''المصادرة على المطلوب هو أن يجعل المطلوب نفسه مقدمة في قياس يراد به إنتاجه، كمن يقول: إن كل إنسان بشر، وكل بشر ضحاك، فكل إنسان ضحاك''· الشيخ الرئيس ;قال أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم، في حوار أجرته معه يومية ''الجزائر نيوز'': إن ''التيار الإسلامي في الجزائر هو الأقوى، التيار الإسلامي في الجزائر عدوه الكبير هو التزوير، فإذا جرت انتخابات نظيفة ونزيهة وبمعايير دولية، ثقوا أن التيار الإسلامي سيخطف الأضواء وسيتصدر قوائم الناجحين''· مثل هذا التصريح أمر عادٍ من أي سياسي كان، على ما يحمله من تخمينات وادعاءات لا تستند إلى قراءة للواقع ووجدوا لها مسوغا في مبدأ ''السياسة فن الممكن''· فكل سياسي أو حزب أو تيار يريد أن يوهم أن القوة الأولى، ويصادر على المطلوب· أبو جرة سلطاني، مثل غيره من السياسيين جعل مطلوبه في النتيجة متضمنا في مقدماته، فحسم الأمر بأن الإسلاميين قبل الانتخابات التشريعية التي يقول إن نتائجها ستكون الإسلاميين هم القوة الأولى في البلاد، إذا لم يكن هناك تزوير، وهو ما يعني، بمنطق السياسي أبو جرة سلطاني، أنه إذا لم يفز الإسلاميون فإن الانتخابات مزوّرة· ما الذي سوغ ل ''أبو جرة سلطاني'' مثل هذا القياس؟ أمور كثيرة، أولها ''الربيع العربي'' وما أفرزه من نتائج في الاستحقاقات الانتخابية لما بعد ''الثورة'' من صعود للإسلاميين في كل من تونس والمغرب ومصر وتحكمهم في السلطة بليبيا حتى قبل أية انتخابات، أعطت للأحزاب السياسية الإسلامية الأمل في إمكانية تكرر السيناريو بالجزائر· ثانيها: الفكرة التي عمل الإسلاميون على تكريسها، منذ أكثر من عشرية، أن المجتمع الجزائري إذا ما أتيحت له فرصة انتخابات نزيهة فإنه سينتخب لصالح الإسلاميين، خاصة عندما يتذكر الواحد تصريحا من أحد عمداء السياسة في الجزائر عبد الحميد مهري الذي قال في سنة 1998 من قاعة الأطلس ''إننا بعد 10 سنوات من الآن سنجد من ينتخب فيس''· هذه الفكرة ساعد على تكريسها حتى الأحزاب التي تطلق على نفسها مصطلح ''الديمقراطيين'' التي تأكد فشلها وجعلت كل من ليس معها إسلاميا بالضرورة· أما ثالث الأمور: القول بأن الخريطة الجديدة التي أخذت في الارتسام بالعالم العربي إنما هي إرادة غربية فرضت على الدول العربية مثلما فرضت عليها الأنظمة السابقة المنهارة، وأن الجزائر جزء من هذا العالم العربي ولن تفر من هذه الإملاءات الغربية التي أصبحت أمرا واقعا ليس أمامها سوى التعامل معه· غير أن هذه المسوغات التي أباحت مثل هذه المصادرة على المطلوب لم تنتبه أو غضت فيها الأحزاب الإسلامية الطرف على عدة حقائق· أولها: إذا سلمنا سلفا بأن كل الانتخابات التي مرت على الجزائريين بعد الدور الأول من تشريعيات ,1991 فإنه لا وجود لأي معيار نقيس به أية قوة سياسية في البلاد· وبالتالي علينا أن ننتظر تشريعيات 2012 التي يعد الرئيس بوتفليقة بأن تكون على قدر كبير من الشفافية وتحت الرقابة الدولية التي قالت بنزاهة الانتخابات السابقة ويشكك فيها إثنان الآرسيدي وحمس الذي يقول إنها مزوّرة إن لم تفرز الصناديق فوز الإسلاميين· ثانيها: حقيقة أن الوعاء الانتخابي الذي أفرز فوز الإسلاميين في 1991 مع نسبة كبيرة من الامتناع قد تغير كثيرا بعد مرور عشرين عاما، وأصبح معظمه من الجيل الذي ولد مع الأزمة الأمنية ووصل سن الانتخاب منذ سنتين، وهو وعاء لا يعرف عن الإسلاميين سوى يجوز ولا يجوز وما حفها من عنف وتطرف· وثالثها: أليس غريبا أن تشكل الجزائر استثناء في الربيع العربي ولا تكون استثناء في صعود الإسلاميين؟ إذا حدث ذلك فهل هي مصادرة على المطلوب؟ القول: إنه في حالة صعود الإسلاميين في التشريعيات المقبلة فإن الانتخابات مزوّرة·