من جديد تشتعل النار الخامدة تحت الرماد في بيت الأفالان، ومن جديد تشتد أوار المعركة بين بلخادم وجماعته وخصومه المتحولين، ومن جديد يحتل نزاع الأخوة الأعداء واجهات الصحف، ومن جديد تتناسل التساؤلات حول من يقف وراء هذه الفتنة الجديدة والتي كثيرا ما تنتهي إلى هدنة ومصالحة مؤقتة·· لكن هذه المرة انضاف إلى الفتنة المعتادة، عنصر جديدا· وإن كان في حقيقة الأمر قديما، يتمثل في إعادة الأفالان إلى المتحف·· ترى هل يعكس هذا النزاع أو هذه الحرب بين أنصار وخصوم الأمين العام للأفالان، صراع أجنحة داخل النظام أم تحضير سيناريو، الغرض منه جس النبض لتوجه آخر سيسلكه النظام مع رئاسيات 2014؟! ما يمكن أن يقال اليوم يبقى مجرد تكهنات، ومجرد بالونات اختبار، لأن حتى المتحكمين في خيوط اللعبة يفتقدون إلى خطة واضحة في بناء المشهد الجديد الذي سيعقب الحقبة البوتفليقية·· ويرجع هذا اللاتحكم في الخطة الدقيقة إلى غياب التكهن بموازين القوة على الأرض وممثليها الحقيقيين·· ويعكس ذلك أن المشرفين على اللعبة ليسوا بالقوة المنسجمة، الدليل على ذلك، أن بعد الأحداث السابقة التي تزامنت مع الثورة في تونس، كانت هناك إرادة في إحداث تغييرات جذرية، منها الاستغناء عن الحكومة الحالية، لكن سرعان ما تم التراجع عن ذلك·· الدليل الثاني، هو انتقال بلخادم من تحالفه القديم مع المقربين من الرئيس إلى جماعة ثانية تختلف استراتيجيا مع نظرة بوتفليقة في إدارة الحكم·· الدليل الثالث، أن التوافق مع الرئيس للإستمرار دون مدة محددة في الحكم سرعان ما تغير جذريا لتتم العودة من خلال مشاريع الإصلاحات الجديدة إلى نقطة البداية، وهو الالتزام بعهدة رئاسية تجدد مرة واحدة فقط·· الدليل الرابع، هو التأرجح بين النظام الرئاسي والبرلماني بعد الحسم لصالح النظام الرئاسي ممثلا في شخص بوتفليقة·· يطرح خصوم بلخادم، مسألة اقتناع هذا الأخير أنه ينوي أن يكون خليفة لبوتفليقة؟! ونحن نعلم أن النية لا تكفي، وأن بلخادم غيّر من بوصلته ابتعد عن بوتفليقة ليقترب أكثر من أصحاب النفوذ والقرار··· والسؤال هل تمكن بلخادم من الفوز بثقة أصحاب القرار؟! وإن كان الأمر كذلك، هل يعني أن النار التي اشتعلت مؤخرا في بيت الأفالان، يريد من ورائها أصحابها أن يلقوا هم الآخرون بثقلهم ليثنوا دوائر القرار أو النفوذ للتراجع عن ذلك؟! أم كل ذلك سوف يشكل واجهة لعبة تسمح بتحضير سيناريو، قد يكون مفاجئا للكثيرين عندما تحين لحظة الفصل؟! إن ما يحدث يكشف أننا لم نتخلص بعد من الرؤيا والآليات التي أوصلت اللعبة السياسية إلى حدودها، وبالتالي النظام على عدم القدرة لأن يتجدد ويفتح آفاقا جديدة، وهذا بالرغم من الفرص الثمينة التي توفرت خلال العشريتين المنصرمتين، وفي الوقت ذاته يكشف عن هذا التجاهل لورقة مهمة وأساسية اسمها ورقة الشعب أو المجتمع الذي يمكن أن يقلب الخطط المحضرة رأسا على عقب في لحظات لا تكون في حسبان أحد···