أكد الباحث الجزائري زابوري مرتضى، أمس الأحد، في ملتقى ''العالم العربي في غليان'' المختتم بالمكتبة الوطنية، أن الثورات العربية هي علامة على بداية عهد عالمي جديد، سماه بمرحلة ما بعد الغرب، وأكبر ما يميزها هو ظهور قوى عالمية عظمى ستعيد الحياة لطريق الحرير، بفتح شرايين تجارية ومالية خارج ثروة النفط· كما أجمع المتدخلون على ضرورة تجاوز منطق المؤامرة في تحليل الحراك العربي· يرى الدكتور مرتضى زابوري، من جامعة مونتريال الكندية، أن العالم اليوم، يعيش حالة عدم الاستقرار، وينظر بعين الريب والقلق للمستقبل، بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، بقوله ''علينا أن نتخلص من عقلية المؤامرة، الكل يريد الخروج من الأزمة''، معتبرا أن الأمريكيين نفسهم لا يعرفون كيف يضمنون أفق ,2015 و ما تصرفات رئيسهم سوى محالات لضمان بعض الترتيب في البيت الأمريكي، مضيفا أن إسرائيل التي ينظر إليها كبعبع العالم العربي، تسجل حركة هجرة تستنزف قاعدتها البشرية· ورسم زابوري، في مداخلته منحنى بيانيا يظهر التصاعد في الأحداث عبر العالم، داعيا في بداية تحليله الى اعتبار التطورات الحاصلة في الوطن العربي، جزء من سياق عالمي أكبر مما يتصور العامة ''هو تنقل كبير حدث اليوم، كما يحدث في حياة الأمم كل ثلاثة أو أربعة قرون·· بعد هذه الثورات، يمكن القول أننا في مرحلة ما بعد الغرب، وما بعد الدولة الوطنية، التي لن يكون لها نفس المفهوم''، وأشار إلى وجود ديناميكية اجتماعية وظواهر ستطفو إلى السطح، ستتحرك في فلك ''طريق الحرير'' الذي تتأسست ملامحه بين الدول المرشحة للعب دور قيادي في العالم، ويتعلق الأمر ''بتركيا، إيران، روسيا، نيجيريا، الصين، باكستان، ودول آسيا الوسطى ناهيك عن مصر كدولة عربية وحيدة في المجموعة''، مستندا إلى عدد من الدراسات الاستشرافية، التي تشتغل عليها مراكز البحث في أمريكا وبريطانيا، في أفق ,2017 حيث يتم الحديث عن انفجار في الاختراعات العلمية بآسيا، وعجز الحظيرة التكنولوجيا الحالية عن تلبية حاجات السكان مستقبلا، ومنه عجز الموارد المالية والنفطية عن تلبية حاجة أربعة ملايير مستهلك· ويوضح مرتضى ذلك بالقول ''سيتحول العالم إلى اللامركزية المالية وتراجع تأثير قادة الدول، كما هو الحال في الصين حاليا، فالعالم الجديد في طور الميلاد، يحتمل كل السيناريوهات الممكنة، وبالتالي على العالم العربي أن يحدد موقعه في هذه خريطة الجديدة''· أما المدير الجديد لطريق الحرير، فسيكون -حسب زابوري- شنغهاي ''وقد بدأت هذه الطريق تتشكل، عبر شبكة عملاقة من السكك الحديدية بين طوكيو وبرلين، تمر بثمانين عاصمة عالمية''، مؤكدا أن تثبيت الخطوط قائم لكن بصمت شديد، على الطريقة العربية ''لأن العرب لا يصرحون بما يفكرون أو يعملون،ما يعرف بالإستراتجية الصامتة''· قارب حلمي شعرواي، التحولات السياسية في العالم العربي، من زاوية إفريقية محضة، فقال ''الثقافة العربية لا تريد أن تندمج مع ما يأتيها من الجنوب، وهي تتطلع فقط لرياح الشمال··''، مشيرا إلى أن العولمة أصبحت متعددة الأوجه ''العولمة لم تعد أمريكية فقط، بل هناك عولمة إسلامية وأخرى جنوبية (البرازيل والصين··)، الآن العالم يتسع ولا بد على العرب أما الدخول أو الخروج من هذا العالم والاكتفاء بالتعامل مع أقطار محدودة''· شبه الشعرواي الثورات العربية، بثورات براق، أو ''أورانج''، ثورة الجزائر، أو ثورة سيوتو في جنوب إفريقيا، كما تحدث إلى ثورات أخرى تحدث في إفريقيا قضت على النظم العسكرية· وانتقد التشاؤم الإفريقي الذي لا يفكر إلا في انتكاس الثورات بدل نجاحها· تقاطع رأي الشعرواي مع الباحثة الأمريكية هلينا كوبان، كاتبة وخبيرة في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حينما قالت أن وسائل الإعلام الالكترونية، من تيوتر وفايس بوك ومدونات، مكنت العرب من التناقش بحرية، بعيدا عن قيود السلطة، وقد نقل الشباب العربي صورة جميلة عنه، وعرف الغرب بأن الشعوب العربية جديرة بالديمقراطية، عكس ما حاولت وسائل إعلامية غربية الترويج لفكرة أن العرب لا يستحقون الديمقراطية· وفيما ذهب الشعرواي إلى القول أن ''الفقر ليس هو السبب الوحيد للثورة، بل الحاجات الثقافية والاجتماعية''، قالت كوبان ''تمتع الشباب العربي بروح النكتة والسخرية فمنحوا فسحة للفرجة والاطلاع على واقعهم''، فيما نفت أن يكون ويكيليكس ''لعبة في يد بارك أوباما··'' بمعنى آخر ''ويكيليكس لم يكن مؤامرة بل تسريب للمعلومات''، وعن تغطية ''بي بي سي'' لمجريات الثورات في تونس ثم مصر، قالت الخبيرة ''كانت القناة تحت ضغط الجماعات المساندة لإسرائيل، ومع ذلك كانت تغطيتها للربيع العربي أفضل من القنوات الأمريكية·· في المقابل وجود وكالات أنباء صينية اقتربت من الموضوعية فنافست رويترز نفسها''·