كان من الواضح أن الخطاب الأخير للرئيس مبارك كان أشبه بخطاب تأبين لنفسه، وأنه محاولة أخيرة وفرصة منحها لنفسه قبل أن يدق المسمار الأخير في نعش نظامه وحكمه، وقد حاول من خلاله كسب عاطفة المصريين، ولكن دون جدوى. قبل أن يؤدي مبارك صلاة الجمعة، أول أمس، كان قد اتخذ قراره النهائي بالتنحي بعد أن تأكد بأن محاولة الأخيرة قد فشلت فشلا ذريعا، بل زادت من غضب وفوران الشعب. وأكدت المصادر التي رافقت موكب الرئيس، فإن تفاصيل اللحظات الأخيرة لمبارك في قصر العروبة الذي غادره إلى شرم الشيخ مع عائلته، وهناك أعلن تنحيه وتخليه عن السلطة. الرئيس المخلوع مبارك إلى شرم الشيخ، خرج من إحدى الفيلات التي يقيم فيها داخل قصر العروبة برفقة حراسه قبل انتهاء صلاة الجمعة بدقائق، في الوقت الذي كان يحيط به المصلون استعداداً للتظاهر ضده، عبر طائرتي "هليكوبتر"، الأولى تقل الرئيس وسكرتيره الخاص، والثانية تحمل حراسه ومرافقيه، يؤمنهم 4 من أفراد القوات الخاصة والقناصة، مضيفة أن الرئيس وصل إلى شرم الشيخ بعد الواحدة من ظهر أول أمس الجمعة، في سيارة مرسيدس "S 500" سماوي اللون في حراسة الحرس الجمهوري والقوات المسلحة. وقالت المصادر، إن طائرة أخرى تحركت بعد مغادرة الرئيس للقصر الجمهوري بعد مرور ما يقرب من 30 دقيقة، وكانت على متنها عائلة الرئيس وتحديداً علاء مبارك الذي كان يحمل في يده "شنطة ساموسونيت" سوداء اللون مع زوجته هايدي راسخ وابنهما عمر، بالإضافة إلى خديجة الجمال زوجة جمال مبارك وخادمة أجنبية لها، ووصلوا إلى شرم الشيخ في سيارة B.M.W سوداء اللون. وحسبما أشارت المصادر، فإن سوزان مبارك استقلت طائرة خاصة ووصلت إلى شرم الشيخ في تمام السادسة مساء وسط حراسة مشددة لأول مرة كانت ترفضها من قبل. وأكدت المصادر التي تحدثت لجريدة "اليوم السابع" المصرية أن جمال مبارك كان قد غادر البلاد قبل أول أمس الجمعة متوجهاً إلى لندن، بينما لم تستطع المصادر التأكيد على مغادرة الرئيس وعائلته للبلاد من شرم الشيخ أم لا، وذلك لاستمرار الحراسة المشددة حول القصر المخصص لاستضافته في المدينة حتى هذه اللحظة، إلا أنها فى الوقت نفسه لم تستبعد فكرة أن يكون ذلك من قبيل "التمويه" لتضليل الرأي العام. كرونولوجيا أحداث 25 جانفي استطاعت الثورة الشعبية في مصر بعد قرابة ثلاثة أسابيع من المظاهرات والاحتجاجات، شارك فيها الملايين من مختلف المدن المصرية، الإطاحة بنظام حسني مبارك بعد 30 عاما من الحكم. وقد أعلن مبارك الجمعة 11 فيفري تنحيه وتسليم السلطة للجيش. وفي ما يلي أهم أحداث هذه الثورة على الصعيد الداخلي: 25 جانفي - بدء مظاهرات ومسيرات جماهيرية معادية لنظام حسني مبارك تطالب بالتغيير في ما أطلق عليه "يوم غضب" بمشاركة آلاف الأشخاص. - سقوط أربعة قتلى، أحدهم من رجال الأمن في مصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن بعد تصاعد حدة الاحتجاجات التي عمت العديد من محافظات مصر. 26 جانفي - استمرار المظاهرات رغم تحذيرات وزارة الداخلية وارتفاع عدد الضحايا إلى خمسة قتلى وعشرات الجرحى. 27 جانفي - تواصل المظاهرات في القاهرة وعدد من المدن الرئيسة لليوم الثالث على التوالي. - اشتباكات بين مئات المتظاهرين وقوات الأمن استخدمت القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. - محمد البرادعي أحد أقطاب الجمعية الوطنية للتغيير يدعو الرئيس مبارك إلى التقاعد. - باراك أوباما يؤكد أن العنف ليس حلا للوضع الحالي في مصر. 28 جانفي - وقوع مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين في مدينة السويس. - سقوط قتلى وعشرات الجرحى واعتقال المئات في المظاهرات التي اندلعت بعد صلاة الجمعة في عدة مدن مصرية. - أوباما يدعو مبارك إلى اتخاذ خطوات فعلية لتجسيد الإصلاح السياسي، والتوقف عن استخدام العنف ضد المحتجين. - مبارك يطلب من الحكومة التقدم باستقالتها موضحا أنه سيكلف حكومة جديدة. 29 جانفي - تعيين مبارك لمدير المخابرات العامة اللواء عمر سليمان نائبا له، وتكليف وزير الطيران المدني الفريق أحمد شفيق بتشكيل الحكومة المصرية الجديدة. - تواصل الاحتجاجات الغاضبة في القاهرة والمدن المصرية بعد خطاب الرئيس مبارك مطالبين إياه بالتنحي. - تزايد عدد القتلى في عدة مناطق بمصر في اليوم الخامس من الاحتجاجات. - حدوث تمرد في سجن أبو زعبل، وإطلاق قوات الأمن الرصاص الحي على المعتقلين، وورود أنباء عن وقوع عشرات القتلى في اقتحام قوات الأمن لسجن القطا في دلتا النيل. 30 جانفي - تواصل إجلاء الرعايا الأجانب في مصر التي تعصف بها احتجاجات غاضبة تطالب بإسقاط النظام، وسط تصاعد أعمال العنف والانفلات الأمني. - احتشاد عشرات الألوف من المحتجين في ميدان التحرير في احتجاجات الغضب العارمة. - هيلاري كلينتون تدعو إلى ما أسمته " تحولا منظما" بمصر لا يؤدي إلى فراغ في السلطة، معتبرة أن تعيين نائب للرئيس غير كاف. - الداخلية المصرية المقالة تصدر تعليمات بإعادة انتشار قوات الأمن في جميع أنحاء مصر بدءا من الاثنين، باستثناء منطقة ميدان التحرير وسط القاهرة. - أوباما يؤكد دعمه لانتقال سلمي للسلطة إلى حكومة تلبي تطلعات الشعب المصري. 31 جانفي - مبارك يكلف رئيس الوزراء الجديد أحمد شفيق ببدء حوار مع المعارضة. - كاثرين أشتون الممثلة العليا للشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي تدعو الرئيس مبارك للدخول في حوار فوري مع المعارضة والتجاوب مع تطلعات المحتجين المناهضين للحكومة. - مبارك يكلف نائبه عمر سليمان بإجراء اتصالات مع جميع القوى السياسية بشأن حل كل القضايا المثارة المتصلة بالإصلاح الدستوري والتشريعي. الفاتح فيفري - احتشاد أكثر من مليون شخص في ميدان التحرير للمطالبة برحيل الرئيس مبارك وسط احتجاجات في بقية المدن. - مبارك يعلن في خطاب بثه التلفزيون الرسمي أنه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة. - مجموعة كبيرة من المسلحين أو من يسمون مصريا "البلطجية" تتعرض للمتظاهرين في ميدان طلعت حرب قرب ميدان التحرير. 02 فيفري - ائتلاف المعارضة يدعو لمظاهرة كبرى الجمعة لإرغام مبارك على ترك منصبه والحزب الوطني الديمقراطي الحاكم يسير مظاهرة مؤيدة لمبارك. - الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يقول إنه سيفكر بجدية فيما إذا كان سيسعى للترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في مصر في سبتمبر المقبل. - رئيس البرلمان المصري يؤكد عزمه إقرار التعديلات الدستورية التي تطرق إليها مبارك في خطابه خلال فترة قصيرة، مؤكدا الأنباء التي تحدثت عن تعليق عمل البرلمان إلى حين الفصل في الطعون المقدمة بشأن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة. - مؤيدون للرئيس مبارك يرتكبون اعتداءات عنيفة على معارضين يواصلون المطالبة بتنحي الرئيس عن السلطة خلفت قتلى ومئات الجرحى. 3 فيفري - رفضت أبرز قوى المعارضة بمصر عرض رئيس الحكومة المصرية أحمد شفيق بدء حوار وطني بشرط التنحي الفوري للرئيس مبارك وتشكيل حكومة وحدة وطنية. - مهاجمون يوصفون بأنهم مؤيدون للرئيس مبارك يقومون بإطلاق نار كثيف في ميدان التحرير. - عمر سليمان نائب الرئيس المصري يعلن أنه لا الرئيس ولا ابنه جمال مبارك سيترشحان لانتخابات الرئاسة. - الرئيس مبارك يصرح بأنه يود الاستقالة من منصبه، لكنه يخشى إن فعل ذلك الآن أن تغرق بلاده في فوضى. 04 فيفري - أكثر من مليون شخص يؤدون صلاة الجمعة في ميدان التحرير. - تنظيم مسيرات حاشدة بالإسكندرية ومدن أخرى عقب ما يسمونه "جمعة الرحيل" تطالب برحيل مبارك. 5 فيفري - استقالة هيئة المكتب السياسي للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وتعيين حسام بدراوي محل الأمين العام للحزب صفوت الشريف وأمين السياسات. - المبعوث الأمريكي إلى مصر فرانك ويسنر، يقول إن الرئيس مبارك يجب أن يبقى في السلطة في الوقت الحالي حتى يدير التغييرات المطلوبة للانتقال السياسي. 6 فيفري - قوى المعارضة مع جماعة الإخوان المسلمين تجري حوارا مع عمر سليمان ولا إشارة لتنحي مبارك. 7 فيفري - التحفظ على وزير الداخلية السابق حبيب العدلي تمهيدا لمحاكمته عسكريا. 8 فيفري - منظمة هيومن رايتس ووتش تعلن مقتل نحو 300 شخص خلال الأحداث الجارية في مصر. - المتظاهرون يحاصرون مقر البرلمان ومقر مجلس الوزراء غداة تظاهرات هي الأضخم منذ بدء "ثورة 25 جانفي". 9 فيفري - مقتل 5 أشخاص وإصابة 100 آخرين في مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد إثر اشتباكات مع الشرطة التي استخدمت الرصاص الحي. 10 فيفري - المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية ينعقد في غياب الرئيس حسني مبارك ويعلن البيان رقم واحد ويقرر الانعقاد بشكل دائم لمتابعة الأوضاع في مصر. - الرئيس مبارك يؤكد في خطاب قبيل منتصف الليل تمسكه بالحكم حتى انتهاء ولايته ويفوض نائبه اختصاصات رئيس الجمهورية وفقا للدستور. - نائب الرئيس عمر سليمان يؤكد في كلمة له بعد خطاب مبارك التزامه بتحقيق الانتقال السلمي للسلطة وفقا للدستور ويدعو المتظاهرين للعودة إلى منازلهم واستئناف أعمالهم. - المتظاهرون يرفضون بشدة خطابي مبارك وسليمان ويؤكدون تمسكهم بمطلبهم الرئيسي وهو تنحي الرئيس وسقوط النظام. - آلاف المتظاهرين يتوجهون إلى القصر الجمهوري ومبنى التلفزيون بعد خطاب الرئيس مبارك، والجيش ينصب الأسلاك الشائكة حول القصر. 11 فيفري - ملايين المصريين يتظاهرون في القاهرة ومختلف المدن والآلاف منهم توجهوا نحو القصر الرئاسي بالقاهرة انطلاقا من ميدان التحرير، حيث أدى مليونان على الأقل صلاة الجمعة. - الجيش يعلن بيانه رقم 2 ويعلن فيه إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية وضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة. - عمر سليمان يعلن تنحي حسني مبارك وتسليم الحكم للجيش. - المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر يصدر البيان رقم 3 ويقول إنه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب المصري، الذي أطاح اليوم بنظام الرئيس محمد حسني مبارك بعد 18 يوما من المظاهرات والاعتصامات. - أجواء فرحة عارمة تعم أرجاء مصر بسقوط نظام حسني مبارك.