تزايد في السنوات الأخيرة عدد الأفارقة الذين تخصصوا منذ عقود في بيع العقاقير، وبات تواجدهم بالسوق المركزي بالوادي بشكل جلي، حيث يتاجرون على وجه التحديد في مواد عديدة لاسيما منها الدهون والعقاقير وبعض أنواع الزيوت والأعشاب· ويعرض هؤلاء الباعة بضاعتهم على الأرض ويلتف حولهم الزبائن والفضوليون يستمعون بتمعن لما يصدر منهم من كلام مغري يبرز خصائص ومكونات الزيوت والدهون المعروضة ومعالجتها لبعض الأمراض المستعصية على حد وصفهم· ويلجأ الباعة الأفارقة إلى استعمال مختلف الطرق والأساليب لجلب المارة كارتدائهم للقندورة والعمامة اللتين توحيان إلى الورع والتقوى، بغية إيهام الناس بصدق ما يقولون، كما أن هؤلاء يضعون أمامهم بعض الدهون والعقاقير والأعشاب والزيوت التي يقومون أحيانا بتجريبها على بعض المرضى، في مشهد يجعل العديد من الحضور يقتنعون بالدواء المجرب ويقومون باقتنائه خاصة للفئات اليائسة بعد رحلات الاستشفاء بين العيادات الخاصة والمستشفيات· ويستعمل هؤلاء الباعة الذين ينحدر أغلبهم من الدول المجاورة كالنيجر ومالي وحتى من تشاد ألفاظا مغرية يربطونها عادة بالدين ونجاعة أدويتهم وفعاليتها في الشفاء من عديد الأسقام· ولعل اللافت لدى هؤلاء الأفارقة هو الأسعار المرتفعة لعقاقيرهم ودهونهم وزيوتهم، ويوهمون المشترين بأن هذه المواد المعروضة فعالة للغاية وذات نجاعة كبيرة في معالجة مختلف الأمراض والعلل، حيث تصل أسعار بعض القوارير الصغيرة جدا من الدهون والزيوت إلى ما لا يقل أحيانا عن 200 دج، في حين يزيد سعر بعض العقاقير على 350 دج، أسعار رغم أنها تفوق أنواع عديدة من أسعار الأدوية في الصيدليات إلا أن العديد يقدمون على شرائها لاعتقادهم أنها شافية من بعض الأمراض والآلام التي يعانون منها· وبغية جلب العدد الأكبر من ''الغافلين''، فإن الباعة الأفارقة كثيرا ما يستعملون سلوكا وألفاظا مستوحاة من الدين ويضعون أمامهم كتبا عديدة تتحدث عن مواضيع طبية متنوعة· كما يقوم هؤلاء بالإشادة بأنفسهم وأدويتهم التي يسوقونها وهذا من خلال ادعائهم بأنهم معروفون عبر مختلف مناطق الوطن، وأن التجارب أثبتت نجاعة أدويتهم، ما زاد من الطلب عليها· والملاحظ أن هؤلاء الباعة الأفارقة يركزون في حديثهم على أن أدويتهم مفيدة في علاج تلك الأمراض المنتشرة بكثرة في المجتمع، خصوصا في الوقت الراهن كالاضطرابات النفسية والغازات والتبول لدى الأطفال وسقوط الشعر لدى النساء إلى جانب الأمراض الجلدية وآلام المفاصل وآلام المعدة وغيرها من الأمراض الأخرى· الظاهرة اعتبرها العديد من سكان الوادي نوعا من التحايل الذي يهدف من ورائه هؤلاء الأفارقة إلى جمع المال واستغفال الناس لا غير، مؤكدين بأنه لو كانت هذه العقاقير والأدوية التي يعرضونها ويدعون نفعها وفعاليتها في الشفاء من عدة أمراض، لكان الأولى بالمرضى، حسب هؤلاء، أن يتنقلوا لهؤلاء الباعة الأطباء بدلا من أن يبحثوا هم عن المرضى لتسويق الأدوية إليهم· ويشير هؤلاء الرافضون إلى أن سلوك الأفارقة يعد نوعا من أنواع الضحك على الغلابى والمرضى، حيث يستغلون وضعهم الصعب لتسويقهم مثل هذه المنتجات التي لا يعلمون مصدرها ويشترونها بأسعار مرتفعة· وطالب هؤلاء بضرورة وضع حد لنشاط هؤلاء الباعة الذين يلحقون -حسبهم- أضرارا بليغة بالمرضى، فيما يذهب بعض المترددين على هؤلاء الباعة إلى حد الاعتقاد بأن هذا النوع من العلاج التقليدي أثبت نجاعته وبات أحد أنواع العلاج التي يعتمد عليها البعض في التداوي من أمراضهم· وذكر أحد المرضى أنه لجأ إلى التداوي لدى هؤلاء الأفارقة بعد أن طرق أبواب عدد من الأطباء بمن فيهم المختصين، إلا أن وضعه الصحي ظل على ما هو عليه، وأضاف هذا المريض بأن لجوءه لاستعمال هذه الأدوية والعقاقير التي يبيعها الأفارقة إن لم تفده في الشفاء من مرضه، فإنها لن تضره، باعتبار أن مكوناتها مثلما يعتقد مستخلصة في معظمها من الأعشاب والدهون·