”احمني من أصدقائي، أما أعدائي فإنني سأحمي نفسي منهم” .. مثل أجنبي ينطبق اليوم على صديق السلطة، أبو جرة سلطاني، الذي انتقل بفعل فاعل إلى الجهة الأخرى .. إلى المعارضة، بعدما انتفع لسنوات من قربه من السلطة. أبو جرة المعارض، مازال يسكن إقامة الدولة بنادي الصنوبر، ومازال ووزراءه في الحكومة، مع أنه أعلن الطلاق من التحالف الرئاسي!! ضمنيا، لم يتنكر للسلطة التي يجاورها في نادي الصنوبر، وينتفع بمنافعها فقط، وإنما تنكر أيضا حتى لتسمية الحزب الذي يتزعمه، عندما نسب نفسه إلى التيار الإسلامي، الذي طلق تسميته وفقا لقانون الأحزاب، وصار حركة مجتمع السلم، من مبدإ أننا كلنا مسلمون، وهذه انتهازية أخرى من زعيم الحركة، بل دليل على أنه لا يمكن أن يتغير، وهو المنهج الذي انتهجته الحركة منذ أن احتمت بالسلطة أيام الأزمة الأمنية هروبا من بطش السلفيين. أبو جرة عندما يصر من جديد على أن تياره هو التيار الإسلامي، ظنا منه أن أمير قطر سيتدخل بجزيرته وأمواله وتهديداته لينصبه على رأس البلاد.. يثبت من جديد مدى قدرة الرجل وحركته على التلون والانتهازية، لأنه بعد تطليق التسمية الإسلامية يعود من جديد ويضع نفسه في صف الإسلاميين الذين انتقدهم من جهة ثانية ونسب إليهم الأخطاء المميتة التي أدخلت الجزائر في الأزمة الأمنية. نعم، لو حقا نقوم بانتخابات نزيهة مثلما تقول، فستكون أول الخاسرين يا سلطاني، لأنك أنت من أساء إلى الحركة الإسلامية، وأنت من أدخلها في الفساد، والإنسان العادي يعرف جيدا ذلك، ويعرف مدى الثراء الذي ظهر على قيادتها منذ تقربها من الحكم، ولا حاجة لنا لدليل، فالشعب أذكى من أن تضحك عليه بكلامك على شاشة الجزيرة.. ثم مادامت الانتخابات السابقة مزورة، لماذا كنت تطلع وتقول إنك القوة الثانية بعد التيار الوطني؟!! ولم تكن تنتقد هذه الانتخابات مع أنك لم تكن مجبرا على قبول النتيجة، وكان الكل يناقشها بكل حرية، ويشكك في نزاهتها دونما خوف؟ فكيف اليوم تقفز وتحاول تزعم الطرف الآخر، مستغلا التحولات الطارئة في الوطن العربي، وترى نفسك أردوغان الجزائر، ناسيا أنك لولا قربك من السلطة لكنت في خبر كان، وكان تيار مناصرية جرفك منذ سنوات، فلولا وقوف السلطة بجانبك لكان زعيم الحركة اليوم هو مناصرية وأنت تعرف جيدا ذلك .. ويكفي السلطة إن أرادت فتح ملف واحد وتخرج فضائح الحركة إلى الساحة، يكفي فتح ملف الطريق السيار، وملفات أخرى لنيهار كل شيء من حولك... أعرف أنك تدرك جيدا ذلك، وخرجتك أمس ما هي إلا محاولة ابتزاز أخرى مثل تلك التي عودتنا عليها قد تحقق من ورائها مكاسب سياسية، لأنك تدرك حقيقة لو أن الانتخابات المقبلة ستكون نزيهة وشفافة فهناك الكثير من البدائل الإسلامية التي لم تتورط مثل حركتك في الفساد، وسينتخب الوعاء الإسلامي لها، وتظهر وقتها على حقيقتك وتخسر كل شيء.. فأنت مثل متطفلي السياسة، تستعمل الديمقراطية وسيلة للوصول إلى الحكم، لا فلسفة حياة، والسياسة وسيلة ابتزاز ورشوة، لا نظام حكم وتسيير. انتهى عهدك يا أبا جرة، فارفع جرتك فقد ملأتها رياءً ونفاقا.