''إنه البرد''، يقول الجميع بصيغ مختلفة، البرد الذي لا يتكرر كثيرا في مدينة الجزائر المتوسطية التي تحافظ دائما على الحد الأدنى من دفئها في عز الشتاء· درجة الحرارة تنزل إلى ما دون العاشرة، فيتزاحم الغرباء في المطاعم الشعبية، حيث تتزايد الطلبات على صحون ''اللوبيا الحارّة''· لكن البرد في وسط العاصمة ليس كمثل الذي في أطرافها أو عند أعاليها، حيث تنخفض الحرارة كلما اتجهت إلى الأعلى· تشعر بذلك عندما تصل إلى حي الأبيار، حيث يزداد تساقط البَرَد (بفتح الراء) الذي يسمى محليا ''التبروري''، ويقول السائق بشيء من الخوف وشيء من التعجب، إن السيارة لا يكاد يتحكم فيها، فهي تنزلق من شدة تساقط ''التبروري'' الذي يعرقل سيرها، ومع ذلك يتجه بصعوبة نحو أعالي بوزريعة· ويقترب الوقت من منتصف النهار، حيث تقل حركة السيارات تزامنا مع اقتراب صلاة الجمعة، لكن الجو يستمر في البرودة، حيث تنخفض درجة الحرارة كلما اتجهنا نحو الأعلى، ولا تكاد مع البرودة والأمطار ترى المارة إلا قليلا وبعضهم مدجج بألبسة كثيفة وآخرين يستعملون المطريات التي قد لا تنفعهم إذا ازدادت حدة الريح وتساقط ''التبروري'' بغزارة، ويتحوّل هذا الأخير إلى ما يشبه الثلج وأنت تراه متراكما في بعض أجزاء السيارات· ويتوقف تساقط ''التبروري'' بشكل مفاجئ، لكن البرودة الشديدة تتواصل كما تزداد قوة الأمطار عند منطقة شاطوناف، وهنا تنزل درجة الحرارة إلى الإثنين فوق الصفر، ويعني هذا أنك اقتربت من أعالي بوزريعة، حيث درجة الحرارة في أدنى مستوياتها، وهي النقطة الأبرد في ضواحي مدينة الجزائر· وتستقبلك بوزريعة بطريقتها الخاصة في هذا الجو، و''التبروري'' الذي كان يتساقط بغزارة في غير هذا الحي ولا تجد له أثرا بعد ذلك في الأرضية المبللة، تراه يتجمع في بعض أجزاء البيوت من شدة برودة الأرضية في مشهد يشبه الثلج· ويحافظ حي هواء فرنسا التابع لبوزريعة على زحمة المرور التي يعرف بها حتى مع اقتراب موعد صلاة الجمعة في يوم العطلة الأسبوعية، ورغم حديث البعض أن الثلج يسقط في تلك المنطقة إلا أن الواقع يكذب ذلك رغم البرودة الشديدة التي توحي بذلك، ويرى البعض أن الثلج لن تجده إلا خارج مدينة الجزائر، حيث انعدام الحركة يسمح بتشكله، وتتواصل الحركة التي تقترب من الصفر في اتجاه أعلى نقطة في مدينة الجزائر، حيث منطقة لعمارة بوسط بوزريعة، وهناك لا تكاد تمشي مستويا من شدة البرد الذي يدخل العظام مباشرة، حيث ندف الثلج الكبيرة تسقط ممزوجة بحبات المطر في مشهد عجيب بارد، لكن الثلج الذي يسقط بقوة لا تكاد تراه متجمعا في الأرضية من قوة المطر الذي يسقط معه· إنها بوزريعة الباردة في هذا اليوم البارد·