تميز اليوم السابع من الطبعة الثالثة للمهرجان الدولي للمسرح الذي تجري فعالياته ببجاية بعرض مسرحية تاريخية بعنوان ''عكس الحب'' من تقديم الفرقة المسرحية الفرنسية ''عابرو الذاكرات''، أعادت إلى الواجهة شخصية الكاتب الجزائري مولود فرعون، واستحضرت الحقبة الاستعمارية بين 1955 و1962، وقدمت صورة سوداء قاتمة عن الاستعمار الفرنسي بالجزائر من خلال جرائمه البشعة التي راح ضحيتها ملايين الجزائريين· ''الجزائر فرنسية·· حلم تافه لم يحققه الفرنسيون'' هي عبارة رددها الممثل المسرحي الفرنسي صامويل شاران خلال عرضه لمسرحية ''عكس الحب'' على المسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح، التي أخرجها المسرحي الفرنسي دومينيك لارسال، واستوحاها من كتاب ''جريدة'' للكاتب مولود فرعون، حيث اختار أهم الأحداث التاريخية المدونة في 450 صفحة وجسدها في مسرحية أربكت اليمين المتطرف الفرنسي نظرا لحساسية الموضوع وإدانة جرائم الاستعمار الفرنسي· كما تطرقت المسرحية إلى حياة ومسار شخصية مولود فرعون والأحداث الساخنة التي عرفتها الجزائر خلال ثورة التحرير، واستطاع أن يؤثر على الفرنسيين في عهد الاستعمار إلى يوم اغتياله· المسرحية عبارة عن كرونولوجيا الأحداث المتسلسلة التي عاشها وعايشها الكاتب مولود فرعون بين منطقة القبائل بتيزي هيبال وثوريرث موسى والجزائر العاصمة في الفترة الممتدة بين 24 فيفري 1955 إلى 15 مارس ,1962 حيث تطرقت إلى أهم التواريخ التي شهدت فيها الجزائر آنذاك أحداثا مأسوية صنعتها الجرائم وعمليات التقتيل واضطهاد الأهالي· ووراء ديكور بسيط من أريكة وطاولة صغيرة وقارورة ماء وعازف على آلة الكمان الموسيقار مارك لوراس، بدأ الكوميدي بعرض قضية غباء الفرنسيين الذين اعتبروا الجزائر فرنسية، مركزا على النص بهدف تسويد وتقتيم صورة الاستعمار الفرنسي، غير معير الاهتمام للجوانب التقنية كالحركات وطريقة العرض· وأبرزت المسرحية الجرائم الفظيعة التي عرفتها الجزائر العاصمة في فترة انتقال مولود فرعون إليها، ما جعل الفرنسيين يحسبون لمولود فرعون ألف حساب، حيث دفعه ذلك إلى الانغلاق على نفسه بمنزله ومراقبة الأحداث من النافذة· وأظهرت المسرحية أن مولود فرعون بعدما شعر بقرب أجله ووفاته قام بإعادة قراءة كتبه ومقالاته الصحفية وذلك في ليلة كاملة يوم 17 أوت .1961 وفي المشهد الموالي نقلت المسرحية صورا عن شجاعة مولود فرعون ودفاعه عن الشرف والكرامة، وطرح هنا الكوميدي عدة أسئلة عما قامت به فرنسا على غرار: أين هو العدل والحق؟ لماذا حرمت فرنساالجزائريين من الحرية والحياة؟ وأجاب عليها بعبارة ''الطمع والظلم سكن نفوس الفرنسيين''· وبطريقة التصوير نقل ما كتبه مولود فرعون، وأظهرت المسرحية في مشهد آخر التحدي الذي رفعه الجزائريون رغم الصعوبات وبشاعة الاستعمار· وبطريقة انفعالية سادها الغضب والتذمر والسخط في نفس الكوميدي، عرض في مشهد ما قبل الأخير، أوضاع البلاد بعد قرب الاستقلال، وخص هذا المشهد بجرائم المنظمة الخاصة التي مارست التقتيل في حق الجزائريين بشكل قال عنه الممثل الفرنسي ''أعداء الحرية والإنسانية''، وقال أن يوم 14 مارس 1962 يبقى راسخا في ذاكرة الجزائريين بسبب الجرائم التي ارتكبتها المنظمة الخاصة في كامل البلاد، وخصوصا بالمدن الكبرى· وفي يوم 15 مارس 1962 قرر مولود فرعون الخروج من منزله، ليتم اغتياله بالأبيار بالجزائر العاصمة·