شهدت الدوحة، صبيحة أول أمس ، العرض العالمي الأول، للفيلم الروائي الطويل ''الذهب الأسود''، بطولة أنطونيو بنديراس والفرنسي ذو الأصول الجزائرية طاهر رحيم في دور ''عودة'' الذي قال إنه يمثل الجيل الجديد من الشباب العربي الثائر· من جهته، صرح المخرج جون جاك أرنو قائلا إن الفيلم تحدث عن الإسلام التقليدي والإسلام المعاصر، في المقابل اعتبر المنتج التونسي طارق بن عمار، التجربة الإنتاجية هذه فرصة لتقديم عمل سينمائي لا ينظر إلى العرب على أنهم مجرد إرهابيين وأنهم يمكلون ثروة وباستطاعتهم إدارتها بعقلانية وحداثة· إعترف طارق بن عمار أنه حرص على ترجمة الرواية الكلاسيكية لكاتب هانز روش، إلى عمل سينمائي ضخم من شاكلة لورانس العربي، جاء هذا خلال الندوة الصحفية التي نشطها الطاقم الفني والتقني للفيلم، أول أمس، بالمركز الإعلامي بمدينة الثقافية التابعة لمؤسسة الدوحة للأفلام السينمائية بمناسبة مهرجان ''ترابيكا'' السينمائي المنظم من 25 إلى 29 أكتوبر، وقال بن عمار: لأني مقتنع بقدرة جون جاك آرنو على تحويل النص الروائي إلى لغة سينمائية جميلة، طلبت منه أن يقرأ الرواية، ويتمعن في مقاصدها، ثم نصحته أن يجسد الشخوص على أرض الواقع، بتحويلهم إلى حقيقة يشاهدها العالم على الشاشة الكبيرة''، وأضاف بن عمار: ''اليوم الذي شاهدت فيه فيلم لورانس العرب في الستينيات، انبهرت أساسا بشخصية عمر الشريف، الذي تفوّق في تقمص الدور، لهذا فكرت اليوم، في عمل يضم ممثلين من قامة بنديراس وطاهر رحيم، ومارك سترونغ، وفريدا بينيتو، ولا أنسى أيضا رضا أحمد وليا كييدي''، كما يرى بن عمار أن مشاركة شاب من عيار طاهر رحيم، إضافة فنية وجمالية للعمل: ''ما أردته في المنجز الفني هذا أن أبرز التنوع العرقي في الطاقم الفني، فنحن أمام طاقات مبدعة قادمة من شتى البقاع، والطاهر رحيم الفرانكو جزائري، أعتقد أن أحسن لعب دور الشاب عودة''· دفاع بن عمار عن ''الذهب الأسود'' وصل إلى حد القول: ''الفيلم يطرح سؤالا رئيسيا مفاده: هل النفط نقمة أم نعمة؟ كما يبرز علاقة الإسلام التقليدي بالإسلام المعاصر في بعض بلداننا العربية، أعتقد جازما أنه لو كان الأمير العربي في الفيلم على قيد الحياة، لاختار أن يعيش بدولة قطر، لأنها تمثل -في نظري- النموذج المعتدل للدولة الحديثة المتمسكة بأصولها وتراثها''، مسترسلا بالقول: ''أردنا أن يفتخر العرب بانتمائهم إلى العالم العربي، خاصة وأن الأفلام المصورة حاليا لا تقدم إلا نموذجا واحدا للإنسان العربي، ألا وهو الإرهابي''· رحيم: كنت أتوقع ثورة الشارع العربي من جهته، قال الطاهر رحيم عن دوره في ''عودة'': ''أولا أعتقد أنها شخصية بأبعاد كبيرة ومتعددة، ثانيا أحببت البعد الملحمي للقصة، ورغبت في تجريب دور مغاير عما تعودت عليه، أريد أن أتقمص دور شخوص لا أعرفها ومغايرة، كما أنني عندما اكتشفت السيناريو، قلت من الوهلة الأولى إنه رائع، لغته مركزة جدا، وتحمل معاني قوية، والأحداث فيه تتطور بشكل رهيب، فهذا كافٍ في نظري لأن لا أرفض عرض المخرج الكبير جاك أرنو''· دافع طاهر رحيم عن اختياره المشاركة في ''الذهب الأسود'' فقال: ''الفيلم يدافع عن قيم نبيلة، يتعرّض إلى اهتمام عدد كبير من الناس خاصة ما تعلق بمسألة الإسلام والبترول''، مؤكدا في سياق آخر أن أكبر تحدي بالنسبة له كان إتقان الحوار باللغة الإنجليزية التي شرع حديثا في تعلمها· لم يخف رحيم البعد المتمرد في شخصية ''عودة'' في الفيلم السينمائي المعروض بالدوحة، خاصة وأنه شاب يملك أفكارا مغايرة لآبائه، يرفض الانغلاق على الذات، ويتوق للتعرف على الآخر، لكنه لا ينقطع مع جذوره في آن واحد، هذا ما حاول طاهر رحيم، أن يفهمه للصحافة العالمية الحاضرة بالدوحة، التي سألته عن مدى إيمانه بالتغيير، فأجاب: ''أنا مع التغيير إلى الأفضل دائما، وما حدث في الشارع العربي، وما يصطلح عليه بالربيع، أستطيع القول أنني كنت أتوقع حدوثه، بالنظر إلى الضغوط الكثيرة التي كان يتعرّض إليها المواطن العربي في حياته اليومية''· وقد أحال رد رحيم المنتج إلى الإشارة بلقطة إعدام الملك ''نسيب'' (بنديراس) فقال بن عمار: ''تصادف تصوير مشهد قطع رقبة الملك نسيب بيوم سقوط نظام بن علي ورحيله فارا إلى غير رجعة··· أعتقد أنها مصادفة تحمل الكثير من الدلالات''· صرح مارك سترونغ بقوله: ''إنه فيلم يحكي عن الكرامة والشرف، وشخصيتي في الفيلم تتجاوز حدود ثقافة هذه المنطقة، لكوني قدمت دور الأب، وأنا سعيد بتقديمي شخصية عربية للمرة الثانية في أفلامي، ولن أتردد في تقديمها في المرات القادمة· في حين أجابت فريدا بينتو على سؤال حول تقديمها لشخصية أميرة عربية في الفيلم، بقولها إن الفيلم يحكي قصة جرت في وقت مختلف، وظروف مختلفة· لقد كانت الأميرة ترغب بالتحرر من القيود التي فرضت عليها، لكنها أدركت أنها أصبحت في مرحلة مختلفة من عمرها، وأنها كامرأة يجب أن تواجه حدوداً لحريتها، لذلك فقد تعاملت مع هذا الوضع، مع الحفاظ على احترامها لوالدها·