إحتضنت، مساء أول أمس، دار الثقافة طاوس عمروش في اليوم التاسع من المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، عرضا مسرحيا بعنوان ''أنا في الظلمة أبحث'' من تقديم محترف بغداد المسرحي من العراق، تتحدث عن رجل يأتي من عمق الحضارة العراقية ليبحث بين الجمهور المعاصر عن تاريخ العراق، وسعيه الدائم لتحقيق السلام والعيش الكريم· المسرحية من تأليف الفنانة المسرحية عواطف نعيم، أخرجها ومثلها الفنان عزيز خيون وشاركه الفنان فاضل عباس في لعب دور القرين· فكرة هذا العرض المسرحي تقوم على إسقاط للحظات الحاضر الجديد، حيث تدور الأحداث حول عودة أحد الأشخاص من الماضي إلى الحاضر، ويتم انتقاله عبر قنوات تاريخية وصولا إلى خشبة المسرح، حيث يلتقي هذا الشخص بالجمهور المعاصر لتبدأ مرحلة جديدة من الأسئلة حول تاريخ العراق وانعكاس الحضارات الأولى السومرية والآشورية والبابلية على ما يحدث الآن، حيث شكلت المسرحية في طقسها وأسلوبها تجسيدا لمونودراما مسرحية أداها الفنان عزيز خيون ببراعة، حيث قدم في خياره المسرحي هذا صورة متجددة للأداء والفعل المسرحي، حيث مثّل ورقص وغنى وعزف، وتخلل مضمون المسرحية الضحك والأفراح والحزن والأسى، خصوصا آثار الدهشة في نفوس الجمهور الذين كان معظمهم من النخبة والمختصين في الفن الرابع من ضيوف قدموا من مختلف البلدان العربية، ويعرفون كل كلمة وكل دلالة وكل علامة وكل أيقونة مسرحية اعتمدها الفنان، وقد استخدمت في العرض العديد من وسائله وأدواته بحرفة ودراية، وذلك بصورة شكلية ذات دلالات عن الماضي والحاضر للموروث الثقافي للعراق والحضارات التي مرت منها· وكان نص المسرحية يلعب على ثنائية البحث في جو مظلم وكئيب ومغاير، ثنائية الإنسان المغلوب على أمره، أكان شاعرا أم شاة، ثائرا أم ثورا، حرا أم مقيدا· وقد نقلت رسالة مباشرة عن بادرة تطلع للتحرر والإنجاز بعيدا عن التبعية والعبودية والاستغلال في أكثر من دلالة أراد بها الفنان، لاسيما في هذا الظرف الذي اشتبكت فيه الرؤى والألوان واختلطت فيه كل الأوراق، حيث شكل هذا العرض فضاء جديدا للظاهرة والأفكار النبيلة التي تدافع عن الإنسان في سعيه الدائم لتحقيق السلام والعيش الكريم، وعن فعله السامي ومثله الخيرة وعن شرعية وجوده بنيانا مقدسا وقيمة عليا في تجليات هذا الكون·