إستطاع، مساء أول أمس، المسرحي سامي علام، أن يصنع الفرجة بالمسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، بعرضه لمونولوج ''أورقاغ أموثاغ'' بمعنى ''حلمت أني مت''، وقد أبدع في طريقة العرض، مذكرا من خلالها الجمهور الكبير الذي توافد إلى القاعة المسرحي القبائلي الراحل ''موحيا''· المونولوج الذي يحمل عنوان ''أورقاغ أموثاغ'' اقتبسه سامي علام من نص خاله المسرحي القدير الراحل ''موحيا'' وأخرجته حسيبة دحمون علام، من إنتاج المسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح ببجاية، ويروي فيها سامي علام تجربة ''موحيا'' في عالم الخيال والتصور، حيث بدأ العرض بظهوره كنائم، غارقا في حلم غريب جعله ميتا، ودخل عالم الموتى الذي قاده إلى المجهول والتناقض في الحياة، حيث ظهر أنه، وبالرغم من أنه ميت، إلا أنه يدرك ما يجري من حوله، لأن عقله لا يزال حيا ويسمع ويحلل كل حديث يدور بحوله· الحلم ظهر بسقوطه وسط الطريق ليجد نفسه في عالم آخر، عالم مملوء بالأحداث والمفاجآت والشخصيات والكثير من الأشياء، بمن فيها كثرة الفضوليين والسلطات والذباب والنمل الذين يطوفون من حوله· وفي صورة امتزجت بين الديكور والتمثيل نجح سامي علام في تصوير طريقة تعامل أعوان الأمن مع الحوادث المميتة، ففي الوقت الذي كان ميتا ومستلقيا على الأرض سمع ضابط الأمن يقول ''لماذا توفي هذا الشخص هنا بالضبط؟'' وهو السؤال الذي استغربه الممثل، ورد عليه في نفسه ''أليس من حقنا أن نموت في أي مكان نرغب؟ ظننت أن في الجزائر ليس فقط بإمكاننا العيش في أي مكان نرغب'' وهو إسقاط على واقع المواطن الجزائري الذي يعاني البيروقراطية والتهميش· وفي مشهد آخر، قام باسترجاع أهم المراحل التي عاشها منذ ولادته والذكريات التي ميزت حياته، وبدايتها من الصغر، حيث كان طفلا وكل أفراد العائلة يحبونه ويدللونه، لكن وبعد أن بدأ المشي تغيرت المعاملة وفقد حبهم· وبعدها انتقل إلى مفارقات الحياة التي ميزت شبابه بمنطقة القبائل في صيد العصافير والعطلة الصيفية وقضاء أوقات في الشاطئ لمغازلة الفتيات، ثم نقل صورة عن يومياته بالجامعة والمعاناة التي يواجهها في الخدمات الجامعية لاسيما الإطعام وتحوّل إلى إيجابيات الجامعية، مقدما صورة عن حياته العاطفية وعشقه لفتاة تتميز بجمال وأخلاق أدخلته عالم الحب والأحلام، لكنه تأسف من وضعية قلبه الذي لم يفهمه، وعمم ذلك على معظم الشباب وقال ''الفتاة التي أحبها لا تحبني، أما الفتات التي تحبني فأنا لا أحبها''· وبعد التخرج من الجامعة، فضّل الهجرة إلى باريس العاصمة الفرنسية، وفيها اكتشف عالما آخر تطبعه الحريات والمفاجآت، لكنه اصطدم بصعوبات الحياة والتأقلم مع المجتمع الفرنسي بسبب اختلاف الأفكار والعادات والتقاليد وحتى طريقة العيش، وحاول بكل جهد أن يدخل عالمهم، لكن دون جدوى· ويروي أنه في يوم من الأيام كان يتجول في شارع ''شونزيليزي'' انبهر بجمال فتاة، لم يكن يهمه أصل جنسيتها، إن كانت فرنسية أو ألمانية أو روسية أو إيطالية، ''المهم أنها فتاة جميلة وأنيقة''، بدأ يغازلها، واقترب منها ومد يده لها، لكنه تفاجأ بمده بعض النقود، حيث اعتبرته متسولا، وهو الأمر الذي جعله متسكعا في الشوارع ليعانق عالم الكحول والكباريهات في حياة ميزها التناقض والإشكاليات· لكن، فجأة استرجع واقعه، وقرر أن لا يبالي بالناس وبكلامهم، وأن يفعل ما يريده في الحياة مطبقا مقولة ''أفعل ما أريد لا أبالي بمن يحبني ولا بمن يكرهني''، وانتهى العرض بالعودة لنومه· من الشكل، ميز المونولوج ديكور فريد من نوعه من حيث التصميم الذي جاء على شكل كتاب، وكل صفحة تنقل فترة وأحداث معينة، تتابع أحداثه بتتبع صفحاته· أما الموسيقى التي وظفها فكانت في المستوى، كونها انسجمت مع واقع الأحداث · وفي آخر العرض، اعتذر المسرحي سامي علام من الجمهور عن تأخر العرض بساعة عن الوقت المحدد، وأرجع سبب ذلك إلى فقدانه لعمه الذي وافته المنية صبيحة الإثنين، ورغم ذلك وفى بوعده ولم يخيب أمل محبيه، وأهدى العرض الذي لقي إعجاب الجمهور إلى روح عمه·