في الوقت الذي اشتكى المواطنون من غلاء تسعيرة النقل بالميترو والترامواي، فاجأ الناقلون الخواص بمختلف الوسائل، سيارات الأجرة وحافلات النقل الحضري وحافلات النقل بين الولايات بقرار رفع التسعيرة هم كذلك، دون سابق إنذار أو اتفاق مسبق مع السلطات الوصية ممثلة في وزارة النقل ووزارة المالية، معلنين أن تسعيرة النقل على الخط سترتفع ابتداء من فيفري المقبل بما بين 5 و10 دنانير، أي بأكثر من 50 بالمائة، وربما ب 100 بالمائة· لا ينتبه المواطن إلى أمر هام، وهو أن هناك فرقا بين السعر والتسعيرة، وأنه إذا كانت الأسعار حرة تخضع إلى قانون العرض والطلب، فإن التسعيرة ليست كذلك، وهي تحدد باتفاق بين المتعاملين في القطاع والوزارة الوصية عليه ووزارة المالية· وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها الناقلون الخواص إلى مفاجأة المواطن بلافتة يعلقونها على نوافذ الحافلات تنبئه بأن تسعيرة التذكرة قد ارتفعت، مشيرين في إعلانهم إلى القانون الذي يضبط الأسعار· لكن هذه المرة يعترف الناقلون الخواص أن رفعهم لتسعيرة تذكرة النقل كان بطريقة انفرادية· ويعترف نائب رئيس إتحاد الناقلين الخواص محمد رياض بوذراع، بأن الناقلين الخواص لجأوا إلى رفع تسعيرة النقل بهذه الطريقة ''بعد أن رفضت الهيئات الوصية الاستجابة لمطالبهم''· وبغض النظر عن مدى شرعية المطالب التي رفعها الناقلون الخواص، فإن لجوءهم لوضع المواطن والجهات الوصية أمام الأمر الواقع، إنما هو جزء من الفوضى التي يعرفها قطاع النقل وانصراف السلطات الوصية، وعلى رأسها وزارة النقل، عن الواقع الذي يعرفه القطاع، والاهتمام بمشاريع النقل الكبيرة مثل الميترو والترامواي· ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر التفاتة من وزارة النقل للقطاع بعد الحوادث الكثيرة والجرائم التي تسبب فيها الناقلون الخواص، كان آخرها التسبب في مقتل شيخين بمنطقة الأبيار بالعاصمة، يتفاجأ المواطن بأن الوزارة لا تحرك ساكنا تجاه فرض الناقلين الخواص لمنطقتها عليها· وأمام عدم اهتمام السلطات بالفوضى التي يعانيها القطاع، يعاني المواطن الأمرّين مع وسائل النقل الخاص، بدءا بقدم معظم الحافلات وعدم صلاحيتها لممارسة النشاط، مرورا بلجوء أصحابها إلى تجاوز حمولتها القانونية وحشر الركاب فيها كالأنعام، وصولا إلا عدم احترام مدة التوقف في المواقف وعدم احترام الخطوط المعتمدة لهم· ولا تقتصر الفوضى على حافلات النقل الجماعي، بل تتعداها إلى سيارة النقل بالأجرة، حيث قررت ''الطاكسيات الجماعية'' رفع تسعيرة الخط ب 50 بالمائة، وانتقلت من 20 دج إلى 30 دج· أما سيارات العداد بالأجرة، فقد توقف عدد كبير منها عن استعمال العداد واللجوء إلى تسعيرة يحددها هو مثله مثل سيارات ''الكلونديستان''، الفرق الوحيد بينهما أن الأول يتخفى من رقابة أعوان الأمن العمومي، بينما الثاني يمارس ذلك جهارا نهارا ويركن سيارته في محطة توقف الطاكسيات، مثلما هي الحال بساحة أول ماي وأمام محطة أغا بالعاصمة· أما طاكسيات العداد التي قد يصادفها المواطن في الطريق، فهي لا تقبل إلا بالخطوط التي تتوافق وميزاج صاحبها· ويبرر الناقلون الخواص رفع التسعيرات بارتفاع التكاليف، ولأن سعر الوقود لم يرتفع، فقد وجدوا التبرير في ارتفاع زيت التشحيم، إلا أن رفع تسعيرة النقل بأكثر من 50 بالمائة لا يتوافق تماما وارتفاع أسعار الزيوت ولا حتى قطع الغيار· وبعملية حسابية، فإن حافلة نقل تحمل على الأقل 30 مسافرا في الرحلة ولا تقوم إلا برحلتين ذهابا وإيابا في الصباح ومثلها في المساء، فإن حاصل الزيادة سيكون 1200 دج، في حال كانت الزيادة 5 دنانير فقط·