تطورت الأحداث بمصر مع الاحتجاجات التي تدخل يومها الخامس، ويعطي ذلك انطباعا باندلاع ''شوط ثاني'' من الثورة ضد نظام الحكم، حيث انتهت المرحلة الأولى بسقوط الرئيس حسني مبارك، وتستهدف هذه المرحلة الحكم العسكري من خلال الإصرار على مطلبين رئيسيين، هما تشكيل حكومة إنقاذ وطني وتسليم السلطة للمدنيين في أقرب الآجال· قالت مصادر طبية مصرية، إن مشرحة زينهم الرئيسية في القاهرة استقبلت 33 جثة من الذين قتلوا في اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، مما هدد بتعطيل أول انتخابات حرة تشهدها مصر منذ عشرات السنين· وكانت وزارة الصحة أعلنت في وقت سابق أن 22 قتلوا، منهم إثنان يوم السبت الماضي أحدهما في الإسكندرية· وقتل العدد المتبقي في الاشتباكات التي تدور منذ أول أمس الأحد· وأشيد بالقادة العسكريين في بادئ الأمر باعتبارهم حماة الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في فيفري، لكن العنف الذي يشهده ميدان التحرير منذ يوم السبت عندما سعت الشرطة لفضّ اعتصام في الميدان أبرز العداء المتزايد لاستمرارهم في السلطة· وقال شهود إنه بعد فجر أمس الإثنين هاجمت الشرطة مستشفى ميدانيا، لكن المحتجين صدوا هذا الهجوم ورشقوا قوات الشرطة بالحجارة· وقال محتجون لمواطنين يخرجون من محطة المترو في التحرير إلى الميدان، حيث كان تجمع نحو أربعة آلاف شخص بحلول ظهر أمس ''لا تذهبوا هناك·· ستستشهدون مثل الآخرين''· ويصر الجيش على أن العنف لن يؤدي لتأجيل الانتخابات المقررة في غضون أسبوع فقط، لكن هذا من الممكن أن يقوّض شرعيتها· ويقول البعض في مصر منهم الإسلاميون الذين يتوقعون أداء قويا في الانتخابات، إن الحالة الهشة للوضع الأمني جزء من تكتيك يتبعه الجيش للبقاء في السلطة· وقال وزير خارجية فنلندا، اركي توميويا، الذي زار ميدان التحرير، أمس الإثنين، أن صور وتقارير العنف بالقاهرة ''لا يمكن الدفاع عنها''· ومضى يقول ''هل هذا استفزاز لمحاولة وقف العملية الديمقراطية والانتخابات·· من المهم جدا أن تبدأ الانتخابات الأسبوع المقبل''· ونفى الجيش أنه يريد البقاء في السلطة، ويصر على أن بإمكانه ضمان الوضع الأمني في الانتخابات· ويختار المصريون برلمانا جديدا في انتخابات تبدأ في 28 نوفمبر، لكن على الرغم من ذلك تظل السلطات الرئاسية في يد الجيش إلى أن تجرى الانتخابات الرئاسية التي قد لا تجرى قبل أواخر 2012 أو أوائل عام .2013 ويريد المحتجون انتقالا أسرع للسلطة· وأحرقت قوات الأمن لافتات وأظهرت لقطات فيديو لم يتسن التحقق من صحتها أفرادا من الشرطة، وهم يضربون المحتجين بالعصي ويسحبونهم من شعورهم ويلقون ما بدت أنها جثة على أكوام من القمامة· وكان رد فعل السكان غاضبا عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وسط حشود كانت متجمعة أسفل مبنى اندلعت به النيران على بعد 200 متر من ميدان التحرير، مما أعاق إنقاذ السكان المحاصرين· وأظهر متظاهرون غاضبون أظرف طلقات الخرطوش والرصاص الحي، أول أمس الأحد، لكن الشرطة نفت استخدام أي ذخيرة حية خلال المعارك التي اندلعت في الشوارع للسيطرة على ميدان التحرير والشوارع المحيطة به· وأمام المبنى الذي اشتعلت به النيران، هتف المحتجون قائلين ''طنطاوي ولعها·· الثوار أهم''· وبدأت المظاهرات يوم الجمعة بقيادة إسلاميين أساسا غضبا من محاولة الحكومة المدعومة من الجيش بوضع مبادئ لدستور جديد من شأنها إبعاد الجيش عن سيطرة أي حكومة مدنية في المستقبل· لكن منذ ذلك الحين ظلت الاحتجاجات يقودها نفس عناصر الشبان التي حشدت المصريين لإسقاط مبارك، واضعين العزة الوطنية قبل أي انتماءات دينية· وقالت إحدى الجماعات، وهي جماعة 6 أبريل، إن أفرادها سيعتصمون في ميدان التحرير وسيواصلون الاعتصامات في مدن أخرى إلى حين الاستجابة لمطالبهم بما في ذلك الدعوة لانتخابات رئاسية في فترة لا تتجاوز أفريل· ومن المطالب الأخرى إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإجراء تحقيق فوري في الاشتباكات التي تدور في التحرير ومحاكمة المتورطين فيها· وقال المرشح الرئاسي المحتمل حازم صلاح أبو اسماعيل، وهو إسلامي محافظ للمحتجين في التحرير، إنهم يطالبون على الأقل بتسليم السلطة خلال ستة أشهر· ويقول محللون، إن تصاعد العنف أثناء الانتخابات، وهو ملمح شائع للانتخابات المزوّرة التي كانت تجري في عهد مبارك، من الممكن أن تقوّض شرعية المجلس في حالة التشكيك في النتيجة وتعمّق الإحباط العام من طريقة تعامل الجيش مع العملية الانتقالية·