تمتع جمهور قاعة مسرح عز الدين مجوبي، بعنابة، بالعرض المسرحي للممثلة والمخرجة سعاد سبكي، التي عادت ودخلت ''سوق الرجال'' لتحكي مشكلة تأخر الزواج عند الجزائريات، في قالب فكاهي، استجاب له الحضور وتفاعل مع ارتجالية سبكي الناجحة. المسرحية أنتجتها جمعية مسرح محمد اليزيد بالجزائر. اختارت سبكي أو ''العمرية'' أن تظهر في زي كلاسيكي في دور المرأة التي شارفت عقدها الخامس، لكنها لم توفق بعد في الزواج. قررت المشاركة في مسابقة ''سوق الرجال'' التلفزيونية التي تجيز الفائزة برجل وسيم مستعد للزواج حالا. في خضم حمى البحث عن الطرف الآخر، تلتقي العمرية ب ''جميلة'' (نادية قادري)، فتاة في العشرين من عمرها، واثقة من جمالها وحظوظها. اختار كاتب النص، العمري كعوان، أن يضع هاتين المرأتين وجها لوجه، أن يرفع الصراع بينهما، ليكشف عن الوضع الذي آلت إليه النساء، في زمن ارتفاع نسبة العنوسة في الجزائر. وكعادته، يختار كعوان اسم ''العمرية'' لتكون رمزا للمرأة المتقدمة في السن، المعبرة عن جيل من النساء فاتها قطار الزواج، هن من جيل مختلف عن جيل ''جميلة'' المستعدة للقيام بكل شيء من أجل الظفر برجل. إلا أن المخرجة والممثلة في آن واحد، عندما اقتبست النص، أظهرت قدرة كبيرة على استيعاب الموضوع، فأعطت للشخصية بعدا جديدا، يتعلق بشخصية سبكي المسرحية، بحضورها فوق الخشبة، بحركتها وخبرتها في التفاعل مع الجمهور. ''العمرية'' لم تكن صورة طبق الأصل لما كتبه العمري كعوان. حاولت سعاد سبكي أن تتفادى التقاطعات بين مسرحية كعوان الأولى ''زواج أكاديمي'' التي سبق له أن أداها رفقة تونس آيت علي، والتي عالج فيها مشكلة الزواج بنفس الطريقة الساخرة، ومن منطلق مسابقة للفوز بشريك الحياة. لهذا أدخلت سبكي عنصرا ثالثا في العمل، وهو صوت المذيع (حميد شعبوني)، كمنشط الحصة التلفزيونية، واستعانت بصوته دون حضوره فوق الخشبة، وجعلت منه عنصرا ثالثا تتصارع معه ''العمرية'' إضافة إلى ''جميلة''. رغم الفرق الظاهر بين سبكي وقادري، إلا أن الانسجام غلب على أدائهما، ورغم الصراع الذي يقتضيه الموقف الدرامي، إلا أننا لم نشعر بتباعد بين الممثلتين، رغم آن سعاد تفوقت على نادية، في الارتجال والتحكم في النفس وبدت هاضمة للنص أكثر، وفي وقت صدح صوت سبكي بدت نادية بصوت متواضع أمام نظيرتها. في المقابل كانت ''جميلة'' خفيفة الظل، مقبولة لدى الجمهور، تحسن الرقص والغناء.