استطاعت مسرحية ''أحدب نوتردام'' التي عرضت في اليوم العاشر من الطبعة الثالثة للمهرجان الدولي للمسرح بالمسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح ببجاية أن تخطف الأضواء، وتحقق النجاح في التمثيل والسينوغرافيا، وفرجة ممتعة وبهيجة صنعها نص المسرحية الذي تناول موضوعا عاطفيا، تفاعل معه الجمهور وتأثر به· قدمت الفرقة المسرحية ''الطليعة'' من مصر مسرحية ''أحدب نوتردام'' التي أخرجها الفنان محمد علام الذي استوحاها من الرواية الشهيرة التي ألفها الأديب الكبير فيكتورهيغو، والتي سبق وأن قدمت في السينما بنجوم كبار· وقد نجحت الفرقة المصرية في تحويلها إلى المسرح اعتمادا على الشباب، رافعين التحدي في الفن الرابع على مستوى السينوغرافيا والأداء التمثيلي ورؤية مختلفة لمخرج شاب استطاع أن يغوص في عمق فيكتورهيغو ورائعته ''أحدب نوتردام''· تصور هذه المسرحية الصراع بين الحب والواجب وبين العاطفة والمستحيل، وتدور الأحداث معتمدة على الجانب الإنساني والاجتماعي في حقبة زمنية سادها الحكم الديكتاتوري والقهر الإنساني على المستويات الثلاثة الاجتماعي، السياسي والاقتصادي، حيث يعيش بمدينة نوتردام الفرنسية شاب يدعى أحدب مشوه الوجه، وقع في حب شابة جميلة اسمها ''أزميرالدا'' محاولا التضحية بحياته عده مرات من أجلها، لكن الواقع أن الأحدب بعاهته والنكران والقمع اللذين عانى منهما، وقع في حب دفء الجمال الإنساني المحروم منه والموجود أيضا بأعماقه الداخلية، جمال ظهر أمامه في صورة امرأة، عطفت عليه ولم تسخر من عاهته أو تشويه جسده، وليس مجرد حب رجل لامرأة· كان هدف تضحياته من أجلها إبقاء هذا الجمال الإنساني في الحياة فلا يحرم الوجود منه، لقد أدرك أحدب أن فناء جسده القبيح يعني استمرارية أعماقه الإنسانية الجميلة بالبقاء، لقد ظل أحدب نوتردام قابعا خلف جدران الكاتدرائية، منعزلا عن العالم، عاجزا عن أي اتصال خارجي، كرمز لعاهة تبعده عن العالم، وكاتهام لمجتمع يعزل العاهة ويخفيها ويحتقر الضعيف وينهش المحرومين، وما يتحكم في كل ذلك هو منظومة المجال الحاكمة، لقد تحول الأحدب إلى كيان منعدم وعاجز عن الفعل حتى تأتي الشرارة التي أنارت ما بداخله المتمثلة في الجمال الإنساني فيحدث التغيير ويمتلك القدرة على تغيير مجرى الأحداث، ويصبح مصير القوة في يد المتحكم فيهم، ويتفوق أحدب نوتردام على الجميع بأن يصبح أفضل منهم· لكن الأمور تتعقد حين تسقط أزميرالدا في حب الفارس، بالرغم من أنها كانت متزوجة من شاعر والهدف من هذا الزواج مساعدته فقط واعتبرته شقيقا لها، وتعرف الأمور منعرجا تراجيديا حين يعترف القس الدوم كلود فرولو بحبه الكبير والقديم لهذه الفتاة ويقوم بمنعها من عقد علاقة مع أي كان، ويقدم على قتل الفارس وسجن الأحدب وعزل الشاعر، لكن أزميرالدا ترفض القاضي، وتتعرض للضغوط والتهديد بالقتل، لكن الأحدب استطاع أن يهرب بها، ونظرا للأحاسيس الإنسانية التي تتميز بها الفتاة استطاعت بفضل جمالها الإنساني أن تعيد الحياة للأحدب واستعادة وجهه الحقيقي، لكن فجأة يظهر القاضي وجنوده ويعثروا عليهما، وينتهي مصير الأحدب وأزميرالدا بالموت عن طريق الشنق، حيث أظهر المخرج في هذه المسرحية تلك الصور الجمالية والفنية في التمثيل والديكور والموسيقى، وحاول إسقاط رواية فيكتور هيجو على الثورة المصرية بالاعتماد على ملامح تجريبية وتصويرية تظهر سيطرة السلطة وقهر النظام·