لم يمر أسبوعان على إضراب عمال السكك الحديدية الذي انتهى بشكل مفاجئ مثلما بدأ حتى أُعلن عن شلل تام في القطاع، بسبب الإضراب الجديد الذي جاء شاملا ويشارك فيه رؤساء القطارات، والسائقون الميكانيكيون، وحتى المراقبون· فليس هو الإضراب الأول لعمال قطاع السكك الحديدية، ولن يكون الأخير، مع أن المطالب تبقى نفسها التي أدت إلى سلسلة من الإضرابات المتواصلة والمتشابهة منذ سنين لتنتهي مع فتح أبواب الحوار دون أن تتوصل الأطراف إلى حل نهائي للمشاكل· إنها الإضرابات التي تشكل قطارات ضواحي الجزائر العاصمة شرقا وغربا، إلى قطارات الخطوط الجهوية والخطوط الطويلة، والكل يؤكد أن المشاكل واحدة، والمطالب التي كانت تتمثل في ''ضرورة احتساب ساعات العمل الإضافية'' و''ضرورة وضع سلم لتصنيف الدرجات'' إضافة إلى مشكلات مهنية أخرى، توسعت أكثر إلى تعويضات بأثر رجعي تمتد إلى سنة .2008 ولأن الإضرابات السابقة انتهت دون التوصل إلى حل نهائي، فإن الأمر يتكرر في كل مرة إلى درجة أنه لا يكاد يمر شهر واحد دون أن تشل حركة القطارات ولو بشكل جزئي· ومع تأجيل الحل فإن المشكلة تتواصل ومعنى هذا -حسب مسؤولي الشركة الوصية- الملايير من الخسائر حتى ولو شمل الإضراب محطة واحدة مثل محطة آغا· ولعل أكبر ضحايا هذه الإضرابات المتواصلة في القطاع، إضافة إلى العمال الذين لم تحل مشكلاتهم بشكل جذري رغم الوعود الكثيرة والتسويفات المتكررة، هم زبائن قطارات الضواحي على وجه الخصوص، ففي كل مرة لا يتم الإعلان عن الإضراب وعندما يتجه الناس إلى المحطة صباحا يُفاجأون بباعة التذاكر الذين يرفضون أداء الخدمة، وفي بعض الحالات يكون بائع التذاكر لا يعلم بالإضراب ولا يدري الزبون حينها إن كان الأمر يتعلق بتأخر روتيني أو بإضراب، وإن حدث الإضراب فإن محطات النقل البري تصاب بشلل تام حيث لا تستطيع تأدية الخدمة وهي التي تلقت أعدادا كبيرة أكثر من المعتاد، ولا عجب إن تعطلت كل المصالح وتأخر الطلبة عن موعدهم وتأخر العمال عن عملهم· إنها المشكلة التي تتكرر في كل مرة مع الإضرابات المفاجئة هذه، والتي في العادة لا تقدم أثناءها الحد الأدنى من الخدمات· ظاهريا مؤسسة النقل بالسكك الحديدية توجد في أحسن أحوالها، والحظيرة مجددة والعربات الكهربائية إضافة إلى العربات السريعة ''ديزل'' للمسافات الطويلة متوفرة بالشكل الكافي، لكن المشاكل العالقة، إضافة إلى الاعتداءات المتكررة على القطارات في بعض الضواحي والتي تسببت حتى في قتل أحد المكانيكيين قبل سنين، تجعل تجديد الحظيرة يفتقد إلى المعنى الحقيقي، فالحركة مشلولة إلى أجل غير مسمى ولا معنى إذن للقول بأن بلادنا من أكثر البلدان تقدما في هذا القطاع·