كشف البروفيسور بن قونية عبد الوهاب من مصلحة الأوبئة والطب الوقائي بمستشفى مصطفى باشا، أمس في منتدى يومية ''المجاهد''، عن وفاة عدد من الجزائريين داخل وخارج مستشفيات البلاد بسبب ندرة الأدوية، وإضرابات الأطباء الطويلة· استغرب منشط الندوة عدم فتح السلطات العمومية تحقيقات في أسباب تلك الوفايات ''مثلما يستدعيه القانون''، كاشفا عن وجود ''سياسة في قطاع الصحة تقوم على تسيير ندرة الأدوية وليس القضاء عليها''، وجملة أخرى من كوارث التسيير، كتوقيف تقارير الرقابة المالية لصرف ميزانية الصحة· وكشف ضيف يومية ''المجاهد'' البروفيسور مصطفى بن قونية، أمس، خلال عرضه لدراسة تكشف الضرورة القصوى لإنشاء ''معهد وطني لليقظة الصحية''، عن فضائح بالجملة سبق وأن حدثت في عهد الوزراء السابقين وأخرى عرفها القطاع في عهد الوزير الحالي، ومنها ''وفاة مرضى جزائريين بسبب ندرة الأدوية التي صعدت حدتها في الآونة الأخيرة خارج وداخل المستشفيات''، موضحا أن هذه الوفايات ''ويا للعجب لم يتحرك لها ساكن ولم تزعزع أحدا للتحقيق فيها بشكل رسمي وقانوني''· وأضاف ''الإضرابات هي الأخرى كانت وراء وفايات، ولست أفهم لماذا الإضرابات طال أمدها رغم مشروعية مطالبها وقابليتها للتجسيد''· وعن موضوع الندرة دوما، كشف البروفيسور عن نقص حاد في احتياطات الجزائر لأمصال ''التسمم العقربي'' و''التيتانوس'' و''الكلب''، وعاد بن قونية للحديث عن الحاجة القصوى والضرورية للجزائر إلى معهد وطني لليقظة الصحية، يعادل وكالات وهيئات الأمن القومي الموجودة في ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، موضحا أن الجزائر عرفت عودة خطيرة لأمراض انقرضت في أربعينيات القرن الماضي ''كالطاعون'' الذي أصاب 3 حالات في وهران سنة 2003 بالاضافة إلى ''الكلب'' والتيفوئيد والكوليرا التي سجلنا عودتها بمئات الحالات في السنوات الأخيرة والتهاب الكبد الفيروسي ''أ'' و''ب'' و''ج'' والحمى المالطية و''التبول الدموي'' و''البريسيلوز'' واللشمانيوز الذي سجل 20 ألف حالة في العام الماضي· وانتقد البروفيسور كيفيسة مواجهة هذه الأمراض وأخرى من الأنواع المتنقلة المعدية عبر المياه، موضحا ''أنه من غير الطبيعي معرفة الوباء وطبيعته وطريقة علاجه، لكن في الوقت ذاته نرى الأمراض تنتشر في كل ربوع الوطن دون السيطرة عليها''، شارحا الظاهرة بضعف المواجهة وافتقاد الدولة لسياسة صحية قوية· واستدل بن قونية على انفلات الوضع في قطاع الصحة عندما يتعلق بظهور وباء ''بفاتورة 100 مليون دولار التي اقتنينا بها 700 ألف وحدة تاميفلو و20 مليون لقاح، وهو ما لم يكن ليقع لو كان المعهد موجودا''· وأردف في سياق التسيير الكارثي ''لقد تم توقيف عرض الحصيلة السنوية للرقابة المالية لمصاريف قطاع الصحة منذ .''2003 وكشف البروفيسور أيضا عن إهمال لتقارير الدرك الوطني ''المنجزة حول ندرة الأدوية والكوارث والحوادث على مستوى وزارة الصحة، حيث تمثل معطيات الدرك ثروة رقمية كان باستطاعة الوزراء المتعاقبين أن يبنوا عليها سياسة صحية حقيقية، لكنها للأسف طريقها لم يتجاوز سلة المهملات''، معلقا ''إننا لم نحفظ الدروس من الماضي''· كما كشف بن قونية عن فشل ذريع لسياسة المراكز الاستشفائية الجامعية ''التي ظهرت إلى الوجود في 1985 بهدف رفع مستوى الطب، لكن اليوم هي عاجزة عن التكفل بالتكوين للأطباء والاستعجالات معا، بدليل أنه منذ 1985 لم نتجاوز 13 مركزا عبر الوطن''، مضيفا ''إن بقاءها اليوم يمثل علامات استفهام كبيرة، إذ لا يمكن أن نبقى نسيّر القطاع الصحي بقانون عمره 26 سنة''·