درس خليل طافش المسرح في القاهرة وتخرج من المعهد العالمي للفنون المسرحية في القاهرة عام ,1969 وقد كانت بدايته مع فرقة فتح المسرحية التي أسسها المغربي الطيب الصديقي عام .1970 ومع بداية مذابح أيلول توقف نشاط فرقة فتح المسرحية فترة من الوقت إلا أنها استطاعت وبفضل مجهودات شبابها أن تعيد نشاطها من جديد وكان ذلك خلال عام 71 أي بعد سنة من التوقف. وكانت العودة أكثر موضوعية وأكثر فعالية حيث توفرت مجموعة من الشباب يملكون الرغبة والخبرة ولديهم مؤهلات علمية أكاديمية في فن المسرح، وهنا قام خليل طافش بتطوير فرقة فتح المسرحية لتصبح فرقة المسرح الوطني الفلسطيني فتم استقطاب عدد اكبر من الفنانين الأكاديميين الفلسطينيين. كان الإنتاج المسرحي الأول للمسرح الوطني الفلسطيني مسرحية ) محاكمة الرجل الذي لا يحارب( للكاتب والشاعر السوري ممدوح عدوان وإخراج حسن عويني وبعدها قدمت الفرقة مسرحية ) العصافير تبنى أعشاشها بين الأصابع( تحت عنوان ) الكرسي ( من تأليف الشاعر معين بسيسو ومن إخراج خليل طافش، وقد حققت هذه المسرحية شهرة كبيرة وصدى واسعا وخاصة عندما مثلت فلسطين في مهرجان المسرح العربي في الرباط سنة .1974 حلم المسرح القومي يبقى فلسطينيا وتقتله قطرية الركح العربي: يعتبر خليل طافش مؤسس المسرح الوطني الفلسطيني في المهجر، كما انه أول من دعا إلى تشكيل فرقة قومية عربية تضم فنانين من كافة أنحاء الوطن العربي خلال مؤتمر صحفي أثناء مهرجان المسرح العربي في الرباط عام 1974, هذه الدعوة التي لم يلتفت إليها احد في حينه. ومن خلال تجربته يقول خليل طافش: )من وجهة نظري اعتبر أن مسرحية )محاكمة الرجل ( للشاعر السوري ممدوح عدوان كانت بداية لخلق مسرح فلسطيني بالمعنى الكامل وجاءت بعدها مسرحية ''الكرسي'' لتكون قفزة لا للمسرح الفلسطيني؛ بل للمسرح العربي عامة. قدمت المسرحية )الكرسي( في مهرجان المسرح العربي بالرباط وعرفت بالمسرح الفلسطيني عربيا وعالميا . حتى وصفتها صحيفة اللوموند الفرنسية في عددها الصادر 1974221 بأنها...): أهم المسرحيات التي عالجت قضية فلسطين( والتي قدمها المخرج خليل طافش وكتبها الشاعر الفلسطيني معين بسيسو، وقد أشادت الصحيفة بالمسرحية فقالت '' : في النص جمال شعري والإخراج رائع جدا ''في إشارة لجهد المخرج خليل طافش. المسرح الفلسطيني في محنة الاحتلال: ظهر أول تجمع مسرحي في الضفة الغربية في شباط 1975 تحت اسم )تجمع العمل والتطوير الفني( كعلامة مسرحية بارزة في الأراضي المحتلة سبقها وتلاها العديد من الفرق المسرحية الهامة التي ظهرت في مختلف المدن الفلسطينية منها على سبيل المثال لا الحصر: - فرقة'' عائلة المسرح'' التي تحولت إلى فرقة بلالين . قامت سنة 1970 في رام الله. - فرقة ''دبابيس'' تأسست سنة 1972 في رام الله. - فرقة ''الحكواتي'' في القدس التي تمتلك قاعة عرض مسرحي افتتحت سنة 1983 ولا تزال إلى اليوم. - فرقة'' مسرح القصبة'' في القدس وقد تحولت إلى رام الله في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية. - فرقة ''عشتار'' لتعليم وتدريب المسرح في رام الله المسرح الفلسطيني في قطاع غزة الحركة المسرحية في قطاع غزة حركة نشطة ولها امتداد تاريخي ليس بالقصير تنشطها مجموعة كبيرة من الشباب تجمعت على شكل فرق مسرحية وقدمت مختلف ألوان الفن المسرحي خلال السنوات الماضية وبجهود ذاتية على المستويين المادي والفني. وقد كانت أولى المحاولات الجادة لعمل مسرحي في قطاع غزة هي مسرحية '' ليلة صيد '' التي عرضت في نادي مخيم الشاطيء للأديب عبد الفتاح مقداد ومن إخراج ديب الهربيتي، ثم تلتها مسرحية ) أسياد وعبيد ( من تأليف رفيق العالول ومن إخراج محمد أبو سمرة، ثم مسرحية '' مقهى الخريجين '' من تأليف رمضان شلح وإخراج محمد أبو سمرة. وقد تأسست في قطاع غزة عدة فرق مسرحية منها فرقة الشموع المسرحية التي قدمت مسرحية ) وجوه ملونة ( و )أطرش في الزفة ( و ) بدها صبر( وفرقة الأمل للفن والمسرح التي أسسها الفنانان صائب السقا ونبيل ساق الله وقدمت عدة أعمال منها)العالم في جيبي ( و ) المحسوم ( وهي كلمة عبرية تعني الحاجز )حوار مع دكتور ( التي أوقف الحاكم العسكري الإسرائيلي عرضها في نادي غزة الرياضي، وفرقة ) حناظل ( التي تأسست عام 1989 وقدمت عدة مسرحيات منها ) اغتيال حنظلة ( للشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الابنودي، و ) عرس عروة ( للشاعر الراحل عبد الحميد طقش، و ) خفافيش الظلام وسوق فراس والأستاذ خصوصي ،( ثم فرقة مجمع الكرامة التي تأسست عام 1992 و مؤسسة يوم المسرح و فرقة مؤسسة الجنوب و فرقة مؤسسة بسمة و فرقة مسرح للجميع و فرقة جمعية فكرة، إضافة إلى فرقة هيئة مجمع الكرامة في رفح وغيرها العديد من الفرق المسرحية التي منها ما غاب ومنها مازال يعمل إلى يومنا هذا. المسرح الفلسطيني في ظل السلطة الفلسطينية: أنشات السلطة الفلسطينية عددا من المؤسسات التي تعنى بالفن والمسرح كوزارة الثقافة التي أنتجت عددا من الأعمال المسرحية المحترفة في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب دعم الفرق والمساهمة في تأهيل الهواة والموهوبين كما وأنشات أيضا مسرح الطفل الفلسطيني، إضافة إلى وزارة الإعلام التي ضمت قسما للمسرح وإعلامه واهتمت الجامعات الفلسطينية أيضا بهذا المجال وافتتحت أقساما خاصة للمسرح. وعلى الصعيد الخاص نشطت الكثير من الفرق والمؤسسات الأهلية العاملة في مجال الفن المسرحي وعملت على إنتاج العديد من الأعمال المسرحية الهادفة والجادة كمسرحية )العنب الحامض (ومسرحية )الجسر ( من المسرح العالمي. ومن إنتاج مؤسسة بسمة للثقافة والفنون وكلاهما من إخراج خليل طافش ومسرحية ) حارسة النبع ( من إخراج حسين الأسمر ومسرحية ) في شي عم بصير ( من إخراج إبراهيم المزين، هذا بالإضافة للنشاط الكبير للحركة المسرحية التربوية في الضفة الغربية كمسرح القصبة ومسرح السنابل والحكواتى وغيرها. بدايات المسرح الفلسطيني عرفت فلسطين الفن المسرحي في الربع الأخير من القرن التاسع عشر من خلال عدة محاولات لها قيمتها التاريخية برزت وارتقت في مطلع القرن العشرين خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى حين نشطت المدارس في تقديم المسرحيات خاصة المسرحيات الوطنية والتاريخية، وقد جاءت محاولات إنشاء مسرح فلسطيني واضح الرؤية في زمن الانتداب البريطاني في فلسطين وربما نجد بداياته في العام ,1919 حيث عرفت مجموعة من الأسماء التي اهتمت بالكتابة للمسرح ما بين عامي 1919 و,1949 وعلى رأسهم جميل حبيب بحري، والأخوة صليبا ونصري وجميل وفريد الجوزي. وقد ساهم ئتأسيس الإذاعة الفلسطينية في القدس سنة 1936 بإدارة إبراهيم طوقان في تنشيط الحركة المسرحية وخصوصا نشاط عائلة الجوزي التمثيلي البارز في هذه الإذاعة. وقد شهدت مرحلة ما قبل 1948 ازدهار المسرح الفلسطيني فعلياً، وتعددت التجارب وأغنت الحركة المسرحية، وقد ارتبطت الحركة المسرحية في بداياتها في فلسطين بالمدارس التبشيرية التي انتشرت في القدس ويافا وحيفا وبيت لحم، ولعله من الإنصاف القول إن الأندية والجمعيات الناشطة في فلسطين هيأت الجو لغرس بذور النهضة المسرحية حيث كان التمثيل ضمن برامجها الدورية، ومن هذه الجمعيات ''جمعية الشبان المسيحية'' في القدس والتي أنشئت عام .1877كما لعبت الجمعيه الاسلاميه في حيفا فيما بعد دورا مهما في هذا المجال. وقد عرف المسرح الفلسطيني أيام الانتداب المسرحيات السياسية، ولكن في وقت متأخر، وذلك بسبب صرامة الرقابة البريطانية التي كانت توجّه أقسى معاملاتها ضد المسرحيات السياسية المطبوعة، غير أن هذا لم يحُل دون أن تلعب المسرحية السياسية دورها المهم، ففجرت أحزان الناس ونبهتهم إلى مآسيهم. خاصة المسرحيات التي تحارب الصهيونية وتحض على عدم بيع الأراضي لليهود، وصرف بعض الكتّاب همّه الأول للكتابة المسرحية الموجهة ضد النفوذ الأجنبي وتدخله في شؤون العرب الداخلية.واستمرت هذه المحاولات نشطة حتى نكبة .1948 المسرح الفلسطيني بعد النكبة صدمت النكبة المسرح الفلسطيني بخيبة أمل كبيرة بعد النشاط البارز والانجازات الهامة التي حققها زمن الانتداب البريطاني، وتشتت شمل فناني المسرح الفلسطيني وهاجر معظمهم إلى الأردن حيث بدؤوا نشاطاً مسرحياً فلسطينياً هناك. وبعد انطلاقة الثورة تشكلت الكثير من الفرق المسرحية الفلسطينية في بعض الأقطار العربية وفي داخل الأراضي المحتلة رغم كل الحواجز والقيود، وفي الشتات خارج فلسطين وبمبادرة من حركة التحرير الوطني الفلسطيني ''فتح'' تشكلت جمعية المسرح الفلسطيني سنة 1966 في دمشق وقدمت أعمالا في عدة عواصم عربية. وكان الإنتاج المسرحي الأول للمسرح الوطني الفلسطيني مسرحية ''محاكمة الرجل الذي لا يحارب'' وهي من تأليف ممدوح عدوان وإخراج حسن عويني، وبعدها قدمت الفرقة مسرحية ''العصافير تبنى أعشاشها بين الأصابع'' تحت عنوان ''الكرسي'' من تأليف الشاعر معين بسيسو ومن إخراج خليل طافش، وقد حققت هذه المسرحية شهرة كبيرة وصدى واسعا ليس في الوطن العربي فحسب بل في كثير من البلاد الأوروبية أيضا وذلك عندما مثلت فلسطين في مهرجان المسرح العربي في الرباط عام .1974 ومن الفرق التي انتشرت في فلسطين بين عام 1948 وعام 1973كانت فرقة ''بلالين'' وفرقة ''دبابيس'' وفرقة ''المسرح الشعبي'' وفرقة ''المسرح الحديث'' وفرقة ''كشكول'' وفرقة ''المسرح الحي'' وفرقة ''المسرح الفلسطيني.''وفرقة نقابة عمال الطراشه والدهان.وفي عام 1983 تأسست فرقة الحكواتي في القدس التي تمتلك قاعة عرض مسرحي،وفرقة مسرح القصبة في القدس التي تأسست في القدس ثم تحولت إلى رام الله في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية،وفرقة عشتار لتعليم وتدريب المسرح في رام الله الذي تأسس عام .1991 وقد تأسست في قطاع غزة عدة فرق مسرحية منها فرقة الشموع المسرحية التي قدمت مسرحية '' وجوه ملونة '' و '' أطرش في الزفة '' و '' بدها صبر ،'' وفرقة الأمل للفن والمسرح التي أسسها الفنانان صائب السقا ونبيل ساق الله وقدمت عدة أعمال منها'' العالم في جيبي '' و '' المحسوم '' و '' حوار مع دكتور '' التي أوقف الحاكم العسكري الإسرائيلي عرضها في نادي غزة الرياضي، وفرقة '' حناظل '' التي تأسست عام 1989 وقدمت عدة مسرحيات منها '' اغتيال حنظله '' للشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الابنودي، و '' عرس عروة '' للشاعر الراحل عبد الحميد طقش، و '' خفافيش الظلام'' و''سوق فراس'' و''الأستاذ خصوصي ،'' ثم فرقة مجمع الكرامة التي تأسست عام 1992 و مؤسسة يوم المسرح و فرقة مؤسسة الجنوب وفرقة مؤسسة بسمة و فرقة مسرح للجميع و فرقة جمعية فكرة، إضافة إلى فرقة هيئة مجمع الكرامة في رفح وغيرها العديد من الفرق المسرحية التي منها ما غاب ومنها مازال يعمل إلى يومنا هذا. المسرح الفلسطيني .. وجه آخر للمقاومة أعاقت النكبة صعود نجم المسرح الفلسطيني، لكنها من جانب آخر راحت تغذي الذات الفلسطينية وتثير الإبداع، فقد احتل موضوع النكبة معظم الكتابات المسرحية. بعد النكبة، طردت السلطات الإسرائيلية غالبية رجال الفكر والمسرح وكوادره إلى خارج فلسطين، باتجاه البلدان العربية، ومن بقي داخل الأراضي المحتلة، لاحقته سلطات الاحتلال ومنعته من ممارسة العمل الفكري المسرحي كون المسرح ذا تأثير قوي على بنية المجتمع، الشبه الأمّي، وتالياً دخل مرحلة جديدة من المقاومة والنضال بأشكال جديدة،هي مرحلة المخيمات والشتات والمنفى، مما كرس أساليبه في المقاومة، ومواجهة العدو الصهيوني الذي مازال يشدد الحصار، ويضيق هامش الحرية، ويطمس الهوية الفلسطينية، ويسرق كنوزها الثقافية، الحضارية، وتطلب هذا تغير الخطاب الموجه إلى الناس، والمواضيع المطروحة أقرب إلى الشعارات والخطابات التي تحرك الحماس في أذهان الناس؟. لقد جاء المسرح الفلسطيني ليكون وسيلة من وسائل المقاومة المستمرة ضد سياسة تغيير التاريخ وطمس الهوية والثقافة والحضارة الفلسطينية التي تنتهجها دولة الاحتلال ومن حالفها. فقام المسرحيون الفلسطينيون باستخدام أرقى الوسائل الحضارية والإنسانية للتعبير عن همومهم وهموم شعبهم.. ولأن المسرح، فن جميل وراق، ولأن العلاقة مباشرة بين المشاهد والممثل والكلمة.. ولأن المسرح وسيلة تثقيف وتعليم وتحريض استخدمت على مر العصور، فقد كان من أقوى أدوات المقاومة الجميلة. وقد اتخذت ثلث المسرحيات الفلسطينية التراث قناعا للتعبير عن مفردات الواقع الفلسطيني السياسي والاجتماعي، ولهذا الاتجاه أكثر من سبب، منها الحس الوطني، ومنها الجانب الفني، المتمثل في سهولة الاعتماد على حبكة معدة، ومنها جانب المحاكاة لبعض المذاهب الأدبية مثل الكلاسيكية والمسرح الملحمي. إن تجسيد الالم والجرح الفلسطيني النازف على المسرح، لم يكن وراءه حبنا للحزن وعشقنا للبكاء على مآسي الشعب، ولكن إحياء للذاكرة الفلسطينية والعالمية وتقديما للمأساة الفلسطينية للجمهور كما عاشها الفلسطينيون ويعيشونه، لا كما ينقلها الآخرون. وكان الهدف الأكبر هو هذا الجيل الفلسطيني الناشئ، حتى يعيد قراءة تاريخه ومأساته، ولا ينسى، لأن الصهاينة يريدون منه أن ينسى، في حين أنهم لا يكلون ولا يملون بتذكير العالم بما أصابهم. ولأن نسيان الحق جريمة لا تغتفر، والتفريط بهذا الحق جريمة أبشع وأكبر. كما تناول المسرح الفلسطيني، القضايا السياسية الملحّة، مثل، قضية الأرض، والمعاناة، والثورة، ومعوقاتها، والأحداث السياسية الآنية، والواقع العربي، وحلول القضية الفلسطينية المطروحة، أما على الصعيد الاجتماعي فتناول الأسرة، والعادات والتقاليد، والتغيرات الاجتماعية الطارئة، وآثار تفاوت الطبقات، كما تناول قضايا تتعلق بجوانب أخرى'' :العاطفي، والإنساني، والفكاهي. '' على الصعيد الفني تجاوب المسرح الفلسطيني مع المسرح العربي والعالمي في الاتجاهات المذهبية الفنية، حيث وجدت فكرة القالب العربي صدى لديه؛ ومحاولات تنسجم من حيث الشكل والمضمون وحجم التناول مع فكرة القالب العربي. وأظهر أن القالبين الفنيين الكلاسيكى والواقعي حظيا بالتوجه الأكبر لدى الكتاب الفلسطينين، تلاهما في المستوى التوجه نحو الرومانسية، ولم يخلُ المسرح الفلسطيني من تفاعلات شكلية موازية لمعظم ما جاء في المسرح العالمي، وتوجهاته الحديثة، مثل: الرمزية، والعبثية، والملحمية، والتسجيلية. ووضح أن الكتاب الفلسطينيين لم يلتزموا القوالب الفنية العالمية بشكل حرفي، بل استفادوا منها بما يلائمهم، وخالفوها في مواطن كثيرة، إما رغبة في موائمة القالب لإرادة الكاتب، وإما جهلا بسمات القالب الخاصة التي تميزه . كما تجاوز المسرح الفلسطيني التابو الذي رسمه المسرح العربي لقضيته، فخرج في الغالب من أسر الكليشيهات الثابتة، ونمطية بعض الشخصيات الفلسطينية: مثل الأب الذي يحمل المفتاح، والأم الثكلى...، وتخلص من التصورات المثالية للإنسان الفلسطيني في مواجهة واقعه، إذ صوره في الغالب بشكل موضوعي يمتلك كغيره من البشر عناصر القوة والضعف، واللين والقسوة. صعوبات في مسيرة الحركة المسرحية الفلسطينية من جانب آخر واجهت الحركة المسرحية مجموعة من الصعوبات، مثل قوانين الاحتلال وأوامره الرقابية التي حدّت كثيراً من انطلاق المسرحيين الفلسطينيين، وتأثرت الحركة المسرحية كذلك بعامل عدم وجود هيئة مسؤولة تنظم علاقات المسرحيين وتدعمهم، وشكلت ندرة النصوص المسرحية عاملا هاما أعاق المسرح الفلسطيني عن النهوض، كما بقيت المشكلة الاجتماعية التي تمثلت في عدم وجود فتيات يقمن بالأدوار النسائية، وهذه المشكلة عانى منها المسرح في فلسطين طويلا. كما عانى المسرح الفلسطيني من عدة معوقات،أهمها، الاضطراب السياسي، وغياب الهيئة الوطنية، ورقابة الاحتلال، وهي صعوبات تميز بها الواقع الفلسطيني عن واقع المسرح العربي، مما انعكس على مسيرة الأدب المسرحي، وأثّر فيه على أكثر من صعيد. وبعد الانتفاضة، وقيام السلطة الفلسطينية شهد المسرح نهوضا، وانطلق في عروضه إلى الدول العربية ليفتح بابا جديدا من التعاون مع المسرحيين العرب، لكنه مع ذلك ظل قائما على مجهودات فردية، فيما اقتصر الدعم الذي يقدمه الجانب الرسمي له على الدعم المعنوي دون أن يوفر له الإمكانات المادية التي يحتاج إليها، ويحد ضعف الإمكانات المادية، وقلة المسارح والفرق المسرحية من قدرة المسرح كفن على الانتشار، والوصول إلى الأماكن النائية والأرياف، وإن لم يمنع ذلك بشكل كامل، يضاف إلى ذلك صعوبة الحالة الاقتصادية لدى الكثير من العائلات، مما يجعل ارتياد المسرح ترفا غير قابل للتحقيق في أحيان كثيرة. ويمكن تلخيص أسباب ضعف الأعمال المسرحية إلى عدد من الأسباب أهمها-: .1 التمويل الأجنبي المشروط،حيث لا تزال نوعية الأعمال المسرحية المنتَجة، تخضع -عن وعي أو بصورة غير واعية-، لخريطة التمويل والجهات التي تؤمّن الدعم المادي. إن إشكالية التمويل الغربي للفنون في فلسطين تبقى جزءاً من إشكاليّات التمويل الغربي للثقافة في العالم العربي ومناطق أخرى من العالم. وهي قضية تجد جذورها في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، لكنّها بشكلها الحالي إفرازٌ مباشر لتحولات العقدين الأخيرين. .2 عدم وجود دارسين أكاديميين لفنون المسرح فعدد الفنانين المسرحيين الأكاديميين مع الذين عادوا إلى غزة مع قدوم السلطة الفلسطينية لا يصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة، هذا في ظل عدم وجود معهد أو أكاديمية لتدريس المسرح حسب الأصول الفنية العلمية المتبعة عالميا .3 انعدام وجود الكتاب المسرحي وكذلك المجلة المتخصصة أو الدراسات المسرحية أو غيرهما مما من شانه أن يعيد تقدم وتطور المواهب المسرحية ويغنيهم بالثقافة عن وجود معاهد أو مدارس مسرحية. .4 انعدام زيارة فرق مسرحية من خارج فلسطين، مما يوفر للجمهور والمسرحيين فرصة للمشاهدة وكسب التجربة والخبرة، ومما يضيف للفنان إضافة نوعية تسهم في تطوير أدواته الإبداعية، هذا بالإضافة إلى العزلة التامة التي عاشتها وتعيشها الأراضي الفلسطينية، والحيلولة دون إمكانية سفر الشباب المسرحي للخارج للمشاهدة وللقاءات المسرحية والإطلاع على عالم المسرح وإثراء التجربة ومواكبة التطورات العالمية. .5 قلة وجود دور للعرض المسرحي في مجهزة تجهيزا فنيا من كافة النواحي لتعطي للمسرحية إمكانية التجريب والإبداع أو حتى التدريب أو تقديم العروض. .6 انعدام الإنتاج الذي يشجع الفنان والفن المسرحي على العطاء والتفرغ للمسرح بعيدا عن معاناة العيش والبحث عن قوته وقوت أسرته على حساب موهبته وفنه وإبداعه. ملاحظة مسرحية أثناء إعداد هذا التقرير عن المسرح الفلسطيني ،قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بإغلاق المسرح الوطني في مدينة القدس.