ألحت شخصيات تاريخية ومجاهدة شاركت في الثورة التحريرية ومفاوضات وقف اطلاق النار على ضرورة توسيع البحوث في التاريخ باشراك كل من عايش الحدث، لتدوين كل الوقائع التاريخية وحفظها وتلقينها للأجيال الصاعدة، خاصة ما تعلق منها بعيد النصر المصادف ل19 مارس، الذي يعد محطة بارزة في إستقلال الجزائر· وأكد العقيد في جيش التحرير الوطني خلال الثورة لخضر بورقعة على ضرورة اشراك كل الأطراف التي عاشت الثورة للإدلاء بشهاداتها حول الأحداث من أجل تفنيد الاشاعات ومحاولات تزييف تاريخ حرب التحرير من قبل أطراف فرنسية محملا المؤرخين مسؤولية تدوين الوقائع التاريخية لصالح الأجيال الصاعدة· من جهته، تحدث السيد عمار عيساني المعروف بعميروش، ضابط سابق في جيش التحريرالوطني ل المساء على هامش الندوة التي نظمتها جمعية مشعل الشهيد حول شهادات حول توقيف القتال وردود الفعل في الداخل والخارج أمس بمركز الصحافة بجريدة المجاهد، أنه عين ضمن اللجنة المكلفة آنذاك بتطبيق ما نصت عليه إتفاقية إيفيان، من أجل تجسيد قرار وقف اطلاق النار الذي قُبل حسبه برفض قاطع من قبل الحركى المقدر عددهم آنذاك ب120 حركيا والأقدام السوداء والجيش الفرنسي الذين قدر عددهم بمليون شخص· والذين عملوا كل ما في وسعهم لإرغام الجزائريين على العودة الى الحرب ومواصلة العمل المسلح لجعل السلطات الفرنسية تأخذ إنطباعا خاطئا عن الجزائريين مفاده أن الجزائر تخون ما تمّ الاتفاق عليه، وتواصل القتال· وقال المتحدث إنه لهذا الغرض تمّ تشكيل لجان وطنية لتطبيق إتفاقية إيفيان على أرض الواقع وإقناع المجاهدين والعائلات الجزائرية ببنودها· وفي هذا السياق، أضاف محدثنا أن الأقدام السوداء التي رفضت الإستقلال ومغادرة الجزائر وترك ممتلكاتها، كانت تبحث عن الذرائع والحجج للتعدي على الجزائريين وقتلهم من أجل إستفزازهم وإثارة غضبهم لزرع في أنفسهم مشاعر الإنتقام والأخذ بالثأر وبالتالي مواصلة القتال، غير أن أعضاء اللجنة المكلفة بتطبيق قرارات إيفيان تمكنت من اقناع الجزائريين بعدم الأخذ بالثأر والابتعاد عن القتال وكنا دائما نقول حتى لو قام الفرنسيون بقتل 200 ألف جزائري، فهذا لا يؤثر علينا للعودة للقتال، لأننا كنا ندرك أن الانتصار تحقق، وحتى هذا العدد من الشهداء لا يؤثر على معنوياتنا اذا ما قورن بما دفعته الجزائر من مليون ونصف مليون شهيد··· وفعلا تمكنا من الانتصار على العدو وتحقيق أهدافنا بعد ثلاثة أشهر من قرار وقف اطلاق النار في 19 مارس 1962· وعن رد فعله من يوم 19 مارس 1962 الذي تأكد من خلاله نجاح الجزائر وفشل فرنسا، قال محدثنا إن هذا اليوم إقترن عند عامة الجزائريين بدموع الفرح والحزن، حيث فرحت العائلات الجزائرية بانتصارالجزائر على فرنسا، وحزن بعضها على فقدان ابنائها الذين استشهدوا في سبيل الوطن، باعتبار أن هذه العائلات لم تكن تعلم من قبل باستشهاد أبنائها لأن سياسة الثورة كانت تمنع المجاهدين من إخبار العائلات بوفاة أبنائهم إذا لم يستشهدوا أمام عائلاتهم طبعا وذلك من أجل عدم إحباط معنويات الشعب وتشجيعهم على دعم الثورة· أما المجاهد والدبلوماسي الجزائري السيد مجاهد، فدعا في كلمة ألقاها بالمناسبة إلى إعطاء عيد النصر الأهمية التي يستحقها كونه محطة حاسمة في تاريخ الجزائر، نالت فيها البلاد جزاء 132 سنة من الإحتلال وسبع سنوات ونصف من الثورة المسلحة، معبرا عن أسفه لما وصفته "بالتقليل من شأن هذا العيد من خلال عدم منحه ما يستحقه"، وهو ما يمثل عارا للشهداء وللتضحيات "وذلك في إشارة منه لقلة الحديث عن هذا العيد الذي لا يعرف شبابنا الكثير عن تفاصيله· وألّح المتحدث على ضرورة إعلام الأجيال الصاعدة بكل هذه الحقائق والمحطات التاريخية، مشيرا الى أهمية الإعتراف بالدعم الذي منحته العديد من الدول العربية لمساندة الثورة، وتضمنت شهادة المجاهد أمقران وزير الشؤون الدينية الأسبق، الذي كان يوجه الثورة من تونس في تلك الفترة، أنه عاد للجزائر بأمر من السلطات الجزائرية للتحضير للاستفتاء الذي نجح بنسبة 99 بالمئة، مذكرا أن قدومه للجزائر على متن طائرة فرنسية كان "مؤشرا واضحا على فشل فرنسا وديغول ودليلا على أن الاستقلال آت لا محالة"· وفي سياق حديثه، ذكر المتحدث بأفضال المرحوم كريم بلقاسم الذي كان ضمن مجموعة الستة، التي وقعت اتفاقية إيفيان ووقف إطلاق النار·كما استطرد المتحدث أن الجزائر انتصرت بفضل إرادة اللّه والوحدة الوطنية، وثبات الشعب وكذا صمود المجاهدين في معاقل الثورة إلى غاية الربع ساعة الأخير من الاستقلال وقبول التضحيات· كما أوضح السيد أمقران أن عيد النصر هذه السنة تزامن مع الإحتفال بعيد ديني وهو المولد النبوي الشريف مثلما حدث سنة 1954 عندما تزامن اندلاع الثورة في أول نوفمبر مع المولد النبوي الشريف أيضا· وأجمع المشاركون في هذه الندوة على ضرورة إحياء الذاكرة الوطنية وإعطاء أهمية للإحتفال بأعياد الثورة تخليدا لشهداء الوطن، إذا علمنا أن فرنسا قتلت ما يزيد عن 8 ملايين جزائري في السنوات الاولى فقط من احتلالها للجزائر ما بين 1830 إلى 1872· ومن المنتظر أن تنظم جمعية "مشعل الشهيد" بحر الأسبوع القادم ندوة تاريخية بمعهد التكوين المهني ببئر خادم، تخليدا للشهداء الذين تخرجوا من معاهد التكوين المهني والذين كانوا من أكبر قيادات الثورة حسبما أعلن عنه السيد محمد عباد رئيس الجمعية·