والسؤال المطروح: ما هو احتمال نجاح النظام السعودي في تطويق الأزمة في البحرين قبل أن تقطع طريقها، القصير من المنامة إلى الرياض؟ أول ما يمكن تصوره أن تحوّل هذه الطريقة القمعية الوضعية في البحرين من أزمة سياسية إلى حرب طائفية حقيقية لم تكن هي أصل المشكلة· ولا أدل على ذلك من تصريحات المعارضة البحرينية التي اعتبرت ما يحدث نوعا من الاحتلال الأجنبي والسطو على سيادة الشعب البحريني· ومن المعارضين من صف ما أقدم عليه مجلس التعاون الخليجي بالحرب المفروضة على البحرينيين· وبعد: أولم تفعل السعودية، بتصرفها هذا، سوى زيادة شحنة من الزيت على النار؟ أو لم يكن الأجدر بها أن تلجأ إلى طرق سلمية إلى حل المشكلة، من قبيل الضغط في اتجاه إصلاحات سياسية حقيقية؟ ثم أليس الأجدر بالسعودية أن تطبق مبدأ الاستباق في هذا الاتجاه وأن تبادر هي نفسها بالإصلاح·· قبل فوات الأوان·