شكّل مسار مؤسّسي أغنية الشعبي محور ندوة نشطت أوّل أمس بالمعهد الوطني العالي للموسيقى في إطار المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي الذي اختتمت فعالياته سهرة أمس بعد أسبوع من المتعة والتنافس، وأكّد بالمناسبة السيد عبد القادر بن دعماش باحث في الموسيقى ومحافظ المهرجان أنّ ''مؤسّسي الأغنية الشعبية قدّموا كلّ ما لديهم لهذا الفن بشكل سخي''. في هذا الإطار، تطرّق المحاضر إلى مسارات الشيخ مصطفى الناظور -اسمه الحقيقي مصطفى سايجي- ليحمل المشعل بعده الحاج محمد العنقا الذي أضفى على موسيقى الشعبي طابعا خاصا إلى جانب أسماء لامعة لا سيما عبد الرحمان المداح، الحاج مريزق، حسيسن، خليفة بلقاسم وبوجمعة العنقيس. كما تطرّق بن دعماش إلى شخصية البودالي سفير أحد رجالات المسرح وأحد المحلّلين الموسيقيين والإذاعيين والصحفي الذي كان خلال سنوات الأربعينيات السبب في إنشاء الجوقات الموسيقية الأندلسية والعصرية والقبائلية والمديح والبدوي على مستوى الإذاعة بقيادة كلّ من محمد الفخارجي ومصطفى سكندراني والشيخ نور الدين وكذا الحاج محمد العنقا وخليفي أحمد، وأضاف بن دعماش الذي نوّه تنويها خاصا بالملحن كمال حمادي ''أنّه ينبغي على الفنانين الشباب أن يذكروا كاتب كلمات وملحن أغانيهم كلّما قاموا بتأديتها وذلك عرفانا منهم لعملهم''. من جانبه تطرّق السيد كمال حمادي إلى الإسهام الشخصي لمؤدي الأغاني الشعبية مؤكّدا على أن يكون لكلّ فنان لمسته الشخصية، كما أوضح ''أنّ كلّ فنان مطالب بإعطاء لمسته الشخصية لأغنيته'' متطرّقا لبداياته في فن الموسيقى لا سيما عمله كمنشط لحصة ''قصيدة وأغنية'' التي كانت تبث في سنوات الخمسينيات، كما أشار أيضا إلى أغنيته المشهورة بعنوان ''ما أعزيزن'' (أمي الحبيبة) التي كتبها سنة 1957 وأدّاها لأوّل مرة سنة 1958 الفنان الحاج محمد العنقا.وضمن الندوات المرافقة للمهرجان توقّف المختص في الموسيقى نصر الدين بغدادي عند ''أصول وتاريخ أغنية الشعبي''، حيث أوضح أنّ ''الشعبي نوع شعبي يعود تاريخه إلى مطلع القرن ال20 بقصبة الجزائر التي كانت موقعا عريقا'' مضيفا أنّه بمجيء الشيخ الناظور عرفت أغنية الشعبي تغيّرات على مستوى الكلمات التي أصبحت في متناول الجمهور العريض وكذا على مستوى الإيقاع''، وأشار إلى أنّ ''التكريس الحقيقي جاء مع الحاج محمد العنقا الذي تمكّن بفضل احتكاكه بأستاذه الشيخ الناظور وغيرهم من الفنانين أمثال سعيدي والشيخة يامنة من إعداد نوع خاص من خلال إدخال آلات موسيقية جديدة مثل المندول والبانجو والقيتارة وبعدها البيانو حيث أضحى الجوق الموسيقي حاضرا بشكل أكبر''. وبخصوص الكلمات أوضح المحاضر أنّه بالإضافة إلى النصوص القديمة كان الفنانون يؤدّون ألحانا جديدة لابن سماعيل والعنقا وغيرهم من كتّاب الكلمات آنذاك، وأشار بغدادي الذي أبرز القيمة الجمالية لأغنية الشعبي إلى أنّ ''هؤلاء الفنانين الذين أدخلوا مواضيع جديدة ذات الصلة بالحياة اليومية حافظوا على الطابع الأصلي لأغنية الشعبي''.