إنتقدت المجاهدة فاطمة أوزقان، في ندوة مركز الدراسات الإستراتيجية، بمقر يومية ''الشعب''، أمس الإثنين، الحكومة الحالية وإصرارها على تعتيم تاريخ الجزائر الثوري، وعدم تمكين الأجيال الصاعدة من ''الفهم الصحيح لما حدث من 1830 إلى .''1962 فيما قال الكاتب عمار بلخوحة، إن الجامعة الجزائرية برهنت بعد خمسين عاما من استقلال البلاد، عن عجزها في تكوين مؤرخين من قامة قداش وحربي· نظمت يومية ''الشعب'' صبيحة البارحة ندوة تاريخية بعنوان ''17 أكتوبر التاريخ والمطالب''، ودعت لإحياء المناسبة في ذكراها الخمسين، كل من المجاهدة فاطمة أوزقان والباحث في التاريخ عمار بلخوجة· هذا الأخير قال، إن ما بلغته فرنسا الاستعمارية من وحشية في 1961، هو تتمة لسلسلة الجرائم التي اقترفتها منذ دخولها الجزائر في صيف 1830: ''طيلة هذه السنوات الطويلة الفكرة الاستعمارية لم تتغير''، في إشارة منه إلى إبادة عدد من القبائل المنتشرة عبر التراب الجزائري، أبرزها قبيلة ''الحوفية'' بالحراش التي أبيدت كاملة من قبل الدوق روفيغو، إلى جانب قبيلة أولاد رياح، ووصلا إلى ما اقترفه السفاح أشياري في حق الشباب الفالمي، معلقا على هذه التجاوزات بالقول: ''موريس بابون هو نتاج كل من سبقه على رأس القيادات العسكرية''، مثل بيجو وماسو· ويرى المتدخل في السياق ذاته: ''يوم 17 أكتوبر انتقمت الدولة الفرنسية ممثلة في شرطتها من الشعب الجزائري الأعزل، لأن السلطة الاستعمارية آنذاك لم تتقبل يوما جرأة الجزائريين في نقل الثورة إلى الأراضي الفرنسية''· أوعزت أوزقان، من جهة أخرى، انسلاخ الأجيال الصاعدة عن ماضيها الثوري، إلى تقصير الحكومات الجزائرية المتتالية، عن النظر بصدق في ما وقع أثناء الثورة التحريرية، مضيفة: ''الحكومة اليوم مسؤولة حيال الجيل الثالث من الاستقلال، وهي تعلم أن جيل اليوم بحاجة إلى تاريخ واضح، ساعتها فقط يمكن الاتكال على هذه الأجيال لمطالبة فرنسا بالاعتذار''، مردفة في سياق ذاته: ''على الحكومة أن تفهم أنه دون الشعب لن تنال شيء''، في إشارة إلى الاعتذار الرسمي· أما بلخوجة، فيرى أن الجزائر اليوم بحاجة إلى حلفاء جدد من المثقفين الفرنسيين، ينشطون إلى جانب الجمعيات الجزائرية هناك بالمهجر، منتقدا في الآن نفسه، النقص الفادح الذي تسجله الجزائر في مجال المؤرخين: ''ساحة المؤرخين فارغة، ما عدا حربي وقداش نحن لا نعد أحدا، من بين ملايين المتخرجين من جامعتنا''· أنهى الثنائي أوزقان وبلخوجة، مداخلتهما التاريخية، إلى جانب عدد من الحضور، ممثلين للجالية الجزائريةبفرنسا، بالاتفاق الصريح حول مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية، في شقها التاريخي، مفاده أن ''أمل'' الاعتراف بيوم 17 أكتوبر كجريمة دولة ومنه الاعتراف بكل الجرائم الأخرى، قد يتحقق مع اعتلاء اليسار سدة الحكم، وبتعبير أوزقان: ''فرنسا مجبرة على الاعتراف بجرائمها، لأن الوعي السياسي الذي تلعبه الجمعيات والمنظمات هناك يشكل قوة ضغط سوف تؤتى ثمارها عاجلا أم أجلا''·