مع مضي ما يناهز السنة على انطلاقة الثورة السورية (15 آذار2011) تقترب سوريا بخطى ثابتة من المواجهة المسلحة المفتوحة· بعضهم يسميها حربا أهلية وبعضهم الآخر يعتبرها معركة عسكرية لا أهلية، إذ تجري المواجهة بين النظام الحاكم ومعارضة شعبية واسعة، وثمة شكوك كبيرة في أن يكون العلويون قرروا خوض المعركة كطائفة دفاعا عن النظام، وبشار الأسد وارث حافظ الاسد· هذه فرضيات لا تزال في حاجة إلى عناصر ميدانية ومادية تؤكدها أو تنفيها· فالمجازفة كبيرة جدا متى أدركنا أن كل معركة تخاض على قاعدة طائفية لا بد أن تنتهي بحمام دم كبير· فضلا عن ذلك، ثمة من يقول إن أرقام الديموغرافيا السورية لا تكذب، ومن هنا خطورة تورط العلويين في حماية نظام يسعى إلى جعل وجوده شرطا مسبقا لبقاء الطائفة نفسها· بمعنى أن لا علويين في سوريا ما لم يبق النظام في دمشق، ولا أمل ببقاء العلويين على أرض سوريا ما لم ينخرطوا في خيارات آل الأسد التقسيمية التي يخبئونها ورقة ما قبل أخيرة، ساعة يتم إخراجهم من دمشق وحلب· فالمدينتان الكبريان، هما آخر قلاع النظام بصيغته المركزية· أما بقية أنحاء البلاد فساحة مواجهات مفتوحة على كل الاحتمالات· لقد كان خطاب بشار الأسد الأخير الذي اعتبره المراقبون إعلانا للحرب، رسالة لفريقه أكثر منها رسالة للآخرين· كان في حاجة إلى أن يقول لناسه إنه قرر خوض الحرب إلى النهاية· وكان لنزوله إلى ساحة الأمويين ليخاطب حفنة من المناصرين مصحوبا بزوجته واولاده، مضمون مفاده أنه باق كعائلة· وطبعا، اكتشف بشار حجم المشاركة الهزيلة في تظاهرة ساحة الأمويين التي قيل إنها ضمن مشاركين من لبنان (حزب الله والقوميون) أكثر من السوريين· فحتى فئة الموظفين التي كان يجري إنزالها في الشهور الأولى من الثورة بالوسائل المعروفة ما عاد بالإمكان حشدها· وسكان المدينتين الكبريين دمشق وحلب يجنحون في معظمهم إلى ملازمة بيوتهم وانتظار الخاتمة· في لبنان يقف حلفاء بشار الاسد في موقف صعب، فالعقلاء والواعون على ندرتهم، يعرفون تماما أن النظام في سوريا انتهى، وأن الايغال في القتل لن ينقذه من السقوط· فالسقوط حتمي مهما حصل، ومهما توسع القتل· وحمام الدم لن يفضي إلا إلى نهاية سيئة سيتعرض لها بشار وبطانته· إنه أضعف من أن ينتصر على شعبه· والأطراف اللبنانيون المتحالفون معه ينتظرون ساعة السقوط، وهم مرتبكون تماما مثل القوى المناوئة· لكن ''حزب الله'' هو الأكثر ارتباكا، لأنه خسر السوريين ولن يربح نجاة النظام· ومشكلة الحزب أنه يدار من الخارج، وهو جزء من منظومة غير لبنانية· فحارة حريك أقرب إلى طهران بأشواط منها إلى أي بقعة في لبنان· خلاصة القول: إن أصوب الخيارات التحرك في الاتجاه الصحيح من التاريخ· فمنطق التاريخ أقوى من خردة ''حزب الله'' وهذيان قادته في طهران·